- كيف تتم حصة العلاج في مجال التحليل النفسي؟ وما هي الطريقة أو الطرق المستعملة في هذه التقنية العلاجية؟ ( منير ب./ الرباط ) - يعتقد سيغموند فرويد - مؤسس التحليل النفسي - أن الأمراض النفسية العُصابية تَنجم عن صراع دفين ، يعتمل في اللاشعور. وهو صراع ينشأ بسبب الرغبات والأفكار و الذكريات المكبوتة ، التي يتم « إبعادها « إلى منطقة «اللاشعور» ، نظرا لطابعها الأليم ، أو لكونها تتنافى مع شروط و متطلبات الحياة في المجتمع. ويَهدف العلاج التحليلي النموذجي - كما أرسى دعائمه فرويد - إلى إعادة كل المكبوتات إلى منطقة الشعور . وهكذا يصير المريضُ شاعراً بلاشُعوره ، إن صح التعبير. كما يهدف العلاج المذكور إلى تمكين المريض من مواجهة القلق الناجم عن تَحرر المكبوتات . وترتكز تقنية التحليل النفسي على ما يُسمى بالتداعي الحر للأفكار. أي أن المريض يتحدث - خلال حصة العلاج - عن كل ما يخطر بذهنه من أفكار، وعن كل ما يستشعره من أحاسيس، بكيفية تلقائية، ودون ممارسة أية رقابة ذاتية قد تدفعه إلى انتقاء أو اختيار ما سيقوله. وينبغي أن يكون المريض متمددا على «أريكة « خاصة ، أثناء حصة التحليل . و يقوم المعالج بتسهيل سُبل التعبير التلقائي ، لكن مع التزام الحياد ودون إسداء نصائح أو إصدار أحكام . وقد أولى فرويد أهمية خاصة لما يسمى بالمقاوَمة في هذا السياق. و المقصود بهذه المقاومة هو أن المريض سيجد نفسَه عاجزا عن الخوض في مواضيع معينة . الأمر الذي يدفعه إلى الصمت أو إلى تغيير دفة الحديث. و يقوم المحلل النفسي بتأويل دلالات المقاومة المذكورة - بكيفية تدريجية - حتى يتمكن من تسليط الضوء على الصراعات النفسية الأساسية التي تحتدم على مستوى اللاشعور. أما الظاهرة التي تُعتبر بمثابة المحرك الرئيس للعلاج التحليلي فهي ظاهرة « التحويل «. أي أن المريض يُسقط على شخص المحلل مشاعرَ و أحاسيسَ ترتبط بصراعات نفسية تعُود إلى مرحلة الطفولة. ومن سلبيات هذا العلاج التحليلي أنه طويل الأمد. فهو يدوم من سنتين إلى خمس سنوات . وتكاليفه مرتفعة. كما أنه لا بد للمريض أن يكون متوفرا على مَلَكة التعبير. لكن المحللين النفسانيين يَرَون أنهم يقدمون خدمة جلى للأشخاص العُصابيين . وعن ذلك يقول المحلل رولاند برونير : « إن التحليل النفسي دعوة إلى التعبير بالكلمات عن حالة القلق التي يعيشها الإنسان . وبفضل هذه الطريقة العلاجية، يستطيع المرء أن يُعبر عن معاناته ، وأن يستحضر تاريخَه الشخصي وأن يعيد النظر في علاقته مع نفسه و مع الآخرين. ومن بين الأهداف الأساسية التي يسعى إليها المحلل النفسي : إقناع الشخص المعني بالعدول عن بحثه الدؤوب عن سعادة غير ممكنة . ذلك أن البحث المستميت عن سعادة مستحيلة هو أفضل طريقة للعيش في تعاسة دائمة!»