ماهي المهن التربوية، التي تحتاجها مدرستنا المغربية من أجل تحقيق فعالية وجودة أفضل لهذه المنظومة؟وماهي المبادئ والخلفيات التي يجب أن تتحكم في اختياراتنا للمهن التربوية؟ في هذه الورقة سنحاول تحديد المهن التربوية السائدة في مدرستنا المغربية،وسنحاول أيضا مقاربة الخلفيات التي تحكمت في إرسائها،ومدى ضرورة خلق مهن تربوية جديدة تستجيب لطبيعة ووظيفة المنظومة التربوية ونجاعتها الداخلية والخارجية. غالبا ما نجد بعض متعلمينا باعتبارهم كائنات نفسية يعانون من عدة مشاكل عقلية ووجدانية وسلوكية وعلائقية تعوق اندماجهم وتكيفهم ونجاحهم الإيجابي في المجتمع المدرسي،وقد يقف الأستاذ عاجزا امامها نظرا لعدم تخصصه وتكوينه النفسيين،مما يجعل تدخل الاخصائي,المرشد,لمساعد النفسي ضروريا،حيث من الممكن ان يساعدنا مدرسيا في معالجة مجموعة من المشاكل والقضايا القلق والخوف(من المدرسة،من الأستاذ،من الامتحان...) التأخر الدراسي والفشل المدرسي ،الخجل،الانطواء والتوحد، عدم الثقة ، التعلم ،العنف والعدوانية،الحالات المرضية، الإدمان، الضغوطات النفسية، الصعوبات والاضطرابات النمائية،ومشاكل وصعوبات سوءالتكيف والاندماج المدرسيين،الثقة في النفس ،تنمية بعض القدرات العقلية والخصائص الإيجابية في شخصية المتعلمين... وباعتبار المتعلم كذلك كائنا اجتماعيا يتأثر ويتفاعل سلبا وإيجابا مع وسطه الاجتماعي(الأسري والمدرسي والعام)،فإنه قد يعاني من بعض المشاكل الاجتماعية او يتسبب فيها ،والتي قد تعوق نجاحه وتكيفه واندماجه داخل المدرسة؛مما يجعلنا امام ضرورة وجود مهن إجتماعية تربوية(المرشد/المساعد الاجتماعي) داخل مدارسنا.فالمساعد الاجتماعي سيساعدنا على حل ومعالجة مجموعة من المشاكل والقضايا ذات الأسباب الاجتماعية سواء بالنسبة للتلميذ في علاقاته بالاطر التربوية او بزملائه أو بأسرته،أو الوساطة والتنسيق بين المدرسة والأسرة،وكذلك حل بعض المشاكل والتوترات بين الأطر التربوية نفسها او بين المدرسة والأسر...وذلك يمكنه أن يقوم بدور تربوي وتأطيري لتنمية الأبعاد والقيم الاجتماعية في شخصية المتعلم/ة،ومساعدة المتعلمين الذين يعانون من الهشاشة والمشاكل الاجتماعية...وليس فقط الاهتمام بالمشاكل والخدمات الصحية للتلميذ كما هو محدد لإطار المساعد الاجتماعي في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية،ودون ان تعمل على إيجاد وتكوين هذا الإطار المهم !ورغم تعاقد الوزارة مع بعض خريجي المساعدة الإجتماعية الذين يعدون على رؤوس الأصابع،فإنها بدأت مؤخرا تتخلى على هذا التعاقد،وقد كان البرنامج الاستعجالي قد وعد بإدماج 300 مساعد اجتماعي بالمؤسسات التعليمة دون الوفاء بذلك، كما تم كذلك التخلي عن مشروع تكوين 10000مساعد اجتماعي !وفي هذا الإطار ندعو الجهات المسؤولة بالوزارة إلى ضرورة التعامل الإيجابي والجدي مع المذكرة المرفوعة مؤخرا إلى المسؤولين الحكوميين من طرف الجمعية المغربية للمساعدين الاجتماعيين التي تطالب بإحداث إطار مساعد اجتماعي بالنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية،وذلك نظرا لأهمية وضرورة هذا الإطار . والملاحظ انه يتم التعامل في مدارسنا وسياساتنا ومناهجنا التربوية مع بعد واحد من شخصية المتعلم/ة المتعلمة ككائن إنساني،وهو البعد المعرفي والقيمي فقط،مهملة باقي أبعاد شخصيته النفسية والجسدية والاجتماعية...وغيرها(هذا إن ركزنا فقط على المتعلم/ة دون باقي الاطر التربوية). ومن خلال هذه المقاربة الإنسانية الشمولية لشخصية المتعلم وللظاهرة التربوية والتعليمية عامة،تأتي الحاجة إلى ضرورة إحداث مهن تربوية أخرى تلائم طبيعة ووظيفة المجتمع المدرسي،كمهن البحث العلمي التربوي(باحث تربوي):فبدون بحث علمي تربوي معرفي أساسي او معرفي تخصصي أو إجرائي ميداني وتدخلي سنظل ننتمي إلى الزمن التقليدي والمتخلف والماقبل علمي في تعاملنا مع قضايا وإشكالات المنظومة التربوية؛ مهن الطب العضوي المدرسي: وهو أيضا ضروري لمساعدة المتعلمين على تجاوزمجموعة من المشاكل الصحية العضوية والعصبية والحس حركية وغيرها ، لأنها من بين أسباب الفشل والهدرالمدرسيين كذلك....وغيرها إن تحقيق الأهداف والاستراتجيات التربوية الجيدة يتطلب مهنا تربوية جيدة ومتكاملة الوظائف ومتعددة التدخلات،وعلى الدولة/ وزارة التربية أن تعمل على إنشاء هذه المهن التربوية داخل المدرسة المغربية،وان تعمل على تكوينها تكوينا مهنيا وتربويا متخصصا، انسجاما مع وظيفة وطبيعة المجتمع المدرسي،واهداف الفعالية والجودة التعليمية المعلنة رسميا،وإلى اعتماد المقاربات المعرفية الإنسانية المتعددة التخصصات، والابتعاد عن المقاربات التقنية والمحساباتية التقشفية والضيقة في قطاع لا يقبل مثل هذه المقاربات التقليدية والمتخلفة،لأن للفعالية والجودة التربوية والتعليمية، ولصناعة التنمية والتقدم،تكلفة لابد من دفعها كاملة وبدون ديماغوجيات وشعارات غير مجدية. وهذا ليس بأمر جديد أو غريب حيث نجد منذ عقود الدول المتقدمة التي تحترم نفسها وإنسانها والتي تحقق الريادة التربوية في التصنيفات الدولية، تعتمد مهنا وتخصصات تربوية متعددة ومتكاملة في مدارسها.