ترافع الفريق الاشتراكي في الجلسة الشفوية المنعقدة بقبة البرلمان أول أمس الاثنين 17/5/2016 في قضايا اجتماعية هامة، شكلت أسئلة قلقة في قطاعات الصحة، والتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، والتربية الوطنية وتكوين الأطر. وكان الفريق الاشتراكي بمجلس النواب قد تداول مختلف هذه القضايا، واقفا عند أقاليم وجهات، وصلت فيها الهشاشة الاجتماعية -المرتبطة بخدمات القرب خاصة كالصحة والتعليم والسكن والنقل- حد التباعد الفعلي بين مغربين، مغرب نرسم معالمه الكبرى بدستور 2011 في الدفاع عن التفعيل الإيجابي لمضامينه، ومغرب يشكل فيه التراجع الكبير في عهد الحكومة الحالية انفتاحا على المجهول، بالهدم الحقيقي لكافة الأوراش التي ضاعت فيها خطوات التأسيس للمغرب التنموي الديمقراطي المتوجه للمستقبل بنفس الخصوصية الإقليمية والجهوية في المحيط الدولي. في هذا الصدد، عكست أسئلة نواب الفريق الاشتراكي هذا القلق، حيث اختار عضو الفريق الاشتراكي محمد أبركان الاحتكام إلى لغة لسانه الأمازيغي، كي لا تخونه اللغة العربية مرة أخرى، من أجل رسم ملامح المعاناة الحقيقية للمواطنين والمواطنات، من مضاعفات الخصاص الكبير الذي تعاني منه أغلبية المستشفيات ببلادنا في الأطباء العامين والأطباء المتخصصين والممرضات والممرضين. واستحضر عضو الفريق الاشتراكي محمد ابركان عن دائرة الناظور، ما تقاسيه ساكنة هذا الإقليم من نقص حاد في هذا الجانب، مؤكدا أن مؤسساته الاستشفائية تستقبل عددا كبيرا من قاطني الجماعات المجاورة والذين لا يلقون العناية اللازمة نظرا لقلة الموارد البشرية الضرورية بل وغيابها في حالات متعددة. ووقف عضو الفريق الاشتراكي عند الانعكاسات الخطيرة لهذا الوضع، على سلامة وصحة المواطنين دون استثناء، وما يتكبده مواطنو هذا الإقليم كما أقاليم أخرى في المغرب من مصاريف التنقل صوب المستشفيات المتوفرة على خدمات صحية متعلقة في غالب الأحيان بقضية حياة أو موت، مما يزيد إرهاقهم وتعقيد أحوالهم، وهم في الغالب من الفئات الاجتماعية الضعيفة. وفي جوابه اعترف الوزير بهذا الوضع دون الإجابة عن سؤال النائب الاشتراكي، الذي كان تواقا إلى معرفة الإجراءات التي ستتخذ لسد الخصاص في الموارد البشرية وخاصة منها الأطر الطبية داخل المستشفيات العمومية في بلادنا بصفة عامة وبإقليم الناظور بصفة خاصة، واكتفى الوزير الحسين الوردي، بالقول أن العدل غائب في هذا الصدد بين المدن والقرى وأن 45 في المئة من الموارد البشرية في قطاع الصحة تتواجد بالمدن، في حين تظل النسبة في حدود 24 في المئة بالنسبة للقرى. وفي نفس السياق، وضع عضو الفريق الاشتراكي عن دائرة بني ملال عبد الرحمان فضول، وزير الصحة الحسين الوردي أمام التزامات الحكومة بتحسين الخدمات الصحية، والتي دونتها المذكرات التي صاحبت قوانين المالية أو عبر الإجابات التي جاءت على لسان الوزير في القطاع المعني، متسائلا عن مصيرها، وهل هناك إجراءات كفيلة للوفاء بها، خصوصا وأن الحكومة على مشارف نهاية ولايتها. و في إجابته على سؤال النائب عبد الرحمان فضول ، قال الوزير أن الأمر يتعلق بالمناصب المالية وبالتكوين والمباريات الجهوية، مؤكدا أن الالتزام سيتحقق تدريجيا، دون أن ينفي حجم تدهور قطاع الصحة، خاصة في العالم القروي الذي مازالت الوزارة متعثرة فيه. وفي تعقيبه قال عضو الفريق الاشتراكي أنه يثمن اعتراف الوزير بحجم معاناة المواطنين من تردي الخدمات الصحية ، محيلا الوزير على واقع المستشفى الجهوي ببني ملال، الذي يعكس صورة مأساوية حقيقية لهذا التردي، مطالبا إياه بزيارة ميدانية للوقوف عند معضلة الصحة في بني ملال، مؤكدا أن المريض والمعتقل وجهان لصورة واحدة في هذا الإقليم. وجدد فضول