من اللافت للنظر أن المتأمل في الوضع السياحي الذي يسجل هذه الأيام تراجعا ملحوظا، ونقصا في عدد السياح في معظم فصول السنة مقارنة مع السنوات السابقة قبل عقدين من الزمن، يجد أسباب التراجع كامنة لديه فقط في نوعية المنتوج المقدم وغياب التنشيط السياحي ، وترهل المحيط السياحي وغلاء الأسعار بالفنادق والطائرة... لكن في الواقع هناك إكراه يقف حجر عثرة تجاه المشاريع السياحية بهذه المنطقة بالذات، ويشكل عائقا حقيقيا للاستثمارات السياحية والذي يتجلى في كثرة التعقيدات الإدارية التي يواجهها كل مستثمر سياحي، ولاسيما بمنطقة صونابا بأكادير. حيث يحتم هذا العائق على كل مستثمر سياحي استحضار الجانب الأمني في بناء الإقامات والفنادق، والتقيد بعدد محدود من الطوابق وإجراءات أخرى تدخل ضمن احترازات أمنية محضة في دفتر التحملات على اعتبار أن منطقة صونابا السياحية توجد محاذية للقصر الملكي. وبالتالي لاتزال العديد من المؤسسات السياحية بهذه المنطقة بالذات تشكو من كثرة التعقيدات الإدارية، وتطالب الجهات المسؤولة بنهج نوع من المرونة والتساهل في التصاميم خاصة أن مدينة أكادير، تعاني أصلا في السنوات الأخيرة لهذه الأسباب من بطء وعزوف الاستثمارات السياحية الضخمة عن إنشاء وحدات سياحية في ظل الشروط الصارمة المفروضة بمنطقة صونابا(فونتي عليا). ولا أدل على ذلك من أن ثلاث مؤسسات سياحية تضايقها هذه التعقيدات الإدارية فواحدة(فندق أوميكَا)لم تحصل على رخصة الإقامة إلى حد الآن رغم اشتغالها لمدة 10سنوات، والثانية إقامة الأبراج الثلاثة لم يستطع صاحبها الاشتغال رغم أنه أعطي له الترخيص منذ 2006 نظرا للمحيط الذي كان آنذاك عبارة عن أوراش لبناء مؤسسات أخرى لم تكتمل . وقد اضطر هذه المستثمر إلى الانتظار إلى حدود 2014،حيث قرر الاشتغال ظانا أنه تحدى العراقيل السابقة لكنه سيُفاجأ بمسطرة إدارية أخرى تمنعه من العمل بدعوى أنه قام بتغييرات طفيفة على المستوى السفلي للإقامة، مما جعل اللجنة الثلاثية(السلطات، البلدية، الوكالة الحضرية)ترفض المصادقة على الترخيص النهائي تحت مبررات هي إضافة التغييرات في الطابق السفلي وقرب الإقامة من القصر الملكي. ونفس الإجراءات الإدارية تم تطبيقها على إقامة سياحية ثالثة "سويت" بذات المنطقة بحيث بقيت بدون اشتغال لمدة سنة كاملة رغم أن أشغال البناء والتجهيز اكتملت، لكن هذه المؤسسة لا تستطيع العمل ما دامت لم تستجب لكل الشروط التي تفرضها اللجنة الثلاثية، في الوقت الذي كان من المفروض أن تكون هناك مرونة مع هذه الاستثمارات المشغلة لعدد كبير من الأيدي العاملة. والسؤال الذي يطرح بحدة: أين كانت اللجنة الثلاثية كل هذه المدة حتى تركت هذه الإقامات والفنادق تتجاوز كل المخالفات في البناء والتصاميم في البداية قبل الانتهاء من الأشغال؟ وما هو الحل الآن: هل ستبقى هذه المؤسسات مغلقة مثل تسع وحدات فندقية مغلقة بسبب مشاكل التسيير المالي والإداري و الاحتقانان الاجتماعية؟. وكيف يمكن للسياحة بأكادير في ظل هذه الإكراهات الإدارية ،أن تضاعف عدد الأسرة السياحية من 28 ألف سرير(40 في المائة منها مغلق ويحتاج إلى تحديث)لتحقيق طموح وزارة السياحة ببلوغ 100 ألف سرير في أفق 2020؟.