ترافع الفريق الاشتراكي ،أول أمس الثلاثاء، بمجلس النواب في الجلسة الشفوية العامة حول قطاعات الصحة والتربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر،وسجل الفريق الاشتراكي في هذه المرافعة كافة التراجعات التي طالت القطاعات المذكورة، مذكرا الحكومة بعدم إنصاتها لتساؤلات البرلمان الشفوية والمكتوبة. وفي هذا الصدد، ساءل النائب الاشتراكي عن دائرة كرسيف سعيد بعزيز، وزير الصحة عن فعالية الإنقاذ والخدامات الاستعجالية، مذكرا الوزارة بالتزامها - في برنامج عمل برسم سنة 2012 - وضع منظومة أكثر فعالية للإنقاذ والخدمات الاستعجالية على المستوى الوطني، وذلك بتأهيل المستشفيات الجهوية والإقليمية وصيانة تجهيزاتها الطبية، متسائلا عما تم القيام به إلى حد الآن لتنفيذ هذا الالتزام الحكومي، وركز النائب الاشتراكي على المستشفيات الإقليمية التي تحتاج لتجهيزات طبية وعلى أخرى دون مستوى هذا التطلع، وأعطى بعزيز المثال بالمستشفى الإقليمي لكرسيف الذي ورغم كل المجهودات التي يقوم بها الأطباء والممرضين، إلا أن النقص الحاصل في التجهيزات يبقي خدمات المستشفى دون مستوى الانتظارات، ناهيك عن المستشفى الإقليميبتازة الذي يشكل وضعه شبه المغلق ثقلا على مستشفى كرسيف الذي يحال إليه الوضع الصحي لأهل منطقة تازة،وكذلك وجدة والمناطق المجاورة، وما يشكل ذلك من مشقة للساكنة التي تعاني الأمرين، الصحة من جهة، والتنقل بمناطق ذات طرق وعرة للبحث عن ذلك من جهة أخرى،مما أفقد حياة البعض منها في ظل هذا الوضع الأليم، وفي تعقيبها إثر جواب للحكومة عن سؤال تقدمت به الأغلبية حول مشاكل المستوصفات بالعالم القروي، قالت النائبة رشيدة بنمسعود أن مناطق بالمغرب تعاني من وضع كارثي وصادم في المجال الصحي، وأعطت النائبة رشيدة بن مسعود مثالا بمدينة القصر الكبير، حيث تعتبر الصحة منسية، ناهيك عن محدودية الأطر وقلة الموارد البشرية وانعدام المعدات والتجهيزات وغياب رؤية للتدبير الصحي، حيث يوجد طبيب واحد في التوليد ، وطبيبة واحدة بالجراحة ونفس الشيء بالنسبة للتخدير، أما طب الأطفال فهو منعدم ، ناهيك عن قطاعات أخرى يتناوب الأطباء فيها على كرسي واحد ، إضافة إلى التعطل المتواصل لجهاز الأشعة ، وأضافت النائبة أنه إذا كان هذا حال وضعية الصحة في مدينة يبلغ عدد سكانها ما يناهز 26 ألف نسمة فماذا ستفعل الوزارة من أجل معالجة هذا الواقع الكارثي ؟إلا أن وزير الصحة اكتفى ،كعادته، بنفس الأجوبة التي تستمد طاقتها من ّالغالب الله»وواجه عضو الفريق الاشتراكي عبد الحق أمغار الحكومة بحقيقة علاقتها مع البرلمان، مؤكدا في عرض تساؤلاته حول الإجراءات المتخذة للقضاء على البناء المفكك للأقسام المدرسية، بالحسيمة، أن الحكومة ،وهي في آخر ولايتها، لم تف بوعودها تجاه البرلمانيين، الشيء الذي يضع ممثلي الأمة في حرج كبير أمام الساكنة ، وهو ما ذهب إليه برلمانيون من الأغلبية والمعارضة.