قبل الشروع في أصول المعتقدات المذهبية لدى الشيعة و على رأسها الاثنى عشرية الرافضة, أود أن أشير إلى أن علماء الشيعة يجعلون الدين كله محصورا في الإمامة التي خص بها الله الخليفة الرابع علي كرم الله وجهه, مدعيا بما جاء بها في الكتب السماوية و وصى بها النبي (ص) و هي الركن الأساسي عندهم في الدين . ولتثبت هذا الاعتقاد لجأوا إلى التحريف و التأويل لآيات الله إلا أن نواياهم الحقيقية و المكشوفة في محطات تاريخية مختلفة هي هدم الدين الإسلامي من قواعده و شق صفوف المسلمين و وقوف الشيعة في الصف المعادي للدين و أهله . و كل هذا تحت مسمى أنهم المسلمون وحدهم, و أنهم هم المدافعون عن الدين و الرافعين لرايته و غيرهم عدو لهم و لائمتهم, طالما أنهم لا يوافقوهم و لا يتابعهم على عقيدتهم, و الحال أن احد الأئمة من الفرقة الاثنى عشر التي أقامت الأرض و أقعدتها لم يسبق لأحد من الفرقة أن تولى الإمامة أو الخلافة و غيرها من المسؤوليات التي يدعون خاصيتهم بها باستثناء الإمام علي رضي لله عنه, الذي لم يثبت عنه إطلاقا انه قال أو قبل بما ينسب إليه من معتقدات التي تتبناها الفرقة الرافضة . و ما أقاويلها إلا أباطيل و افتراءات لا تليق بالخليفة علي شأنه شأن خلفاء الراشدين المهديين أبو بكر و عمر و عثمان و يعنيه بدوره ما جاء في و صية الرسول (ص) للمسلمين التي تحثهم على التمسك بسنته و سنة الخلفاء المهديين و الحرص على إتباعها دون الإفراط فيها لقوله( عليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين, تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ) . أما بالنسبة لأصل التشيع فقد وقع فيه اختلاف حسب أنظار العلماء و الباحثين و منهم من يرفعها إلى أصل يهودي و منهم من يقول بأن أصلها فارسي و منهم من يرجعها إلى أصول جينية أسيوية كبوذا . و هكذا فالقول الذي يقول بالأصل اليهودي فيستند إلى اعتبارين : **أن بن سبأ كان أول من قال بالنص و الوصية و الرجعة و هو يهودي و هنا يقول مخالفو الشيعة كان أصلها مأخوذ من الديانة اليهودية . * وجود تشابه في الأصول الفكرية بين اليهود و الشيعة و هذا ما ذكر به شيخ الإسلام بن تيمية بقوله ( إن في الشيعة من الغلو و الجهل و إتباع الهوى من اتبع فيه النصارى من وجه و اليهود من وجه آخر ). أما من يقول بالأصل الفارسي : هذا الاتجاه يرى بعض الباحثين أن التشيع نزعة فارسية و ذلك لعدة اعتبارات : ** و هو ما قال به بن حزم و المقريزي من أن الفرس كانت من سعة الملك و علو اليد على جميع الأمم و جلالة الخطر في نفسها, بحيث أن الفرس كانوا يسمون أنفسهم الأحرار و الأسياد و كانوا يعدون سائر الناس عبيدا لهم . فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيد العرب أصبح العرب عندهم من اقل الأمم خطرا و تضاعفت لديهم المصيبة و راموا كيد الإسلام للمحاربة في أوقات شتى و في كل ذلك يظهر الحق, فرأوا أن الكيل عن الحيلة أنجع, فأظهر قوم منهم الإسلام , و استمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل البيت و استبشاع ظلم علي, حسب زعمهم. و بذلك سلكوا بهم مسلكا حتى أخرجوهم عن طريق الهدى . - إن العرب تدين بالحرية و الفرس تدين بالملك و الوراثة في البيت المالك . و لا يعرفون معنى انتخاب للخليفة و انه بعد ما انتقل النبي (ص) إلى الرفيق الأعلى و لم يترك ولدا, فيرى أهل الشيعة أن أولى الناس بعده ابن عمه علي بن أبي طالب . فمن اخذ الخلافة كابي بكر و عمر و عثمان يكونوا قد اغتصبوا الخلافة من من يستحقها ( علي رضي الله عنه ) . و قد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الملك نظرة فيها معنى تقديس و كانت هذه النظرة تعني علي و ذريته . و قالوا إن طاعة الإمام واجبة و طاعته من طاعة الله تعالى. و كثير من الفرس دخلوا في الإسلام دون أن يتجردوا من كل عقائدهم السابقة التي توارثوها. و بمرور الزمن صبغوا آراءهم بصبغة إسلامية, لذلك فنظرة الشيعة إلى علي و أبنائه هي نظرة آبائهم الأولين إلى الملوك الساسانيين . انطلاقا من أصول العقيدة الشيعية المشار إليها, أرى من المناسب الإشارة إلى بعض هذه المعتقدات, لأن الخوض في تناولها بالتفاصيل تحتاج إلى مجلدات لا تعد و لا تحصى , و اكتفي هنا ببعض المعتقدات الجوهرية باقتصار و يتعلق الأمر : ** مسألة الرجعة : من الأفكار اليهودية المدسوسة بين المسلمين و التي أتى بها أحد أكابر أئمتها ابن سبا وهي فكرة الرجعة, و تعني بالنسبة للشيعة رجوع الأموات قبل البعث و النشور عند قائم الشيعي المعدوم المزعوم من أئمتهم و أتباعهم مع أعدائهم و مخالفيهم لينتقموا منهم و يشقوا صدورهم, و هذا الاعتقاد كاد أن يكون من المجمع عليه عند الشيعة لا خلاف بينهم في ذلك .