صُدم الرأي العام المحلي بضعف معارضة الأمس، المسيرة للشأن المحلي اليوم ، وهي تفقد في كل ثانية ودقيقة زمام تسيير الشوط الثاني للدورة العادية للمجلس يوم الجمعة 29 أكتوبر الماضي، وذلك بعدما قاطعت الأغلبية الشوط الثاني احتجاجا على «فوضوية التدبير والارتجال والغموض وغياب الشفافية وتهميش اللجان» وأيضا ما تعتبره المعارضة داخل المجلس بقيادة الاتحاد الاشتراكي «تزويرا في ديباجة المحاضر» من خلال تقزيم وبتر تدخلاتها مقابل النفخ في تدخلات المنتمين لحزب الرئيس، بالإضافة إلى الشلل التام لوظائف اللجان رغم كونها الدينامو الحقيقي لنجاح أي تجربة في العملالجماعي. قرار الأغلبية المعارضة حضور هذا الشوط جاء لدحض مزاعم الحملة الإعلامية المخدومة التي تحاول من خلالها الرئاسة إيهام الرأي العام والسلطات الإقليمية والجهوية والمركزية، بكون هاته المعارضة ولدت فقط حسب زعمها لكون الرئيس رفض ضغوطها في التفويضات والصفقات و...، إلا أن هذه الرئاسة وجدت نفسها في ورطة كبيرة للغاية حينما لم تقو على مسايرة الإيقاع السريع والمنظم والمسلح بثقافة التدبير العقلاني لكل مكونات هذه المعارضة الأغلبية والتي أبانت عن نضج كبير في مقاربة أهم الملفات الاجتماعية والتنموية المغيبة في دهاليز المجلس البلدي والذي يشكل حالة شاذة وطنيا في التدبير الجماعي لافتقاره إلى المخطط الجماعي للتنمية، فالارتجال ثم الارتجال ولا شيء غير الارتجال. وبالعودة إلى وقائع الشوط الثاني من هذه الدورة، قام المستشارون الاتحاديون وحلفاؤهم في الأغلبية المعارضة، بمناقشة الجانب المتعلق بالمداخيل الخاصة بمشروع ميزانية سنة 2011 ووقفوا على العديد من الاختلالات ومنها كون الرئاسة اعتبرت أن الزيادة فيها كانت مهمة، بينما فندت تدخلات المستشارين المعارضين هذا التوجه من منطلق أن النفخ في المداخيل لم يأت من استرجاع المجلس لديونه المترتبة عن كراء مرافقه للخواص ومنها احد ابرز المقاهي الخاصة بإعداد الوجبات الغذائية بالمارشي، بل يعود هذا النفخ إلى مداخيل الأراضي غير المبنية فقط، والى الزيادة غير القانونية وغير المتفق عليها بين مكونات المجلس في مداخيل المسبح البلدي من 3 دراهم إلى 6 بالرغم من كونه المسبح الوحيد الذي لا يتوفر على المرافق الضرورية وفي مدينة اغلب أطفالها ينتمون إلى اسر فقيرة، وهو المعطى الذي تجاهلته الأقلية المسيرة، ومنفوخة أيضا بسبب المداخيل المترتبة عن تسليم رخص السكن والربط في تجزئات لم تسو بعد وضعيتها القانونية ( مجد 1 ومجد 2 ، إذ تصرح المعارضة للجريدة بأنها وقفت عند 23 حالة سلمت لها رخص السكن بدون سند قانوني) كذلك لم تقتنع بمبررات تراجع الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 6 في المائة مقارنة مع التجربة الاتحادية السابقة، وأيضا عن السبب في الرفع من قيمة المحروقات إلى أزيد من 60 مليون سنتيم سيما وان اتفاقية التدبير المشترك الجماعي للنفايات ستفرض النقص في استعمال العديد من شاحنات المجلس، المعارضة كذلك شددت على الاستعمالات غير المبررة للسيارة الجديدة ومن مالية المجلس، وطرحت المعارضة في هذا السياق سابقة خطيرة في تدبير الشأن العام والمحافظة على الأموال العمومية وتقوية رصيدها أمام حضور المواطنين والسلطات ، بعد السماح لبعض المقاولات العاملة بالمنطقة والتي تجني الملايير من الأموال في مشاريعها هناك وتقوم يوميا بالاستغلال العشوائي للماء الصالح للشرب دون وجه حق ومن أموال الضرائب التي يدفعوها المواطنون؟ أما الحدث المتفرد الذي ميز أشغال هذه الدورة فهو رفض الرئيس مناقشة الجانب المتعلق بالمصاريف تحت مبرر كون المعارضة صوتت بأغلبية 15ضد 13 لينسحب من قاعة الجلسات أمام حضور المواطنين والسلطات! هذه التجربة بمدينة أبي الجعد تفتقر اليوم إلى تصور إجرائي للتدبير العقلاني من خلال مخطط واضح المعالم للتنمية الجماعية، وغياب مثل هذا المخطط سيفسح المجال فقط للمضاربة العقارية بالمدينة ومحيطها.