وقال أمغار أن معاناة هيئة التدريس والتلميذات والتلاميذ من أضرار البناء المفكك للأقسام المدرسية- كما هو الحال بالنسبة لمجموعة من المدارس بإقليمالحسيمة، وتحديدا مدارس جماعات أموكزن وتاغزوت وبني بونصار وكتامة وإساكن- تشتد بفعل الإهمال الكبير لهذا الملف، الذي يخص فئات تعاني الهشاشة الاجتماعية. وهذا ما يقتضي التعجيل بتعويض هذا البناء المفكك بأقسام ذات مواصفات جديدة. مسائلا الحكومة عن الزمن الذي ستعمل فيه على تعويض البناء المفكك للأقسام المدرسية بأقسام تتوفر على مواصفات جديدة وخاصة بالمدارس المذكورة بإقليمالحسيمة. وفي جوابه، أكد وزير التربية الوطنية أن هذا البناء تم اللجوء إليه لتحقيق التمدرس بالتعليم الابتدائي، مؤكدا أن الحكومة قامت بعملية جرد شامل لهذه الحجرات ووضعت برنامجا منذ 2014 لتفكيكه، وخُصص لذلك اعتمادا ماليا قدر ب 200مليون درهم / ولتسريع وتيرة هذا الورش ، ستعتمد الوزارة ميزانيات إضافية بالتعاون مع شركاء محليين ومع قطاعات أخرى كالداخلية و الفلاحة، وأن تفكيك الحجرات المعنية بالحسيمة يدخل في زمن 2016- 2018. وفي تعقيبه قال أمغارّ» السيد الوزير هذه الوعود رددت على مسامعنا قبلا، وقد سبق للوزارة أن وعدتنا بالقضاء على البناء المفكك خلال سنتين أو ثلاث سنوات من عمر الحكومة، واليوم مرت خمس سنوات والوضع باق على حاله.» وأضاف النائب الاشتراكي عن دائرة الحسيمة ، مصححا أرقام الوزير في ضبط الحجرات التي ينبغي تفكيكها قائلا، أن 860 حجرة من معدل عشرات الآلاف بالتراب الوطني أغلبها يصل عمرها إلى أكثر من 30سنة ، وأضاف أمغار أن الغريب في الأمر أن الحكومة تقر بخطر هذه الحجرات على صحة التلاميذ والأطر التربوية، ومع ذلك تقف متفرجة على هذا الوضع، معلنا أن الفريق الاشتراكي ليس في حاجة إلى وعود أخرى وما يحتاجه هو تسريع هذا الملف في التعامل الجدي أولا، وبمستوى المسؤولية لأن الأمر يتعلق بحياة تلاميذ في عمر الزهور وبحياة أطر تحتاجها البلاد. وفي قطاع التعمير وإعداد التراب الوطني ، ساءل عضو الفريق الاشتراكي رشيد بهلول عن دائرة السطات، الحكومة عن أسباب التأخير في الإفراج عن اعتمادات صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية لتمويل مشاريع الجيل الثالث (2012/2013) .وذلك لتمويل مشاريع المراكز الحضرية بالوسط القروي ، وأعطى عضو الفريق الاشتراكي المثال بالمشروع المندمج المتعلق بتهيئة الطرق وبناء دار للولادة وتأهيل المركز الصحي بمركز جماعة رأس العين الشاوية بإقليمسطات. وفي جوابه أكد الوزير أن هناك لجنا محلية وإقليمية ووطنية لتحديد مشاريع تكون رافعة للعالم القروي، منها مشاريع تمت الموافقة عليها ورصد ميزانية لها، لكن هناك مشاريع أخرى لم تحظ بذلك، من طرف وزارة المالية لأن هناك رؤية جديدة متعلقة بصندوق تنمية العالم القروي، مؤكدا أن اجتماعات تمت مع وزارة المالية، ووزارته تنتظر الإفراج عنها خلال الشطر الأخير من الاعتمادات، وأن المشاريع التي تحدث عنها النائب رشيد بهلول تدخل في هذا الإطار. وفي تعقيبه، ذكر بهلول بالآثار السلبية لهذا التأخر على الساكنة والمنطقة وعلى التزامات الشركاء، لأن التخوف يكمن في عدم التزام هؤلاء الشركاء، مما ينذر بالعصف بهذه المشاريع . وقال سؤال الفريق أن وزارة التعمير وإعداد التراب أعدت برنامجا للاستفادة من دعم صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية (مشاريع الجيل الثالث 2012/2013) والذي هم المراكز الحضرية بالوسط القروي. وقد تم انتقاء المشاريع وإعداد اتفاقيات شراكة لتنفيذها. إلا أن الملاحظ أن البعض منها لم ير النور بعد، بسبب عدم المصادقة على الاتفاقيات المتعلقة بها وكذا عدم الإفراج عن اعتمادات الصندوق لتمويلها.