يوما عن يوم تزيد القناعة العلمية وترتفع بكون التدخين هو مسؤول عن العديد من الآفات الصحية، ومن بينها سرطان الرئة، الربو وغيرهما من الأمراض، أضرار لاتقف عند حدود المدخن وإنما تمتد لتشمل محيطه الأسري، وفي العمل، وفي كل مكان أخرج فيه سيجارته وعمل على تدخينها إلى جانب أشخاص آخرين، معرّضا إياهم هم بدورهم لمضاعفات هذه الخطوة السلبية. لكن بالمقابل نجد أن الكثير من المدخنين يعتقدون بأن التدخين لا يؤثر سلبا على مرضى الربو، وبأن هذا الداء هو مجرد حساسية بسيطة تزول عند استخدام بعض البخاخات مثل «الفونتولين» وغيره، ويستمرون في تجاهل أثر التدخين على أنفسهم وأفراد عائلتهم الذين ربما يعانون من زيادة أعراض الربو في البيت أو السيارة بسبب الجو الملوث بالدخان وإجبارهم على التدخين السلبي وغير الإرادي، وفي نهاية المطاف نجدهم يرافقونهم المرة تلو الأخرى صوب مستعجلات المستشفى، دون وعي منهم بكونهم جزءا من المشكلة ؟ فالتدخين يعتبر مشكلة لكل من يتعاطاه، سواء كان من المصابين بمرض الربو أم لا، ولكنه يزيد الأمر سوءا إذا كان المدخن مصابا بالربو، فالتدخين يجعل مجرى الهواء منتفخا وضيقا ومليئا بالإفرازات المخاطية ذات اللزوجة العالية، وعند استنشاق المدخن لدخان السجائر والشيشة فإنها تترسب على الطبقة المخاطية المبطنة للشعب الهوائية، وبالتالي تؤدي إلى إثارة الأعراض عند المصابين بالربو، بالإضافة إلى كون الدخان يعيق وظيفة الأهداب الصغيرة التي بالقصبات الهوائية وعند ذلك لا تتمكن من طرد الغبار والأجسام الضارة ، مع العلم أن إنتاج غاز أول أكسيد الكربون يقلل الاستفادة من الأوكسجين. ويزيد التدخين من قابلية التعرض للالتهابات المتكررة، ويضعف جهاز المناعة لدى الشخص، ومن ثم صعوبة التحكم في الربو وقلة الاستجابة لأدوية «الكورتيزون». ولا تقتصر علاقة التدخين بمرض الربو على هذا فقط، بل أكثر من ذلك، فالأطفال المولودون لأمهات مدخنات وخاصة خلال فترة الحمل ،هم مهددون بالإصابة بهذا المرض أكثر من غيرهم. بالمقابل أظهرت إحدى الدراسات أن مدخني السجائر المصابين بالربو والذين يقلعون عن التدخين يلاحظون تحسنا كبيرا في وظائف الرئة عقب أسبوع من الإقلاع عن التدخين، كما أن الإقلاع عن هذه العادة يقلل أيضا من حدوث التهابات في الشعب الهوائية. وأشار الباحثون القائمون على الدراسة في الدورية الأمريكية للجهاز التنفسي وطب العناية الفائقة، إلى أن هذا يدل على أن هناك عنصرا متغيرا يتسبب في الآثار الضارة للتدخين على الشعب الهوائية بالنسبة للمصابين بالربو. وبيّن الباحثون أن أداء الرئتين في المجموعة التي أقلعت عن التدخين قد تحسن بدرجة كبيرة في غضون أسبوع واحد من الإقلاع عن التدخين، كما تحسنت أيضا درجات مراقبة الربو الخاصة بهم مع الانقطاع عن التدخين.