رسمت الندوة الوطنية التي نظمتها شبكة القراء حول القراءة و الكتاب بالمغرب صورة قاتمة عن تصنيف بلادنا ، حيث احتل المغرب وفق إحصائيات دولية حديثة المرتبة 162 في ترتيب الإقبال على القراءة.. ذلك أن عدد المكتبات ببلادنا لا يتجاوز مكتبة واحدة لكل 130 ألف مواطن، و المواطن المغربي لا يصرف من وقته أكثر من خمس دقائق في السنة للقراءة،كما أن ميزانية وزارة الثقافة لا تتعدى 0,03 %من الميزانية العامة للدولة .. تلك كانت إحدى المؤشرات المقلقة التي أثارتها الندوة الوطنية المنظمة نهاية الأسبوع الماضي بالمكتبة الجامعية محمد السقاط بالدار البيضاء .. وتوقفت الندوة عند العوامل المؤسساتية لأزمة القراءة و ضعف انتشار الكتاب و التي تتمثل في انعدام الأدوار الطبيعية للمنظومة التعليمية في مجال ترسيخ فعل القراءة و معانقة الكتاب ضمن البرامج التعليمية / التعلمية ..و غياب مخطط استراتيجي دقيق عملي و متكامل لمعالجة معضلة القراءة و ضعف انتشار الكتاب إلى جانب ضعف البنيات التحتية المحفزة على القراءة و الاستئناس بالكتاب . أو صعوبة الولوج للموجود منها من مكتبات عمومية و دور الشباب و فضاءات ثقافية عمومية .. و في سياق ذات التشخيص توقفت الندوة عند مؤثرات أخرى أساسية منها ضعف دور الإعلام في التحفيز على القراءة و الترويج للكتاب ، وغياب قضايا القراءة و الكتاب في برامج الهيئات السياسية و النقابية و المدنية, عموما ناهيك عن تفاقم أزمة التأليف و النشر و التوزيع و التسويق . المشاركون في الندوة الوطنية الذين لم يستسيغوا غياب وزارة التربية الوطنية و وزارة التعليم العالي فيما حضر وزير الثقافة و رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان و ممثلين عن وزارة الشبيبة و الرياضة و اتحاد الناشرين المغاربة و وكالة المغرب العربي و المكتبة الوطنية ، إلى جانب أساتذة باحثين في حقل القراءة و الكتاب .. طالبوا بفتح حوار وطني شامل حول قضية القراءة و الكتاب ، يساهم فيه جميع الفاعلين المؤسساتيين، سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و اجتماعيا، إلى جانب الفعاليات المجتمعية المدنية . في أفق بلورة ميثاق وطني لتعميم و ترسيخ ثقافة القراءة و معانقة الكتاب يرتكز على مخطط استراتيجي بعيد المدى قابل للمتابعة و التقييم و التحيين باستمرار حتى لا يقع فيما وقعت فيه مواثيق وطنية أخرى . كما طالب المشاركون في الندوة الذين دافعوا عن خطة "الإحراج" للسلطات الحكومية بتوفير الاعتمادات اللازمة من طرف الجهات المعنية ، حكومة و مؤسسات اقتصادية في أفق خلق صندوق وطني لدعم القراءة و نشر الكتاب و خلق آليات فعالة و مرنة لأجرأة هذا المخطط و متابعته و مراقبته و تقييم تنفيذ مضمونه و برامجه . من أجل تهيئ المغرب للولوج إلى عالم المعرفة و الإبداع و التحرر الفكري.