في الوقت الذي تكرس فيه وزارة التربية الوطنية كل جهودها لمحو الأمية والتربية غير النظامية، وتوفير عدد من المنشطين والمنشطات عبر التعاقد مع عدد من جمعيات مجتمع المدني زيادة على طبع كتب دراسية في هذا المجال ، نجد بالمقابل من يقوم بهدر أموال الدولة وتبذيرها من خلال إتلاف مجموعة من الكتب المدرسية ورميها في مطرح الأزبال أو إحراقها في مشهد غريبٍ ومستفزٍ ومخزٍ في آن واحد. ما وقع بمنطقة القرادات بالخميسيات يدعو مجددا إلى طرح السؤال عن الجدوى من صرف كل هذه الأموال في طبع أطنان من الكتب ثم رميها وهي جديدة لم يسبق استعمالها في مطرح الأزبال. فحسب ما ورد في صفحات «يوتوب» على شبكة الأنترنيت من صور وتعليقات، تم العثور يومي الأربعاء والخميس 12/13أكتوبر 2010 ، على كميات مهمة من كتب محو الأمية والتربية غير النظامية تعد بالأطنان مرمية بمطرح النفايات قرب منطقة القرادات بالخميسات، بعدما رمتها إحدى الشاحنات هناك. لكن الأفظع من كل هذا هو أن هذه الكتب لم يتم استعمالها في تكوين وتعليم الكبار (الأندراغوجيا)، ولم توزع على المستفيدين والمستفيدات مع أنها مخصصة لهم بالمجان، بحيث صرفت عليها أموال طائلة من قبل كتابة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتعليم والبحث العلمي المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية، ومع ذلك تم رميها في مطرح النفايات بدون مبررات مقبولة. وحسب الصورالملتقطة من عين المكان والمبثوتة في اليوتوب ; فالكتب المرمية بالمزبلة تحمل عناوين مختلفة ككتاب المتعلم للمستوى الثالث في مادتي اللغة العربية والفرنسية، والتكوين الأساسي للكبارالجزء الثاني، وكراسة المتعلم بالمستوى الأول في مواد:النشاط العلمي، الرياضيات ، الاجتماعيات.... وهنا تطرح عدة افتراضات وتتناسل الكثير من الأسئلة بشأن هذه الواقعة ; لنفترض جدلا أن هذه الكتب المطبوعة والجديدة تتضمن أخطاء مطبعية وبالتالي فهي غير صالحة للإستعمال ، فلماذا لم ترجعها كتابة الدولة ومعها الأكاديمية إلى المطبعة لإعادة تدويرها وإعادة استغلال ورقها في صناعة الورق أوالكارتون أو وضعها بأقسام المدارس عوض التخلص منها بهذه الكيفية لترمى بمطرح الأزبال؟. وإذا افترضنا كذلك أن برنامج محو الأمية قد انتهى وأن الوزارة لم تعد في حاجة إليها مع أنها جديدة، فلماذا تصرف كل هذه الأموال من ميزانية كتابة الدولة لكي يكون المصير النهائي لهذه الكتب الدراسية هو المزبلة ؟ ألا يعد تبذيرا لأموال الدولة؟.فمهما كانت المبررات التي دفعت القائمين على الشأن التربوي والتعليمي لفعل ذلك، فإن الأمر حقا يدعو إلى الإستغراب والقلق أيضا ، بل ينم عن قمة الإستهتاروالإستخفاف بالتربية عموما. ويبقى السؤال الأخير والأهم : هل تعلم وزارة التربية الوطنية ومعها كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية بهذه الفضيحة ؟. فإذا كانت تعلم فتلك طامة تستوجب التوضيح من المسؤولين عن هذا الفعل الشنيع ، وإذا لم تكن على علم فتلك حكاية أخرى...