وفي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ساءل عضو الفريق الاشتراكي محمد باجالات الحكومة حول استبعاد حاملي شهادة الباكلوريا من إقليمتارودانت، من التسجيل بكلية الطب والصيدلة باكادير لموسم 2016 – 2017.وقال النائب محمد باجلات أنه بعد انتظار طويل وانخراط كلي لجميع مكونات الجهة من أجل إحداث وإنجاز كلية الطب والصيدلة باكادير ، تصاب مئات الأسر والتلاميذ بإقليمتارودانت بالخيبة من جراء إرغامكم الطلبة على مزيد من المعاناة المادية والمعنوية و ذلك بمواصلة التسجيل بكلية الطب بمراكش ، عكس بقية زملائهم بجهة سوس– ماسة ، مما خلف إحباطا وتذمرا بسبب هذا الاستبعاد لبنات وأبناء أهالي إقليمتارودانت . متسائلا باسم الفريق الاشتراكي عن حيثيات هذا القرار الانتقائي والمنافي لانتظارات الجهوية الموسعة، والملغي لمبدأ القرب في الخدمات العمومية. وفي جوابها أكدت الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، جميلة المصلي أن الأمر لا يتعلق بإقصاء أو استبعاد بل هو إتاحة الفرصة للاستفادة من كليتي أكاديرومراكش، تاركة التركيز على الجهة موضوع السؤال، لتتحول إلى التنويه بالحكومة، في ما سمته مجهودا في القطاع،وفي تعقيبه قال باجلات أن الحكومة» نغصت» فرحة النجاح على أسر أبناء جهة سوس ماسة درعة، مؤكدا أن مئة مقعد سيتبارى عليها أبناء الجهة، وهذا ليس مثل التباري على 350 مقعدا بجهة مراكش، داعيا إلى النهوض بجهة سوس التي تعتبر استراتيجية على خارطة الوطن. وفي إحاطة الفريق الاشتراكي بقطاع الهجرة ، قال النائب الاشتراكي محمد الملاحي عن دائرة تطوان أن إحاطة الفريق الاشتراكي جاءت في ظل الأزمة التي تعرفها أوروبا وخاصة اسبانيا حيث يعيش أفراد الجالية المغربية أزمة حادة انعكست سلبا على كافة الفئات العمرية، وأضاف الملاحي أن الاتحاد الاشتراكي كان ينتظر من الحكومة أن تهب لمساندة ودعم مغاربة العالم الذين تراكمت محنهم جراء الأزمات الاقتصادية التي ألقت بظلها على استقرار جاليتنا في بلدان الاستقبال، كما كان الاتحاد ينتظر من الحكومة أن تعمل على آليات ولجن ميدانية لاستقبال مغاربة العالم في ديار المهجر ومساعدتهم من أجل التغلب على مشاكل يعانونها وإيجاد حلول من شأنها أن تصون كرامتهم، وذكر الملاحي بمشاكل أخرى تربوية ودينية غاب فيها التأطير مما أدى إلى تطرف أبناء جاليتنا،و تورطهم في مختلف الانحرافات، مركزا على حالات حية من مناطق في اسبانيا تفتقر للأطر التربوية،كما لم يفت عضو الفريق الاشتراكي أن يذكر بفاجعة غرق مهاجرين سريين في البحر الأبيض المتوسط كان من بينهم مغاربة، ذكرت أسماء ثمانية منهم من كرسيف، ناهيك عن أسماء أخرى من أقاليم مغربية أخرى. متسائلا عن صمت الحكومة إزاء هذه الفاجعة التي خرج أهل ضحاياها اليوم، احتجاجا على هذا الصمت وعلى عدم مساعدتهم للانتقال إلى شواطئ ليبيا وإيطاليا للتعرف على جثت أبنائهم. وبالجلسة الشفوية، أول أمس بمجلس المستشارين، ساءل محمد علمي، رئيس الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية الحكومة، حول تفاقم الديون الخارجية ،وهل تملك هذه الأخيرة رؤية أو برنامجا واضحين على مستوى تقوية القدرات الاقتصادية