قدمت حكومة البحرين، الاثنين، تطمينات حول ملف لإصلاح نظام التقاعد، أثار نقاشا واسعا منذ مدة، وتمت خلاله مطالبة الجهات المعنية بتوضيح موقفها منه، والبرلمان بتحمل مسؤوليته حياله ،بالنظر إلى ما قد ينجم عنه من مساس بحقوق ومكتسبات المتقاعدين. وأكد رئيس الوزراء، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أن «حقوق المتقاعدين محفوظة والمكتسبات التي حققتها الحكومة لهم مصانة» مشددا على أن جهود الحكومة مستمرة في إيجاد الخيارات التي تسهم في ديمومة الصناديق التقاعدية وإطالة أعمارها. وأثنى رئيس الوزراء، خلال ترؤسه الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، على «الدور الذي يضطلع به المتقاعدون في بناء الوطن والإسهام في تنميته». كما دعا رئيس الوزراء، لدى استقباله، الاثنين، عددا من أعضاء السلطة التشريعية، إلى «عدم الانجرار خلف بعض القضايا التي تطرح ويتم التعامل معها على أساس أنها مسلمات»، مبرزا أن سياسات الحكومة وإستراتيجيتها في أي أمر يتم التعامل معها بكل شفافية. وأكد حرص الحكومة على الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين والحفاظ على المكتسبات التي تحققت لهم في مختلف المجالات الخدمية والحياتية والتي «لن تمس بفضل التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بل العمل سيكون على تطويرها وتنميتها». وأثار موضوع إصلاح نظام تقاعد موظفي الدولة جدلا واسعا بالمملكة، بعد ما اعتبر تلميحا من قبل وزير المالية إلى إمكانية مراجعة هذا النظام، وبعد أن كشف أحد النواب عن سيناريو يقوم على رفع السن التقاعد من 60 إلى 65 عاما، وإلغاء نظام التقاعد المبكر، ونظام شراء سنوات الخدمة، وتقليل نسبة احتساب سنوات الخدمة. وفي غضون ذلك، جرى الحديث عن إعادة النظر في موضوع مكافأة نهاية الخدمة، إما بإلغائها أو تقسيطها شهريا، إلا أن رئيس الوزراء، أعلن عن تطمينات في هذا الشأن، حيث أكد مؤخرا أنه لن يتم المساس بهذه المكافأة. وبرزت هواجس ومخاوف مع حديث راج حول أن المشروع قائم وأعدت بشأنه دراسات تنفيذية من جهات الاختصاص، ومع نشر تقرير لهيئة التأمين الاجتماعي عن الدراسات الاكتوارية أكدت فيه ضرورة البدء في إجراء إصلاحات للأنظمة التقاعدية والتأمينية القائمة، موضحة أن السيناريوهات المقترحة تهدف إلى استدامة الصناديق وتحسين أوضاعها المالية والحد من زيادة العجز الاكتواري. وأوردت تقارير صحيفة تفاصيل حول نظام التقاعد الجديد، منها أن احتساب سنوات الخدمة سيقلل من ما هو معمول به حاليا (2 في المئة)، إلى (1.8 في المئة)، حيث إذا عمل الموظف 20 عاما سيحصل على راتب تقاعدي يقدر بنحو 36 في المئة من راتبه، وليس 40 في المئة كما هو معمول به حاليا. ولو عمل مدة 40 عاما فلن يحصل على راتب تقاعدي يعادل ما نسبته 80 في المئة من راتبه خلال فترة عمله، بل سيحصل على 72 في المئة. كما أشارت التقارير إلى طرح زيادة الاشتراكات التأمينية على الموظفين، حيث ستصل إلى 8 في المئة، بدلا من 6 في المئة حاليا، فيما ستقل الاشتراكات التأمينية التي تدفعها الحكومة عن الموظفين، وستصل إلى 10 في المئة، بدلا من 12 في المئة التي تدفعها الآن. وأشاد كتاب رأي، يوم الثلاثاء الماضي، بالتطمينات التي أعربت عنها الحكومة حيال الموضوع، بعد بروز مخاوف لدى الموظفين على حقوقهم ومكتسباتهم التقاعدية، مشيرين إلى أنها تطمينات تجاوبت مع ما تطرحه الصحافة من توجسات حول هذه الحقوق، أو النية في إصدار تعديلات على قانون التقاعد. وقال الكاتب الصحفي، هشام الزياني، في مقال بجريدة (أخبار الخليج) إنه من حق الموظفين في القطاعين العام والخاص أن يخشوا على حقوقهم التقاعدية، «خاصة مع تلميحات من وزراء (..)»، وأن من حق الموظف الذي يخصم من راتبه مبلغ قبل التقاعد أن يحصل على راتب «محترم»، منتقدا كون «البعض يريد أن يأخذ من امتيازات الموظفين العاملين لسنوات طوال باسم تحديات جديدة». وشدد الكاتب على أن «فزاعة» التقاعد التي «يستخدمها البعض من أجل ترويع الموظفين يجب أن تتوقف»، قائلا إن البحرينيين يعربون عن شكرهم وتقديريهم لرئيس الوزراء على «مواقفه وتأكيده على حفظ حقوقهم التقاعدية». ومن جانبها، أبرزت الكاتبة الصحفية، طفلة الخليفة، في مقال بذات الصحيفة، أن اللجنة التنسيقية للكتل النيابية رفضت المساس بمكتسبات المتقاعدين التي هي حق أصيل ينتظرونه لضمان مستقبل أفضل لهم ولأسرهم، مشيرة إلى أن اللجنة دعت إلى أن يتم الإفصاح بكل شفافية عن كل الخطوات التي ستتخذها الحكومة بهذا الشأن، وخصوصا مع «اللغط» الحاصل بشأن الملف. وتساءلت عما إذا كانت فئة المتقاعدين، الفئة الأضعف في المجتمع وآخر فئة حصلت على بعض الامتيازات، هي أول الفئات التي تخسر هذه الامتيازات؟، موضحة أن المتقاعدين كانوا ينتظرون أوضاعا تقاعدية أفضل حين «خرجت عليهم الشائعات وبعض التصريحات الغامضة عن مراجعة قوانين التقاعد، مما عرضهم للإحباط والمعاناة والقلق بشأن ما يمكن أن يحدث لهم». وفي خضم النقاش الذي دار حول الموضوع، طالب العديد من كتاب الرأي الدولة بدراسة أبعاد أي مراجعة لنظام التقاعد، معتبرين أنه إذا كان مشروع الإصلاح يروم تقليل وترشيد النفقات في ظل العجز الذي تعاني منه ميزانية الدولة، فإن ثمة حلول أخرى كثيرة، غير تلك التي تمس حقوق الموظفين، داعين إلى تحريك مقترح نيابي بشأن إقرار مشروع قانون لتحصين مزايا المتقاعدين. واعتبروا أنه ليس من النجاعة «الإضرار» بحقوق المواطنين من أجل «التعويض» في ملفات أخرى كالميزانية والدين العام، ذلك أن المواطن ليس مسؤولا عن أية تراجعات أو إخفاقات بشأن بعض السياسات والمشاريع، مشيرين إلى أن الكثير من الموظفين اتصلوا بالصحافة لعلهم يحصلون على نصيحة أو استشارة، ولكنهم لم يجدوا ضالتهم عند أحد.