نظم اتحاد كتاب المغرب فرع مراكش أمسية احتفائية تكريمية على شرف الشاعر والإعلامي مصطفى غلمان يوم الجمعة 24 فبراير 2017 برياض دار الشريفة المواسين مراكش العتيقة، بمشاركة ثلة من خيرة النقاد والباحثين الأكاديميين. افتتح اللقاء بكلمة للشاعر إسماعيل زويريق رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بمراكش أشاد ضمنها بتجربة الشاعر غلمان وعمق شعريته الموسومة بالحداثة وتوسيع الدوال اللغوية، معتبرا لغته الخاصة لغة المعنى والعمق والرؤية. وقال زويريق أن الأبعاد الفلسفية في شعرانية تجربة غلمان تجسد تأويلا استراتيجيا لمخيال فكري متغير وجوهراني. وفي تقديم الشاعر مصطفى غلمان اصطفى الشاعر والباحث والمترجم رشيد منسوم طريقة للاحتفاء بغلمان انطلاقا من نظرية إنسانيته وجنوحه للشكل الاجتماعي والصداقة الثقافية. وقال منسوم إن شعر غلمان يتحرك من داخل الذات الشاعرة وليس خارج الرؤية، حيث يتدبر الساحر في «قلق البارادايم» تنغيم الحوافز الشعرية من حيث هي دوال للإفاضة والتوق إلى الحرية. أول مداخلة نقدية كانت من توقيع الباحث الدكتور جامع هرباط الذي أثار تداخل الكتابة الشعرية في النموذج الواحد من خلال ديوان الشاعر غلمان « قلق البارادايم»، بين نصانية شاهقة تفسح المجال للتأويل وإغراء الذات بالتداعي الوجداني الأنطولوجي والرغبة في تقييد اللغة، بما هي توليد كياني يتردد في القاع السحيق للحياة المتعددة والجوهر.. في حين ذهب الناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد تنفو في مداخلته إلى هاجسية التنويع واغتراب الروح في مضمون الخطاب الشعري عند الشاعر غلمان، محددا بعض مناطق هذه السعة العرفانية لشاعر يقرأ كثيرا عن لغة الخيال وعن شعريات بعيدة ومعاصرة. محيلا إلى دافعية متناغمة والتأويل الفلسفي للحياة، مقاربا حدائق روحها في السؤال والإجابة عنه .. أما الباحث والشاعر عبداللطيف السخيري الناقد السخيري فقال إن غلمان يحوز على فعل شعري صيروري لا مثيل له، إن على مستوى الرؤية حيث تتسع الشرفات الشعرية على أكثر من مدى، مخلفة وراءها نقعا من التآويل والممكنات النصية الشاهقة. أو الإفضاء إلى تحوير البيانات المذوتة وتسويغ واقعيتها ودرجات تكريسها في الوجدان الجمعي، وهي كما يضيف السخيري قيمة مضافة لتفاعل الشاعر مع الأحداث وتأثيرات الحياة .. الباحث والكاتب الدكتور محمد أحمد مسعودي، الذي تكلف الدكتور عبد الإله كلال بقراءة ورقته نيابة عنه، فاستعار شعرانية البوح وروح التأمل من التجليات الفكرية المبهورة بالقلق والاستشكال، مخلخلا آفاق دلالاتها التصويرية المؤولة إلى ما يشه الوتر الضائع في ثلمة من الضوء المديم والمتوتر. نزوع التأمل عند الشاعر غلمان، يقول المسعودي ، يوضح ولا يغيض الرِؤية، يدبج النقاء مفردا كما ماء الوجود وعلله الأولى، غاية يضيف المسعودي ترفض المسوخ الخائنة لا تألف الأكسجين الاصطناعي، بل تثير في أنسجة مضاءاته روح التأمل وبذرته الساخية. الأمسية الشعرية الباذخة أنار دربها عود وقيتارة الفنانين المتألقين عزيز أباعلي وحسن شيكار بوقفات موسيقية من ريبيرتوار القصيد العربي الفصيح وموائد دسمة مغناة من ديوان الأصيل المغربي الراقي. فيما أنشد المحتفى به الشاعر مصطفى غلمان من شرفات قصيده الجديد تحفا من ذرات وقوده المضيء. كل ذلك في حضور نوعي لمثقفي وأدباء وإعلاميي المدينة الذين حجوا بكثافة لمعانقة شاعر جمع بين صوت الحكمة ونداء الضمير الإعلامي.