و لم يشد فيه احد ممن يعتد به و يعتمد على قوله كما ذكر الحر العاملي ,مستدلا على صحة الرجعة و إمكانها و وقوعها بإجماع جميع الشيعة الامامية و إطباق الشيعة الاثنى عشرية على صحة اعتقاد الرجعة, فلا يظهر منهم مخالف يعتد به العلماء السابقون و اللاحقون . ** مسألة إعمال العباد : يقول الشيعة الاثنى عشرية أن أعمال العباد غير مخلوقة, ذلك انه حسب زعمهم انه لو كان خالق لها لما تبرأ منها مصداقا لقوله تعالى في سورة التوبة (( إن الله بريء من المشركين و رسوله)) و لم يرد البراءة من خلق ذواتهم . و إنما يتبرأ من شركهم و قبائهم. و في هذا الصدد يقول احد شيوخ الشيعة المسمى المفيد بكراهية أخلاق لفظ خالق على احد من العباد, حيث قال ( إن الخلق يفعلون و يتحدثون و يخترعون و يصنعون و يكتبون و لا يجب أن يطلق عليهم القول بأنهم يخلقون و لا يخلقون ) و ما قال له الشيخ الشيعي المفيد مخالف لما جاء في كتاب الله تعالى, حيث جاء في سورة الصافات (( و الله خلقكم و ما تعملون )) و في سورة غافر (( ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا اله إلا هو )) أما في سورة الفرقان (( يخلق كل شيء فقدره تقديرا )) و ستأتي الحلقة المتعلقة بتحريف القرآن و الحديث لتشمل التفاصيل . *مسألة التقية : التقية كظاهرة متجدرة في الفكر البشري و تعنى إبطان النوايا الحقيقية لا يعرفها إلا من كان ينتمي إلى طائفة التقية, و قد كانت من معتقدات الشيعة , و هي مخالفة للقرآن و السنة كل المخالفة, حيث أن معناها الكذب المحض و النفاق الخالص و لم ترد آية في القران تبيح الكذب و النفاق و لا توجد رواية عن رسول الله (ص) تجيزهما بل العكس من ذلك وردت آيات كثيرة في القران و أحاديث عديدة عن الرسول (ص) تحرم هذا و ذاك. و لقد صرح بذلك شيخ الإسلام بن تيمية في منهاج السنة حيث قال : ( النفاق و الزندقة في الروافض أكثر من سائر الطوائف ) بل للأبد لكل منهم من شعبة نفاق لان أساس النفاق هو الكذب و يعني أن يقول الإنسان بلسانه ما ليس في قلبه (( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم )) و أكثر الرافضة تجعل هذا من أصول دينها و تسمية التقية و تحكى هذا من أئمة أهل البيت الذين برأهم الله من ذلك, بل كانوا أعظم الناس صدقا و تحقيقا للإيمان و كان دينهم التقوى و ليس التقية . *مسألة البداء: أن هذه العقيدة الشيعية تبدو أنها لا تقل بشاعة عن العقائد الأخرى التي يختص بها القوم و هي *عقيدة البداء في الله و معناه الظهور بعد الاختفاء, كما ذكر ذلك السيد محسن الأمين في كتابه " الشيعة بين الحقائق و الأوهام " و هذا المصطلح يستعمل في العرف بمعنى الظهور بعد الخفاء فيقال فلان عازم على كذا ثم بدا له فعدل عنه و في هذا المعنى استعمل هذا اللفظ في القران الكريم بقوله (( و بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )) الزمر (( و قد بدأت البغضاء من أفواههم و ما تخفى صدورهم أكثر )) آل عمران . و تجيز الشيعة هذا البداء لله أي يظهر له بعد ما كان خفيا عليه تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. * مسألة الجفر : و هذا المعتقد يتم تسميته لفرقة الشيعة الجعفرية , و لم تجد اعتراضا من بقية الفرق الأخرى, بل كثرت عدة روايات في شأنها و يعني الجفر الشيعي الذي يفيد بان أئمة الشيعة مؤهلون أن يساروا الأنبياء و المرسلين, بل أكثر من ذلك أن يضاهوا علم الله بعلمهم و معرفتهم ما سيكون و يحدث إلى يوم القيامة و العياذ بالله . و أما بالنسبة لمسألة الغمامة لدى الشيعة