تتجه أنظار الملايين من عشاق الساحرة المستديرة من كل أنحاء العالم صوب القارة الإفريقية لمتابعة فعاليات واحدة من أهم بطولات كرة القدم وأكثرها جذبا للأنظار، حيث تستضيف الغابون البطولة الحادية والثلاثين خلال الفترة من 14 يناير الحالي إلى الخامس من فبراير المقبل. وربما جاءت بداية البطولة هزيلة حيث انطلقت فعالياتها بمشاركة ثلاثة منتخبات فقط واستمر ذلك في البطولة الثانية كما شهدت البطولات الأولى بعض الارتباك في الأعوام التي أقيمت فيها البطولة. ولكن الموقف تغير سريعا لتقام البطولة بشكل منتظم كل عامين كما تضاعفت قوة البطولة بمرور الوقت وازدادت المنافسة على الوصول إلى النهائيات التي ارتفع عدد المنتخبات المشاركة فيها إلى 16 منتخبا في الوقت الحالي. وبالنظر إلى تاريخ وإحصائيات البطولة عبر تاريخها الممتد لستة عقود، نستنتج أنها لم تتوقف عند حد، وإنما كانت ولا تزال نموذجا رائعا للتطور في عالم كرة القدم كما تمثل معرضا لأبرز النجوم والمنتخبات التي تركت أثرا واضحا في تاريخ البطولة. ومرت بطولات كأس الأمم الإفريقية بعدد من المحطات الرئيسية على مدار ستة عقود وهذه المحطات هي: بداية هادئة ونجاح مصري في العاشر من فبراير 1957، كانت ضربة البداية حيث افتتح رئيس وزراء السودان السابق سيد إسماعيل الأزهري أول بطولة أفريقية للمنتخبات في حضور أكثر من 30 ألف متفرج بالإستاد، وانتهت بتتويج الفراعنة. وكان تنظيم البطولة الثانية من نصيب مصر مقر الاتحاد الإفريقي وجرت فعالياتها من 22 إلى 29 مايو بإستاد النادي الأهلي في القاهرة بمشاركة نفس المنتخبات الثلاثة، وأيضا توج المنتخب المصري وأقيمت البطولة الثالثة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بمشاركة أربعة منتخبات هي إثيوبيا ومصر وتونسوأوغندا، وفازت إثيوبيا باللقب في النهاية هيمنة غانية ولقب سوداني اختيرت غانا لتنظيم البطولة الرابعة في عام 1963، ووصلت ستة منتخبات للبطولة بعد التصفيات، وهي: تونسونيجيريا والسودان ومصر وإثيوبيا وغانا التي توجت باللقب. وفي البطولة الخامسة عام 1965 بتونس، نجحت غانا في الدفاع عن لقبها بفوزها 3/ 1 على منتخب الدولة المضيفة بعد وقت إضافي. وفي عام 1968، أقيمت البطولة السادسة بإثيوبيا وارتفع عدد المشاركين إلى ثمانية منتخبات، ووصلت زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) للمباراة النهائية أمام غانا حيث أحرز بيير كالالا لاعب زائير هدف المباراة الوحيد. وفي عام 1970، استضافت السودان البطولة السابعة ووصلت غانا للمباراة النهائية للمرة الرابعة على التوالي ولكنها خسرت أمام السودان التي أحرزت الكأس الوحيدة في تاريخها. وسط إفريقيا يترك بصمته في عام 1972، أقيمت البطولة الثامنة بالكاميرون ووصل أصحاب الأرض للمربع الذهبي ولكن رغم كل التوقعات كانت المفاجأة هي هزيمة الكاميرون أمام الكونغو برازافيل التي فازت باللقب. أما بطولة 1974 فأقيمت في مصر وفازت بها زائير وسجل فيها لاعب زائير مولامبا نداي تسعة أهداف ليتوج هدافا للبطولة ويقود منتخب بلاده إلى الفوز باللقب. أما في عام 