لأول مرة مند أربع سنوات يتوقع أن تنتهي السنة على ارتفاع في استهلاك الإسمنت. فبعد أن انخفض استهلاك الإسمنت على التوالي بنسبة 1.6 في المائة في 2012 وبنسبة 6.4 في المائة في 2013 وبنسبة 5.4 في المائة في 2014، يتوقع مهنيو الإسمنت أن تنهي مبيعات القطاع السنة الحالية بارتفاع في حدود 1 في المائة على الأقل. غير أن هذا الارتفاع لا يعتبر مؤشرا على تعافي قطاع البناء والأشغال العمومية من الأزمة التي يتخبط فيها بقدر ما هو ناتج عن عوامل عرضية على رأسها وقع الانتخابات البلدية التي جرت خلال شهر شتنبر الماضي، في مرحلة أولى، ووقع تسريب عزم الحكومة على فرض رسم على بناء السكن الشخصي ضمن قانون المالية 2016 خلال مرحلة ثانية. وتجلى وقع الانتخابات البلدية في الارتفاع القوي لمبيعات الإسمنت خلال شهر غشت الماضي بنسبة 17.2 في المائة مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، وذلك بعد ارتفاع بنسبة 4.3 في المائة خلال شهر يوليوز. ويرى المحللون أن هذا الإرتفاع الغير العادي ناتج عن إقدام رؤساء الجماعات على إطلاق أشغال في الأسابيع الأخيرة لولايتهم قبل إجراء انتخابات المجالس الجديدة. وعادت مبيعات الاسمنت خلال شهر شتنبر إلى تطور عادي يعكس الأزمة الخانقة التي يمر بها القطاع العقاري وقطاع البناء والأشغال العمومية، إذ نزلت مبيعات شهر شتنبر بنسبة 21.2 في المائة مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، عاكسة بذلك إحجام الشركات العقارية عن إطلاق مشاريع جديدة وتجميد المشاريع الكبرى للسكن الاجتماعي. غير أن مبيعات الإسمنت سرعان ما ستعرف موجة صعود جديدة خلال شهر أكتوبر، لترتفع بنسبة 18.5 في المائة مقارنة بمبيعات نفس الشهر من العام الماضي، لكن هذه المرة تحت تأثير تسريب عزم الحكومة فرض رسوم على بناء السكن الشخصي في إطار ميزانية 2016، الشيء الذي دفع العديد من المواطنين إلى تسريع وتيرة البناء لإنهاء مشاريعهم قبل دخول الرسم المتوقع حيز التنفيذ. ويتوقع المحللون أن ترتفع حصة البناء الذاتي للسكن الشخصي هذه السنة في استهلاك الإسمنت إلى نحو 60 في المائة، أمام التراجع الكبير لاستهلاك الشركات العقارية المهيكلة والمشاريع الحكومية. ومع استمرار هاجس الضغط الضريبي الجديد، وملاءمة الجو يرتقب أن تستمر وتيرة ارتفاع مبيعات الإسمنت خلال شهر نونبر مقطورة بمشاريع البناء الذاتي، لتنتهي السنة الحالية بارتفاع طفيف بعد أن نزل الاستهلاك الوطني للاسمنت على مدى ولاية الحكومة الحالية، من 16 مليون طن في 2011 إلى 12 مليون طن فقط نهاية 2014. وقال أحمد بوحولي، المدير التنفيذي للجمعية المهنية لصناعة الإسمنت، للاتحاد الاشتراكي "في حالة استمر الجو الصحو والملائم خلال الشهر الأخير من العام نتوقع أن ننهي السنة بزيادة تدور حول 1 في المائة". ومن جانبه يرى ابراهيم العراقي، رئيس شركة اسمنت تمارة، أنه "لا يوجد أي مؤشر جدي على عودة النمو لمبيعات الإسمنت مع استمرار تجميد الشركات العقارية الكبرى لمشاريع البناء، وإعطائها الأولوية لبيع المخزون من الشقق المنتهية بدل الشروع في بناء مشاريع جديدة". وتوقع العراقي، في تصريح للاتحاد الاشتراكي، أن يعود النمو لمبيعات الإسمنت في 2017 مع تعافي القطاع العقاري. وأضاف «ما نحتاج إليه في القطاع هو سياسة عمومية واضحة وإرادية وطموحة. نحتاج إلى نوع من المخطط الأخضر في المجال العقاري والسكني حتى نتوفر كمستثمرين في صناعة الإسمنت على وضوح في الرؤية والتطلعات».