الاثنى عشرة فإضافة إلى ما اشر ت إليه في البداية , أن الإمامة عند الشيعة الاثنى عشرية كالنبوة و الإمام عندهم كالنبي, غير انه لا يطلق عليه لفظ النبوة و يقولون بمنزلته إلا أنهم ليسوا بأنبياء و لا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي (ص) و أما ما خلا ذلك فهم بمنزلة رسول الله (ص) و الحال أن النبوة و الرسالة هي منحة من الله سبحانه لا يمنحها لأي كان و لا تورث كما لا تعطى للنساء و العبيد ,لأنهم غير مكلفين و قد أعطيت للصبيان كعيسى و يحيي و لا يمنحها الله إلا لمن رآه مؤهلا لها لما فيها من مشاق و ابتلاءات مصداقا لقوله تعالى في سورة الأنعام (( الله اعلم حيث يجعل رسالاته )) و تتطلب الصبر بالأساس بقوله (( و اصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )) و كيف يأتي أعداء الرب من الشيعة لينزلوا أسماءهم منزلة الرسل . * مسألة العصمة للإمام : يرى بعض أكابير الشيعة الرافضة أن أهل البيت هم الذين اصطفاهم الله تعالى مطهرين معصومين منزهين من القبائح و الذنوب صغيرها و كبيرها فلا يقع منهم ذنبا أصلا لا عمدا و لا نسيانا و سهوا . و يستفاد من هذا الاعتقاد أنهم يسبغون على أئمتهم العصمة من كافة الأوجه المنصورة. و هذه الصورة للعصمة التي يقول بها الشيعة باتفاق جميع علمائها عليها لم تتحقق لأنبياء الله و رسله كما يدل على ذلك صريح القران و السنة و إجماع الأمة . فهي غريبة على الأمة الإسلامية, بل إن النفي المطلق للسهو و النسيان عن الأئمة تشبيه لهم من لا تأخذه سنة و لا نوم . ( انظر فتاوي شيخ الإسلام ) في هذا الصدد يضيف ابن تيمية أن ابن سبأ قد نقل عنه ما يؤدي إلى القول بالعصمة و أعظم ما نقل عنه أيضا القول بألوهية أمير المؤمنين و العياذ بالله . هذه إذن بعض معتقدات الشيعة على سبيل المثال, لكن بعض العلماء يرون رأيا آخر هو الأقرب للصواب : الرأي المختار في أصل التشيع : أما بالنسبة للرأي المختار المتعلق بأصول التشيع المجرد من دعوى النص و الوصية, ليس هو وليد مؤثرات أجنبية بل كان التشيع لأهل البيت و حبهم أمر طبيعي و هو حب لا يفرق بين الآل و لا يغلو فيهم ولا ينقص أحدا من الصحابة كما تفعل الفرق المنتسبة للشيعة . و قد نما الحب بعدما جرى عليهم من المحن و الآلام بدءا من مقتل علي والحسين . و هذه الأحداث قد فجرت عواطف المسلمين فدخل الحاقدون من هذا الباب , لكن التشيع بمعنى عقيدة النص على علي و الرجعة و البداء و الغيبة و عصمة الأئمة و غيرها و لا شك أنها عقائد طارئة على الأمة و دخيلة على الإسلام . و هكذا فقد ركب مطية التشيع كل من أراد الكيد للإسلام و أهله ,لذلك يحتال هؤلاء ليعيشوا في ظل عقيدتهم السابقة هذه المرة باسم الإسلام من يهودي و مجوسي و نصراني و غيرهم فدخل في الإسلام كثير من الأفكار الأجنبية الدخيلة . و قبل مغادرة الموضوع ,أود الإشارة إلى علاقة الفكر الشيعي و الأصولي بما يجري الآن في بلدان الأمة العربية الإسلامية . و في هذا الصدد يبدو أن الوضع المقلق الذي تعيشه بعض بلدان المشرق العربي ,خاصة في العراق و سوريا و اليمن و ما صاحبه من تدخل أجنبي في الصراع بالمنطقة و القتال بين الفرقتين الدولة الإسلامية داعش التي تنتسب لطوائف أهل السنة و بين الشيعة بايعاز من إيران, حيث تسعى كل واحدة من الطائفتين لبسط نفوذها في المنطقة . و كانت الأعمال التي تقوم بها التنظيمات المسلحة لا شك أنها بدافع بالأساس من أعداء الإسلام و هم من يؤججوا الوضع بواسطة التسلح و التنظيم . هذا ما يجب فهمه من طرف المسلمين أينما كانوا. و يبدو أن الأعمال التي تقوم بها كل من الطائفتين من القتل و الدمار و التخريب لا يأتيها المسلم و كل من يؤمن بالله و اليوم الآخر. أنها أعمال تريد كل واحدة أن تضفي عليها طابع الشرعية, تحت غطاء الدفاع عن الإسلام و الحال أن الإسلام بريء من أعمالهم مصداقا لقوله تعالى في الآية 3 من سورة الزمر (( و الذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدوهم ليقربون إلى الله إلا زلفى, إن الله يحكم بينهم فيما هم يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار .)).