للدولة قصد التحكم في الديون الخارجية من جهة، و التمكن من تسديدها من جهة أخرى، وقال العلمي أن الحكومة لجأت -وللأسف الشديد- إلى إجراءات وتدابير تشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات المحققة، بسبب القرارات المتسرعة والمبادرات المحمومة، مما سيسهم في تأزيم الوضع الاقتصادي للبلاد، ورهن الاقتصاد الوطني في يد المؤسسات الدولية الكبرى والنوادي المالية المانحة، وهذا الأمر يمس في العمق الرصيد المهم من المكتسبات والإنجازات التي تحققت خلال العشرية الأخيرة، كما أن الاقتراض العمومي بلغ معدلات مقلقة تنذر بأخطار على التركيبة المالية للدولة وانحدار تصنيف المديونية، لاسيما أن نسبة الدين العام فاق 60% من الناتج الداخلي الخام، وأردف العلمي أن سقف 60% محرمة حسب مقتضيات انضباط الموازنة المقدمة في اتفاقية ماستريخت (Maastricht) لسنة 1992، والتي تؤكد أن تجاوز الاقتراض لنسبة 60% من الناتج الداخلي الخام يفتح الباب أمام تدخل صندوق النقد الدولي في الإدارة الاقتصادية عبر برامج للتقشف تكبح النمو. وأكد أن هذا الارتفاع يفسر الحصول المتعاقب على قروض. وذكر في هذا الصدد، بقيمة الخط الائتماني لصندوق النقد الدولي التي بلغت 6،2 مليارات دولار، و قرض البنك الأوروبي للاستثمار بقيمة 440 مليون أورو، وقرض البنك الإفريقي للتنمية بقيمة 171 مليون أورو. مضيفا أن مسألة الاقتراض تميط اللثام عن إشكال تدبيري للحكومة المغربية، إذ يجب توظيف القروض في استثمارات استراتيجية تلعب من خلالها الدولة دور المقاول المحفز لقطاعات اقتصادية بعينها، وكذا المحفز على التنافسية بسياسة للاقتراض تستفيد من الرافعة المالية، عكس ما تقوم به من استغلال القروض في تغطية عجز الموازنة. وتابع عضو الفريق الاشتراكي أن الحكومة سعت للبحث عن الحلول السهلة للهروب من أزمتها وذلك عبر اللجوء إلى المزيد من الاقتراض ورهن مستقبل الأجيال القادمة بمديونية خارجية ثقيلة، حيث فاق حجم المديونية اليوم أكثر من 63 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وستصل إلى 67 في المئة سنة 2016، وأدى اختيارها هذا إلى ارتفاع حجم دين الخزينة من 440،0 مليار درهم سنة 2011 إلى 494 مليار درهم سنة 2012 ثم 586،6مليار درهم سنة 2014 ، ومن المتوقع أن يصل 723 مليار درهم في أفق سنة 2016 . ومثلت هذه المبالغ نسبا من الناتج الداخلي الخام تصل 52، 5 % سنة 2011 و 58،2 %سنة 2012، ثم 63،4% سنة 2014 لتناهز 67 % سنة 2016. وأضاف العلمي أنه بالنظر إلى تحملات فوائد دين الخزينة، فقد انتقلت من 18،6مليار درهم سنة 2011 إلى 20،7مليار درهم سنة 2012 لتصل 25،7 مليار درهم سنة 2014، ومن المتوقع أن تبلغ 29 مليار درهم سنة 2016. وأكد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب أن كل هذه المؤشرات، المرتفعة باستمرار، نتيجة لنهج هذه الحكومة، تمس فعلا هامش السيادة الوطنية في اتخاذ القرارات الاقتصادية والسياسية على المدى المتوسط أو البعيد. وستكون هذه الحكومة مسؤولة على أية صعوبات من هذا القبيل قد تعترض بلادنا مستقبلا. ومجمل القول، رأى الفريق الاشتراكي أن المنجزات القائمة للحكومة تبقى مصطنعة أو شبه وهمية،لا تتوفر على أسس اقتصادية، لأنها غير متسمة بالديمومة،كما تخبئ أزمات عميقة.