يصارع فرقاء الحرب والسلم في ليبيا الزمن من أجل الوصول إلى حل سياسي بالصخيرات، لتفادي مواجهة المجهول. وأكد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي صبيحة أمس الاثنين ان المفاوضات مازالت مستمرة في سبيل الوصول إلى حل كان يفترض أن يعلن عنه مساء أمس. وكشف مصدرنا أن جميع الأطراف مازالت تتفاوض بالصخيرات تحت إشراف أممي بقيادة الإسباني مبعوث الأممالمتحدة برناردينو ليون . وبدا مصدر الجريدة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، متفائلا بالتصول إلى حل، وشدد على أن سقف 20 شتنبر الذي انتهى زمنيا لا يعني نهاية المفاوضات، واعتبر أن التاريخ محترم مادامت المفاوضات مستمرة. وانتهت أول أمس الأحد مهلة المبعوث الدولي إلى ليبيا برناردينو ليون دون التوصل لاتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية وتضاربت المعلومات حول مشاركة وفد مجلس النواب في جلسات يوم الأحد في الصخيرات. وكان ممثل البرلمان المعترف به دوليا قد غادر مساء الأحد مدينة الصخيرات، متوجها إلى الرباط دون أن يقترح أسماء حكومة الوحدة الوطنية، ما اعتبره البعض فشلا للحوار، قبل أن تستأنف المشاورات ليلا لتستمر إلى وقت متأخر جولات الحوار. هذا وحذر متابعون للشأن الليبي من أن فشل الحوار القائم حاليا في منتجع الصخيرات قد يقود البلاد إلى الانقسام إلى كيانات متعددة وليس إلى كيانين اثنين فقط، واحد في طبرق والثاني في طرابلس، خاصة أن البرلمان المعترف به دوليا ستنتهي ولايته النيابية خلال شهر أكتوبر المقبل، علما أنه الجهة الشرعية التي تُفاوض باسم الليبيين. ويأتي هذا في وقت يطالب فيه جزء كبير من الليبيين بأن يتولى البرلمان تجديد لنفسه بنفسه لسنة إضافية أو سنتين في ظل استحالة إجراء انتخابات جديدة وسط الفوضى الأمنية وحالة الانقسام السياسي. كما أن انتشار القاعدة وأنصار البغدادي، الذين استولوا على كميات كبيرة من الأسلحة والدخيرة من معسكرات الرئيس المطاح به معمر القذافي، واقع يهدد بإقامة إمارات تابعة للبغدادي في عدد من مناطق ليبيا. ويشدد أنصار البرلمان على ضرورة إعلان فشل الحوار واتخاذ قرارات مصيرية من بينها تشكيل مؤسسات شرعية داعمة لحكومة عبد الله الثني، وخاصة الإعلان عن مجلس عسكري يتولى مواجهة المجموعات الإرهابية في درنة وبنغازي وصبراتة، ثم اعتبار الميليشيات المهيمنة على طرابلس مجموعات خارجة عن الدولة يجب تحرير العاصمة من قبضتها عسكريا وإغلاق باب الحوار نهائيا معها، وهي الخطوة التي قد يتبعها تدخل دولي في ليبيا يكون لمصر دور عسكري بارز فيه، وهو ما قد يهدد استقرار المنطقة، خاصة وان ليبيا مازالت خاضعة للبند السابع الذي يفرض عليها حظرا جويا ومنع تزويدها بالسلاح. ويتهم مسؤولون في طبرق المبعوث الأممي برناردينيو ليون بالمشاركة في إضعاف المؤسسة الشرعية الوحيدة من خلال استدعاء عدد قليل من المقاطعين للبرلمان وإشراكهم في الحوار، والانتصار لمطلبهم في إعادة مناقشة القرارات التي اتخذها البرلمان في الأشهر الأخيرة، وبينها قرار تسمية الفريق أول خليفة حفتر قائدا للجيش. ورفض البرلمان محاولات سابقة لليون، ومن ورائه المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، ترمي إلى مناقشة موضوع المؤسسات الأمنية والعسكرية، وخاصة قيادات الجيش الذي يخوض حربا مفتوحة مع داعش والقاعدة. وأبرز نقاط الخلاف بين ليون والبرلمان هي المادة رقم 10 في المسودة المنقحة، التي تخص إعادة تسمية قيادة الجيش، ما دفع البرلمان إلى مطالبة وفده في الصخيرات بالعودة إلى طبرق للتشاور. وأعلن البرلمان الليبي عن رفضه للاتفاق الذي تم في الصخيرات بين نواب في البرلمان وأعضاء كانوا يقاطعون جلساته. وقال بيان صادر عن «اللجنة البرلمانية لمتابعة الأوضاع الطارئة» إنه»في الوقت الذي نرحب فيه باللقاء الذي عقد بين أعضاء مجلس النواب والمقاطعين، فإن اللجنة ترى أن ما قام به الوفد المكلف يعد شروعا في تنفيذ المسودة (الأممالمتحدة) قبل اعتمادها نهائيا من قبل جميع أطراف الحوار». وأضاف البيان أن مهمة وفد البرلمان المعترف به دوليا في الصخيرات كانت ?مجرد لقاء وليس لتقرير أيّ التزام، وعليه فإن ما جاء في بيانه لا يعتبر ملزما لمجلس النواب»، مجددا دعوة البرلمان إلى وفده لمغادرة المحادثات والعودة إلى ليبيا. وكان ليون قد أعلن الجمعة أنه تم التوصل إلى اتفاق بين نواب برلمان طبرق المعترف به دوليا وأعضائه الذين كانوا يقاطعون جلساته «من أجل البدء فورا في معالجة ا لمرحلة الانتقالية الجديدة في البلاد». ولم يستبعد المتابعون أن يفضي فشل الحوار إلى إعلان «دولة برقة الحرة كما يسوّق لذلك نشطاء من المدينة داعمين للانفصال، وأن هذه الخطوة لن يرضى بها قائد الجيش وقد يدفعه ذلك إلى الإعلان عن تأسيس مجلس عسكري يدافع عن وحدة ليبيا ويعتبر برقة نفسها خارجة عن القانون تماما مثل الميليشيات في طرابلس أو بنغازي ودرنة». وتعيش ليبيا واقعا سياسيا يهدد بتفتيت وحدتها الترابية وتقسيمها إلى كيانات ضعيفة، وهو الامر الذي يمكن تفاديه بالحوار من أجل ليبيا أولا كما صرح بذلك عدد من المفاوضين في الصخيرات على مدى الأشهر العصيبة الماضية.