أدى ارتفاع عدد الأوراش ، عبر مختلف شوارع الدار البيضاء، إلى اختناقها وتحويلها إلى متاهة يصعب على من لا دراية له بخباياها أن يغامر ويقود سيارته بها. وحتى الذين لا يجدون بديلاً عن النقل العمومي يسقطون في فخ الازدحام والقبول بما يملى عليهم من شروط مخالفة للقوانين المنظمة للنقل العمومي! فمهما حاول الوافد إلى الدار البيضاء أن يكون مواطناً متحضراً ، فإن المنطق المعتمد في تنظيم المرور غالباً ما يصطدم بإكراهات كثرة الأوراش التي تنجز أحيانا بشكل «عشوائي»، وكأن الفائزين بصفقات الإنجاز لا يعيرون أي اهتمام للبنود الواردة في دفاتر التحملات، إن هي وجدت... منذ حوالي سنة انطلقت أشغال إنجاز ترامواي الدار البيضاء، وقد كان لابد من انطلاقها لأن أي تأخير في الإنجاز سيترتب عنه ارتفاع الكلفة إلى أن يصل إلى حالة استحالة الإنجاز، ولكن الحالة التي صارت عليها حركة المرور تؤشر على ما يؤكد أنه لم تتم مراعاة المصالح الحيوية للعاصمة الاقتصادية ولسكانها وللوافدين إليها! ففي غياب برمجة تقنية تحدد الأولويات وتسهر على توفير الحلول البديلة جراء إغلاق هذا الممر أو ذاك، بما في ذلك الإعلان المسبق عن بداية الأشغال وتعيين الممرات البديلة مع السهر على منع الوقوف بها، بما في ذلك تفادي القيام بالأشغال في نفس الوقت بالممرات ليمكن لبعضها أن يكون بديلاً عن الآخر... حدة الاختناق دفعت ببعض سائقي سيارات الأجرة إلى الامتناع عن التوجه إلى الشوارع والأزقة التي تقام فيها الأشغال، وهذا الوضع يزداد حدة في ساعات الذروة، أو في الممرات التي يسهر فيها رجال الأمن بصرامة على احترام بنود مدونة السير الجديدة، أماإذا تزامن الازدحام مع وصول القطارات المتأخرة عن مواعيدها بما يزيد عن نصف ساعة وما أكثر مثل هذه الحالات فإن التنقل من نقطة إلى أخرى داخل الدارالبيضاء يكون أهون وأسرع على الأرجل منه عبرسيارات الأجرة أو السيارات الخاصة! إن الدارالبيضاء تستعد لانطلاق أشغال تثليث الطريق السيار الرابط بين مقر «المكتب الشريف للفوسفاط» وعين حرودة، وإذا لم تبادر السلطات المعنية إلى اتخاذ الإجراءات المواكبة طيلة فترة الإنجاز، فإن حالة الاختناق التي تشهدها الدار البيضاء ، يمكن أن تحتد وأن تحول مجرد التفكير في زيارة المدينة إلى كابوس. إن الحاجة الماسة إلى تسريع وتيرة الإنجاز وتقليص الكلفة وإلى الحفاظ على الحد الأدنى من مرونة التنقل داخل العاصمة الاقتصادية ، تقتضي وضع دفاتر تحملات تراعي المعايير التقنية، بما في ذلك تقسيم الورش إلى مقاطع وتأمين التشوير الكافي لتفادي التيه، وما إلى ذلك من المعايير المعروفة لدى كل المهندسين والخبراء المعنيين بالقطاع.