من المسؤول عن الكارثة المعمارية التي حلت بمدينة وجدة؟ من سمح لأباطرة التعمير بالمدينة بالقيام بفعلتهم هاته، وبالتالي تحويل المدينة إلى كتلة إسمنتية بعيدا عن أي تصميم هندسي متجانس؟ تلك بعض الأسئلة التي تتبادر إلى ذهن كل زائر لمدينة وجدة وهو يشاهد بأم عينيه هذا المسخ المعماري الذي أصاب المدينة، ليتأكد بأن الإتاوة قد فعلت مفعولها، وبامتياز، حيث حولت فضاءات مدينة الألف بستان، كما كانوا يطلقون عليها، إلى مدينة الآلاف من المخالفات العقارية . عدد الأسر المتواجدة بالأحياء العشوائية بمدينة وجدة يتجاوز 41642 أسرة تقطن في أزيد من130 حيا عشوائيا مقاما على مساحة 984 هكتارا. وإذا كانت الحكومة قد شرعت في العمل على إعادة هيكلة هذه الأحياء في إطار استراتيجية محاربة البناء العشوائي، فإن مافيات التعمير بالمدينة مازالت تلعب لعبتها والمتمثلة في إقامة مجموعة من المشاريع السكنية بمواصفات بعيدة كل البعد عن تلك المعمول بها في المدن الكبرى. و يعرف مجال التعمير والإسكان بالمدينة مجموعة من الاختلالات، منها التوسع العشوائي للبناء الذي يرجع بدوره الى مجموعة من الاختلالات العامة التي واكبت سياسة تدبير الشأن المحلي بالمدينة، سواء من طرف سلطة الوصاية أو من طرف المصالح الجماعية، حيث يعطي المشرع لرئيس الجماعة حق الترخيص في البناء والتقييم العقاري. وهنا يمكن الحديث عن نوعية تدخلات بعض المنتخبين بالمدينة والخاضعة للضغوطات الانتخابية. ولعل أبرز مثال على ذلك سياسة إغراق المدينة بالتجزئات السكنية إرضاء لمافيات التعمير بالمدينة خدمة لحسابات انتخابية ومالية. فكيف يعقل أن تتوفر المدينة على أزيد من 30.000 بقعة مجزأة لم يتم بناؤها، ويفكر هؤلاء في إقامة مشاريع جديدة وتجزئات سكنية ؟ إنه السرطان الإسمنتي الذي بدأ ينتشر بالمدينة . تجاوزات التعمير بالمدينة لا تقتصر فقط على البناء العشوائي، بل حتى الأحياء السكنية التي تم إنشاؤها حديثا وبتراخيص من الجهات المسؤولة في بعض المناطق تفتقر إلى البنيات التحتية، والأنكى من ذلك أن يتم ترك بضعة أمتار مابين المحلات السكنية ويطلقون على تلك الممرات شوارع وطرقات، وهي لا تكفي لمرور سيارة بالكاد كما هو الحال في أحياء لازاري ! فهل تتوفر المدينة على تصميم تهيئة أم لا؟ الأكيد أنها تتوفر عليه، لكن الأمر لايتعلق بتصميم التهيئة، إنه يرتبط أساسا بمدى وعي المنتخبين وسلطة الوصاية بالمخاطر التي تتهدد معالم المدينة وهويتها ومستقبلها. إن أغلبهم لاينظرون إلى أبعد من فترة تحملهم المسؤولية ولايفكرون إلا بمنطق الربح الشخصي ومنطق الوزيعة. هكذا تتمدد مدينة وجدة من دون ضوابط ومن دون تصميم بعيدا عن أعين سلطة الوصاية قريبا من جيوب أباطرة التعمير الذين حطوا الرحال بمراكز القرار بالمدينة، مدعومين بأباطرة من نوع آخر، أباطرة هم المتحكمون في دواليب التسيير والتدبير. إنهم هناك في مدينة يقولون عنها مدينة الألف سنة والألف بستان.