جمع وزير الصحة الحسين الوردي، شهر أبريل الفارط عددا من الفاعلين في لقاء وطني بهدف تشجيع المغاربة على التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، بعدما تبيّن ومن خلال الممارسة الميدانية على أن زراعة الأعضاء والأنسجة في المغرب تبقى ضعيفة مقارنة مع الدول المجاورة والدول المتقدمة، إذ بين سنتي 2012 و2014، تم تسجيل 125 عملية لزرع الكلي، و5 عمليات لزرع الكبد، في حين تشير الأرقام المسجلة في فرنسا إلى إجراء 9105 عملية لزرع الكلي، و3181 عملية لزرع الكبد، إضافة إلى كون نسبة المتبرعين المغاربة من بين المانحين الأموات لاتتجاوز 0.4 لكل مليون شخص في المغرب مقابل 24.8 في فرنسا. وضع مثير للقلق بالنظر إلى أعداد الموتى الذين يغادرون الدنيا سنويا، والذين يكون بالإمكان إنقاذهم ومنحهم فرصة لحياة أخرى أفضل لو توفر لهم عضو من الأعضاء التي يعانون من علّتها المزمنة التي تعجّل برحيلهم، وبالنظر إلى نسبة الخصاص المسجّلة إذ يتعين لتلبية حاجيات المواطنين في مجال زرع الأعضاء والأنسجة، تحقيق إنجاز سنوي يتمثل في إجراء أكثر من 1000 عملية زرع قرنية، و 250 عملية لزرع الكلي، إضافة إلى 300 عملية لزرع نخاع العظام، والحال أنه وإلى غاية شهر أبريل الفارط تم تسجيل 16 عملية نقل متعددة الأعضاء من مانحين في حالة موت دماغي، الأمر الذي لا يمكّن من الاستجابة لحاجيات المواطنين ومواكبتها، لذلك لابد من العمل على دعم أخذ الأعضاء والأنسجة البشرية في حالة الموت الدماغي وتشجيع المواطنين على التبرع بأعضائهم، سيّما وأن الجانب الديني يشكل مجالا متسعا للتفكير وطرح الأسئلة، يتعين معه مساهمة المجلس العلمي الأعلى في إيجاد الحلول وتبني المشورة وإنارة الطريق حتى لا تبقى هذه المسألة حكرا على مجموعة دون أخرى تتعرض لسوء الفهم، كما هو الأمر بالنسبة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي للمملكة العربية السعودية الذي أصدر سنة 1988 فتوى خاصة بحالات نقل الأعضاء والأنسجة. واليوم وبعد قرابة 6 أشهر عن هذا اللقاء الوطني الذي تم تنظيمه، يحق للمتتبعين التساؤل عن نتيجته وعما أمكن تحقيقه في سجلات أعداد المتبرعين، مادام الحديث عن ثقافة التبرع بالأعضاء أضحى مناسباتيا مرتبطا بحدث معين، سرعان ما يتم تناسيه، والحال أن فاتورة فقدان الأشخاص تظل في ارتفاع يوما عن يوم، في بلد كان سباقا على المستوى المغاربي في مجال زرع الأعضاء والأنسجة، إذ أجريت أول عملية زرع الكلي على المستوى المغاربي سنة 1985 بالدارالبيضاء، وعملية زرع القلب سنة 1995 بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، كما أجريت أول عملية لزرع النخاع العظمي بالمركز الاستشفائي ابن رشد سنة 2004، أما زراعة القرنية فلم يتم العمل بها إلا سنة 2009 رغم سهولتها التقنية، وذلك لعدم توفر المغرب آنذاك على بنك للأنسجة، مما اضطره إلى استيراد القرنيات من بنك الأنسجة الأمريكي لفائدة المراكز الاستشفائية الجامعية، أخذا بعين الاعتبار أن المغرب يتوفر حاليا على ثلاثة أبناك للأنسجة في كل من المراكز الاستشفائية لمراكش، الرباطوالدارالبيضاء. كما عرف المغرب انطلاقا من سنة 2010 إنجاز أول عملية لزرع الأعضاء من مانحين في حالة موت دماغي بموافقة عائلاتهم، وذلك بالمستشفى الجامعي بالدارالبيضاء، قبل أن تعمم بالمستشفيات الجامعية الأخرى. وإلى جانب ما سبق فقد أنجز المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش سنة 2014، أول عمليتين لزرع الكبد، تلتهما ثلاث عمليات أخرى في كل من الدارالبيضاءوالرباط. كما أجريت في المركز الجامعي الحسن الثاني بفاس عمليات معقدة لزرع الأطراف، الأولى من نوعها سنة 2014، هذا في الوقت الذي تم فيه خلال سنة 2014، إنجاز 50 عملية لزرع الكلي من طرف المستشفيات الستة المرخص لها بذلك، لكن كل هذه الأرقام تظل قاصرة أمام حجم الأعضاء البشرية التي تفقد دون استثمارها والاستفادة منها سواء بمنحها لأشخاص في حاجة لها أو في مجال البحث العلمي.