وأخيرا تتمكن السلطات المحلية، في أكبر عملية من نوعها، من خلق صدى إيجابي داخل مختلف الأوساط بمدينة الجديدة، إذ تجندت قوة مشكلة من أكثر من مائتين من أفراد القوات المساعدة والشرطة وأعوان السلطة بمختلف مراتبهم لتحرير الملك العمومي الذي صار واقعا يؤرق التجار على اختلاف أصناف محلاتهم التجارية ، مثلما يقض مضجع ساكنة الأحياء المطلة عليها أو المجاورة لها بسبب الضجيج وكثرة الصياح، مع ما يرافق ذلك من كلمات وعبارات جارحة وشائنة، إضافة إلى كون هذا الواقع صار يفرض نوعا ملحوظا لعرقلة السير والجولان بمجموعة من المواقع إن لم نقل صار يوقفها ويمنعها بالمرة، مثلما هو الحال بالمواقع المستهدفة من قبل السلطات المحلية في عملية تعتبر نوعية من حيث تنظيمها بتوزيع الأدوار ومن حيث توقيتها في الساعات الأولى من صباح الخميس، وأيضا من حيث المواقع المستهدفة كساحة الحنصالي وسوق علال القاسمي وشارع الزرقطوني باعتبارها مواقع نابضة ومراكز حيوية بقلب المدينة. وقد مكنت هذه العملية من حجز العديد من العربات التي تحولت من مجرورة أو مدفوعة إلى منصات قارة تملأ عرض وطول الفضاءات التي شكلها الباعة فوقها في فوضى عارمة استولت على مجمل الأرصفة وتجاوزتها لتحتل أجزاء كبيرة من إسفلت الشارع بما فيها أماكن ركن السيارات، حيث جرى نقل كل المحجوزات إلى المحجز البلدي بواسطة الشاحنات التي سخرتها السلطات المحلية في عمليتها هاته ، كما تم نشر عدد من عناصر القوات المساعدة والعناصر الأمنية وإقامة مجموعة من الحواجز حول بعض الأماكن التي يستغلها هؤلاء الباعة في محاولة لعدم ترك الفرصة لهم من أجل معاودة بسط سلع أخرى على ما صاروا يعتبرونه مواقع «مملوكة» لهم دون سواهم ودون إعطاء أي اعتبار لما يسمى ملكا عموميا. وتأتي هذه العملية بعدما شنت السلطات المحلية مجموعة من الحملات المتوالية والمتتابعة على مجموعة من المواقع التي صارت تشكل بؤرا سوداء، سعى من خلالها الباعة الجائلون وحتى بعض أصحاب المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم إلى محاولة فرض الأمر الواقع بتحويل الملك العمومي إلى أملاك خاصة، وشيدوا عليها خياما، بل وسيجوا البعض منها بسياجات حديدية لثلاجات فوق الرصيف مثلما هو الحال بشارع عبد الرحمان الدكالي، أو سيجوا بضاعاتهم بصناديق خشبية تحدد حدود «ممتلكاتهم» وما نالته أياديهم من الملك العمومي. كما تأتي هذه الحملة عقب تكليف باشا مدينة آزمور بتسيير شأن باشوية مدينة الجديدة بعد إحالة الباشا السابق على التقاعد، وهي الحملة التي أكدت بعض المصادر أنها ستستمر بدون أي تساهل لتحرير مجمل الملك العمومي المحتل بكل فضاءات المدينة، خصوصا وأن عملية توطين الباعة الجائلين بالأسواق النموذجية التي تعمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على فتحها ، ستكون في القريب العاجل، لا سيما أولاها المتواجدة خلف المقاطعة الخامسة مباشرة ...