يبدو أن ربيع الثورات سيكبد الاقتصادات العربية خسائر لا حصر لها، في ظل إعلان مؤسسات مالية ومصرفية إقليمية ودولية عن توقعات جديدة لمعدلات النمو، تشير إلى تباطؤ منتظر لاقتصادات مصر والبحرين وتونس، وانكماش قوي لاقتصادي سوريا واليمن، بيد أنه لا توجد أرقام فعلية حتى الآن عن حالة ليبيا. يأتي ذلك بينما قال اتحاد المصارف العربية في تقرير حديث له إن من «الضروري إعلان حالة طوارئ اقتصادية عربية للحد من تأثير الأحداث السياسية الداخلية على اقتصادات الدول العربية المضطربة من جهة، وتخفيف تأثر الدول العربية الأخرى بالأزمات الاقتصادية الخارجية من جهة أخرى». تباطؤ إلى ذلك أشارت بيانات حديثة لصندوق النقد الدولي صدرت الثلاثاء إلى أن الاقتصاد المصري سيحقق معدل نمو بواقع 1.21 % العام الحالي، مقابل 5.14 % العام الماضي، وأن الاقتصاد البحريني سينمو ب1.47 % مقابل 4.086 % للفترة ذاتها، في حين سيتجمد رصيد الاقتصاد التونسي عند المستوى ذاته للعام الماضي، وبمعدل نمو بمقدار 0.07 %. ونبهت البيانات ذاتها إلى أن الاقتصادين السوري واليمني سينكمشان العام الحالي بواقع 2.022 % للأول، و2.47 % للثاني. وبالمجمل، وحسب صندوق النقد الدولي، ينتظر أن يتجمد إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة لكل من مصر والبحرين وسوريا واليمن وتونس عند رصيد 180.13 مليار دولار العام الحالي، مقابل 180 مليارا عام 2010، في وقت سيحقق فيه اقتصاد هذه الدول الخمس بالأسعار الجارية ما قيمته 408 مليارات دولار عام 2011، بمعدل نمو في حدود 8.6 % عن العام الماضي، مقابل معدل نمو بواقع 13.9 % خلال الفترة 2009 -2010 . وتوقع صندوق النقد الدولي أن تتعمق اختلالات الموازنات العامة لهذه الدول في ظل تراجع الإيرادات، مما سيدفعها نحو مزيد من الاقتراض. ضغوط وفي هذا الصدد قال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح في تصريح للجزيرة نت إنه سيكون من الضروري في ظل الاضطرابات السياسية الحالية بالمنطقة العربية، ضبط الموازنات العامة وتخفيض العجز فيها، وإعادة جدولة الأولويات في الإنفاق الحكومي من خلال التركيز على الإنفاق الاجتماعي والإنفاق المنتج، فضلا عن ضبط معدلات التضخم وأسعار السلع الاستهلاكية بشكل خاص، كي لا تترافق الأحداث السياسية مع ضغوط معيشية واجتماعية. وأضاف أنه يتوجب على الدول العربية خلق محفزات لإعادة تنشيط الطلب المحلي، عبر دفع المصارف إلى زيادة الإقراض المحلي ومن ثم رفع حجم السيولة لدفع العجلة الاقتصادية، بالإضافة إلى التركيز على ضبط العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات للحد من تسرب الاحتياطيات النقدية الأجنبية. وشدد فتوح على أهمية حماية الاقتصادات العربية من تأثيرات الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، من خلال تخفيض تركز الاستثمارات العربية في الدول الأجنبية التي تواجه مشاكل اقتصادية ومالية خطيرة، والعمل بالمقابل على تنويع استثماراتها والتوجه إلى الدول الصاعدة والنامية، ومن بينها الدول العربية. ودعا إلى رفع مستويات الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الحقيقي نظرا لانخفاض مخاطرها، مع إمكانية الحصول على عائد مرتفع على المدى المتوسط والطويل، وتنويع سلة الاحتياطيات النقدية الأجنبية، وتسريع الاندماج الاقتصادي والمالي والنقدي العربي لمواجهة الضغوط الاقتصادية بشكل جماعي.