تقاس درجة حضارة و تطورالشعوب بمستوى التعليم فيها. فلا نهضة بدون تعليم راق. حيث يبقى التعليم هو الحد الفاصل بين التقدم و التخلف. لكن يظل الإشكال المطروح حاليا، في سؤال صادم يكشف عن نفسه. كيف لم تستطع المدرسة عبر سنوات من التعليم أن تشكل قطب جذب و تأثير في ذهنية و شخصية المتعلمين، لكن بالمقابل تنجح جماعات إرهابية متطرفة في استقطاب النشء ؟ هل المشكل يكمن في نظامنا التعليمي الذي يقوم على التلقين و التحفيظ بدل التفكير؟- رغم تبني المغرب للمقاربة بالكفايات التي اعتبرت المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية حيث إن عملية تفعيلها على أرض الواقع تبقى محدودة - مما يؤدي إلى تنميط عقل الناشئة بقالب جامد، وبالتالي يخلقُ جيلاً كسولاً، اتكاليا غيرَ قادر على الابتكار و لا النقد؛ فيقبل الأفكار الجاهزة بدون تمحيص. المدرسة من خلال ما سبق ستكرس« الانقياد » فوق «التفكير» مما سيجعلها تمثّل بؤرةَ ظلام تُفرّخُ الجهل وتُصدّره. فتفسد تركيبة الطفل النفسية وتربك برمجته العقلية يرى «محمود أمين العالم« في هذا الصدد أن العقل العربى، كأي عقل فى العالم، يمتلك القدرةَ على الإبداع والكفاءة والتقدّم، ولكن ظروفًا بعينها تجعله متخلفًا عن الركب. فهو ليس متخلفًا فى ذاته، ولكن الظروف تمنعه من التحرك. خلفية فكرية من هذا القبيل لايمكنها البتة تلبية الأهداف المتوخاة من عملية التعليم بقدرما تخلق حالات شاذة في المجتمع فتصبح المدرسة مجرد مجال لإنتاج أفراد منقادين يسهل استدماجهم كما قلنا من لدن الفكر المتطرف. المدرسة التي لا تشكل فضاء لتمثل قيم حضارية، و إنسانية كاحترام الآخر، ومحاربة العنصرية والطبقية والطائفية والتنابذ بالعرق واللون والعقيدة فكيف ننتظر منها إنتاج كائن مستنير بفكره، مفكر بطبعه، منتقد بسليقته لا يقبل الأفكار إلا بعد غربلتها و تمحيصها كائن يبني جسور حياته خارج السِّرب، و يقشِر عنه حُجُب الجهل. إنسان يحترم اختلاف الغريب حسب تعبير جوليا كريستيفا. بل الأجدر بنا انتظار سلوكات تتعارض مع العقل، والفطرة الإنسانية السليمة إذ بمرور السنوات، سيفقدُ الطفلُ إنسانيته، فيتحوّل بالتدريج إلى كائن جهول، عنصري، كسول، مُدمِّر وتبعي. أخيرا يمكن القول إن الكتابة السوسيولوجية العربية ميزت بين تربية مقصودة، و تربية غير مقصودة هذا النوع الأخير ارتبط أساسا بالمجتمعات البدائية أما التربية المقصودة فهي نتاج التطور الذي عرفه المجتمع البشري و كما أن التربية المقصودة لها أهمية في النهوض بالفرد و المجتمع كما يقول ڤيكتور إجيو أن «مَن يفتح باب مدرسة بيد، يُغلق باب سجن باليد الأخرى» فإن ذلك لا ينفي تأثير القنوات الموازية في التنشئة الاجتماعية كالإذاعة و التلفزيون و الأسرة و الأقران .... لما لها من أهمية في تكوين شخصية متزنة و فكر سليم ينبذ التطرف و التعصب و العنف.