تذكير الوزير بتعاقد الوزارة مع الممرضين المتدربين بثمن رمزي قدره ألفين وخمسمائة درهم، والذي يعكس بحث الوزارة على التقشف على حساب صحة المواطن، منتقلا للحديث عن أزمة انتظار المواطنين لمواعيد الخضوع للعلاج، واضعا الرأي العام أمام كارثتها، حيث رصد النائب مواعد أعطيت لمريض مؤجلة إلى 2017، وخاصة في أمراض العيون والشرايين والحنجرة. وحول إحداث مركز استشفائي جامعي بعمالة المحمدية، أكد المهدي المزواري أن ساكنة المحمدية مازالت تنتظر برمجة إحداث مركز استشفائي جامعي بعد أن وفرت عمالة المحمدية وعاءً عقاريا هاما يقدر ب 17 هكتار لإنجاز هذا المرفق الحيوي والذي يتوقع أن يستوعب 700 سرير على الأقل، وساءل عضو الفريق الاشتراكي الوزير عن موعد إحداث هذا المركز، بعد أن تم استيفاء مسطرة نزع الملكية لجميع مراحله، من أجل تمكين ساكنة عمالة المحمدية والجماعات المجاورة لها من الولوج إلى الخدمات الصحية والعلاجية الضرورية، مؤكدا أن الأمر متوقف فقط على برمجته من طرف وزارة الصحة، وفي هذا الصدد قال حسين الوردي أن مستشفى المحمدية يعود إلى 1953، وأن إصلاحه يستعصي، لهذا فبناء مستشفى جديد ضرورة، وأن وعاءه العقاري سيكون في غضون شهر، وأن تكلفة بنائه موضوعة لدى المندوبية الجهوية للوزارة. وساءل عضو الفريق الاشتراكي رشيد بهلول عن دائرة سطات ،وزيرة التضامن و الأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية حول الالتزام الحكومي بتحسين الرعاية الاجتماعية، غير أن الوزيرة بدت غير مستعدة للجواب، داعية النائب الاشتراكي إلى الدعوة لعقد اللجنة المختصة لتدارس وتقديم برامج في الموضوع، مما دفع عضو الفريق الاشتراكي إلى القول في تعقيبه ، أن هذا القطاع الحيوي ينتظر من الحكومة تنفيذ التزاماتها بتحسين وتجويد خدماته إلا أنه- والحكومة مشرفة على نهاية ولايتها- يبدو أن المؤشرات لم تراوح مكانها، مؤكدا أن قطاع الرعاية الاجتماعية يعرف خصاصا كبيرا على مستوى بنيات استقبال الفئات التي تعيش في وضعية هشاشة وإقصاء، ناهيك عن مشاكل أخرى مرتبطة أساسا بعدم التزام بعض الجمعيات المسيرة بدفاتر التحملات، وضعف المنحة المخصصة من طرف الوزارة خاصة منها الموجهة للمؤسسات التي توجه خدماتها للتلاميذ والطلبة ، فضلا عن مؤسسات العجزة والمشردين والأطفال المهملين، أو انعدامها بإقليم السطات على سبيل المثال، مطالبا الوزارة بتحمل مسؤولياتها إزاء هذا الوضع . وفي تعقيبه عن سؤال تقدمت به إحدى فرق الأغلبية حول الخصاص في الموارد البشرية، في قطاع التربية والتعليم والتكوين المهني، قال النائب الاشتراكي عن دائرة جرادة المختار راشدي، انطلاقا من جواب الوزير في القطاع الذي قال أنه:" للتغلب على الخصاص في الموارد البشرية في قطاع التعليم ينبغي على مجلس النواب دعم الحكومة"، أن الفريق الاشتراكي من موقعه في المعارضة يدعم هذا الجانب، ويقوم بتعديلات للرفع من مناصب الشغل ، ولكن الحكومة تقف ضد ذلك، مضيفا " فعشرة آلاف أستاذ التي خلقت الحكومة حولها ضجة، وجعلت الأساتذة المتدربين يحتجون مدة زادت عن خمسة أشهر في الشوارع العامة، ألا تدري الحكومة أنهم يساهمون في سد الخصاص.." وأضاف عضو الفريق الاشتراكي أن هذا الدعم المرتبط بالدفاع عن هذه الحلول، لم يقم به البرلمان لوحده، بل البرلمان ومعه الأحزاب السياسية والنقابية والمجتمع المدني ، مؤكدا أن المرسومين اللذين أتت بهما الحكومة لضرب التعليم، عليها أن تعالج فيه منزلقاتها، وأنه لا يعقل أن تأتي الحكومة في آخر الولاية لتطالب البرلمان بدعمها. فهناك خصاص مهول وعليكم –يضيف المختار- معالجة الإشكاليات الكبرى، في سد الخصاص وفي الاكتظاظ وفي كافة الارتباكات التي لن تزيد إلا في تردي المنظومة التعليمية.