كُتبت النصوص التي جمعها الكاتب الكولومبي الكبير كابرييل كارثيا ماركيث قصد إلقائها علنا أو في جمع ما. يتعلق الأمر بخطابات ألقاها الكاتب الحاصل على جائزة نوبل للآداب في عدة مناسبات، و تطرق فيها إلى جوانب مختلفة تخص حياته الأدبية. كما تميط اللثام عن عشقه لمهنة الصحافة، و عن قلقه تجاه الكوارث البيئية، وعن مقترحه لتبسيط النحو في اللغة الإسبانية، و المشاكل التي تتخبط فيها كولومبيا، وذكرى أصدقائه الكتاب من أمثال خوليو كورتثار و ألبارو موتيس، من بين آخرين. قرأت هذا الصباح في جريدة أوروبية خبرا يقول أنني لست هنا. لم أتفاجأ، فمن قبل سمعت خبرا يقول أن كابرييل كارثيا ماركيث أخذ أثاثه و كتبه و أقراصه و لوحات القصر التي أهداها إياه فيديل كاسترو، وأنني رابض بإحدى السفارات، و بصدد إصدار رواية فظيعة ضد الثورة الكوبية . إذا لم تعلموا ذلك، فاليوم قدعلمتموه. ربما هذا هو سبب عدم حضوري هذا المساء بمناسبة افتتاح قاعة السينما هذه التي لا تعدو عن كونها وهما بصريا، كالسينما و كل ما له صلة بها. فقد كلفتنا هذه القاعة فزعا و ريبة كبيرين، و هو الأمر الذي- من بعد خمسمائة سنة و شهر و ثلاثة و عشرون يوما من وصول كولومبوس- لا يمكننا تصديقه كحقيقة اليوم. في أوقات مختلفة من تاريخنا تحققت عدة معجزات، إلا أن واحدة كانت حاسمة: التطور العلمي المدهش للبلد. إنه حلم آخر كبير تحقق لهذه الدار. لم يسبق لأي سينما أن كان لها جيران متميزون و أسخياء كهؤلاء. فعندما كانت هذه السينما آيلة للسقوط، دق هؤلاء على بابنا ليمدوا لنا يد المساعدة، و ليس ليطلبوا منا شيئا. من أجل هذا، تشارك مؤسسة السينما الحديثة الأمريكولاتينية، الثلة العلمية بكوبا فرحتها بهذه السينما، وعلى يقين بأننا نملك الكثير لنقوله. ليس هذا بجديد، فقد أظهر سانت جون بيرس في خطابه الرائع حين تسلمه جائزة نوبل، مدى توحد و اجتماع مصادر و مناهج العلوم و الفنون. كما ترون، حتى لا أكون هنا، ليس بقليل ما بإمكاني قوله. ليت هذا الأمر يشجعني لأحضر من جديد أثاثي، و كتبي، وقصصي، وأن يأذن لنا قانون توريتشيلي بجلب لبنات أخرى لإتمام الأشغال الكثيرة التي نقوم بها كهاته لاهبانا، كوبا، 8 دجنبر 1992