1976، أقيمت البطولة العاشرة في إثيوبيا، وكانت المرة الأولى التي تقام فيها المنافسات بنظام المجموعات ثم الدور النهائي الذي انتهى باحتلال المغرب المركز الأول والتتويج باللقب. وفي عام 1978، أقيمت البطولة الحادية عشر في غانا وفاز أصحاب الأرض (النجوم السوداء) على أوغندا في النهائي 2/ صفر لتكون بذلك أول دولة تفوز باللقب ثلاث مرات وتحتفظ بالكأس للأبد. بداية حقيقية للعمالقة أقيمت بطولة عام 1980 في نيجيريا وأحرز نسور نيجيريا اللقب الأول لهم في تاريخ كأس الأمم الإفريقية بقيادة الهداف الكبير سايجون أوديجبامى حيث تغلب الفريق النيجيري على الجزائر 3- صفر في المباراة النهائية. وفي 1982 أقيمت البطولة على ملاعب ذات نجيل اصطناعي بليبيا واستفاد أصحاب الأرض من ذلك فصعدوا للمباراة النهائية ولكنهم خسروا 6/ 7 بضربات الجزاء الترجيحية بعد التعادل 1/ 1 في الوقت الأصلي أمام غانا. وأقيمت البطولة التالية في كوت ديفوار عام 1984 وخرجت غانا مبكرا من الدور الأول للبطولة فيما فازت الكاميرون باللقب للمرة الأولى في تاريخ الأسود بعد التغلب على نيجيريا 2/ صفر في المباراة النهائية. وشهدت مصر إقامة البطولة للمرة الثالثة على أرضها عام 1986 وتخلص المنتخب المصري من آثار هزيمته في المباراة الافتتاحية أمام السنغال صفر/ 1 ووصل للمباراة النهائية ليتوج باللقب بعد مباراة رائعة أمام الكاميرون في النهائي بركلات الترجيح. وفي عام 1988، استضافت المغرب البطولة ونجح منتخبها في الوصول للدور قبل النهائي مثل الجزائر ولكن الفريقين العربيين خسرا أمام الكاميرونونيجيريا، ليتوج منتخب الكاميرون بالبطولة في النهاية. وفي 1990، نظمت الجزائر البطولة واستغلت عامل الأرض للفوز باللقب الوحيد في تاريخها بالتغلب على نيجيريا 1/ صفر في المباراة النهائية. لقب للأفيال وآخر للنسور ومشاركة أولى للأولاد أما بطولة عام 1992 فأقيمت في السنغال بمشاركة 12 منتخبا للمرة الأولى واستطاع منتخب أفيال كوت ديفوار الفوز باللقب الأول في تاريخهم بالتغلب على غانا في النهائي 11/ 10 بضربات الجزاء الترجيحية. وفي 1994، أقيمت البطولة بتونس ولكن أصحاب الأرض خرجوا مبكرا من الدور الأول للبطولة وكانت زامبيا هي مفاجأة البطولة حيث وصلت للنهائي رغم أنها شاركت بفريق معظمه من اللاعبين الجدد بعد تحطم طائرة المنتخب الأول للفريق قبلها بفترة قصيرة، ولكن خسرت أمام نيجيريا التي توجت باللقب. ومع عودة جنوب إفريقيا للساحة الدولية بعد عشرات السنين من العزلة بسبب سياسة الفصل العنصري، استضافت بطولة عام 1996 بمشاركة 16 منتخبا للمرة الأولى في تاريخ البطولة التي شهدت انسحاب نيجيريا لأسباب سياسية ليتقلص عدد المشاركين إلى 15 منتخبا. وفازت جنوب إفريقيا بلقبها الأول بالتغلب على تونس في المباراة النهائية 2/ صفر. وجرت البطولة التالية في بوركينا فاسو عام 1998 وكانت مصر على موعد مع التتويج بالكأس الرابعة لها بعدما فازت في المباراة النهائية على جنوب أفريقيا 2/ صفر وأصبح الراحل محمود الجوهري أول من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب.