«الروينة»، «آش واقع»، «فين غاديين» « الله يخرج هاذ العام بخير»... هذه التعقيبات ما هي إلا نموذج من بعض العبارات التي رسمتها شفاه الإداريين والمكونين والمتدربين، وكل من زار مؤسسات التكوين المهني بوجدة خلال شهر شتنبر. فالفوضى العارمة التي عرفتها هذه المؤسسات لم يكن لها مثيل فيما سبق، ولن يكون لها مثيل فيما سيأتي إذا ما تحملت الإدارة العامة مسؤوليتها، وحققت في الأمر بشكل نزيه ومستقل، فيما جرى ويجري بمقصورة قيادة «الكومندار امبارك» الذي بسوء تدبيره مازال مصرا على قيادة الباخرة نحو التيه بدلا من بعث رسالة «بان، بان، بان، أو «مايداي، مايداي، مايداي» طلبا للنجدة من الإدارة العامة، وسنسرد في ما يلي بعضا من مظاهر هذه الفوضى لقطع الشك باليقين عندما فتحت مؤسسات التكوين بوجدة أبوابها لاستقبال متدربي السنة الثانية يوم 2 شتنبر، ومتدربي السنة الأولى في السادس منه، فوجئ الجميع ب«حمار السي امبارك واقفا في عقبة التكوين المهني، ولما أنهكه التعب ومل من سماع طنين « را، زيد آ لحمار» سقط متدحرجا إلى الأسفل بكل ما حمل، ولاحظ الجميع كيف تعيش بعض المؤسسات على إيقاع أوراش بناء فوضوي، لا يخضع لأي تصميم، وبصفقات تحتاج إلى التدقيق المحاسباتي ما دام المبلغ المخصص لها يقدر بحوالي 300 مليون سنتيم. وحيث الجدران تنبت وسط الأقسام الواسعة، لتشطرها إلى نصفين ضيقين، وفي هذا استفزاز واضح لمشاعر كل من استنكروا عمليات البناء الفوضوي التي «شوهت» معهد لازاري في بداية الموسم الفارط، والتي كلفت ما يقارب 100 مليون سنتيم. وحيث أن مراحيض معهد سيدي امعافة حق فيه قرار الهدم، تاركة المتدربين يقضون حاجتهم وراء المحارف وخلف الأشجار، وحيث أن مرافق داخليتها أغلقت أبوابها في وجه المتدربين المغاربة دون غيرهم من الأجانب، تاركة المعوزين منهم يفترشون حصائر بيت الله، وحيث أن كثيرا من التجهيزات والمعدات مرمية مثل « لافيراي» وسط الساحات. ولما أدرك المسؤول الجهوي أنها تتعرض للتلف والتهالك بسبب الأمطار التي تساقطت مؤخرا، تعاقد مع أحد الممونين من أجل صباغتها لتخدع الأبصار، وهذا يذكرنا بالأسلوب الذي تم اعتماده فيما سبق في مراكز القرب للتكوين المهني، التي دشنت من طرف الملك، حيث عرضت على أنظاره في بعض الأحيان تجهيزات قديمة بصباغة جديدة. فهل بإمكان الصباغ إصلاح ما أفسدته المديرية الجهوية؟ ألم يكن أجدر بالمدير الجهوي الحفاظ على المال العام لصرفه في ما هو أفيد كشراء المواد الأولية للتكوين الشبه منعدمة. تحويلات مشبوهة منذ شهر غشت المنصرم، و«حمار سي امبارك» يقوم بعمليات تحويل لمعدات وتجهيزات بعض المحارف من مؤسسة إلى أخرى. ولأن بعضها لم يجد مكانه في مؤسسة الاستقبال، فقد ترك في الساحة لشم الهواء والاستحمام بماء المطر، ولنا في معهد كولوش وسيدي معافة والصور الصامتة والناطقة، التي بحوزتنا، خير شهود على ما نقول. والأدهى من ذلك أن عملية التنقيل لم تشمل الحديد وبأسه فقط، بل شملت حتى البشر، حيث فوجئ متدربو كثير من الشعب «بحمار سي امبارك» المنهك طيلة شهر غشت ينقلهم أفواجا، أفواجا في بداية شهر شتنبر من المؤسسات التي كانوا يتابعون أو ينوون التكوين بها إلى مؤسسات تبعد عن مقرات سكناهم بآلاف الأميال، وهذا من دون شك لإشعارهم بأن التكوين «ماشي ساهل»، إذ على المتدرب أن يشقى لنيل شهادته. ونسوق كمثال على ذلك، نقل متدربي الصناعة الميكانيكية من معهد العونية إلى معهد سيدي امعافة، ونقل متدربي إصلاح السيارات ومتدربي الهيكلة والصباغة ومتدربي إصلاح الآلات الكهرومنزلية من معهد العونية إلى معهد كولوش، ونقل كل من متدربي تقنيات البيع من معهد لازاري ومتدربي كهرباء البناء ومتدربي الصباغة والزجاج من معهد كولوش إلى معهد العونية. وكان طبيعيا أن يلزم نقل المعدات والمتدربين نقل المكونين المعنيين الذين تأخر نقلهم ما يقارب شهرا، ظلوا خلاه في عطلة واستجمام، لأن المدير الجهوي أبى إلا أن يكون صديقه «مدير الموارد البشرية» هو من يؤشر على قرارات نقلهم، ولا ندري إن كان ذلك من أجل تشريف هذا الأخير أو من أجل توريطه في عملية مفلسة من بدايتها إلى نهايتها، ويشهد على ذلك أن بعض المكونين رغم توصلهم بقرارات انتقالهم الجديدة ما زالوا في شبه عطالة، لأنه رغم تأخر قرار انتقالهم فإنهم سبقوا معدات محارفهم التي مازالت تنتظر «حمار سي مبارك» لنقلها من معهد العونية إلى معهد كولوش. منهاج عقل التكنيك المدبر كل الوقائع تدل على أن عقل التكنيك المدبر لدخول موسم 2010/2011 بالمنطقة الشرقية يشتغل بشكل أحادي، ووفق منهاجه الوحيد «را، زيد آ لحمار» الذي لا هم له إلا ملأ المقاعد البيداغوجية المسطرة مسبقا، لإيهام المسؤول الأول عن مكتب التكوين المهني، بأن إنجازات عظيمة قد تحققت، من دون إعارة أي اهتمام للحالة الصحية والنفسية «للحمار حامل الأوزار»، ومدى قدرته عل التحمل، ولا حالة الطريق بمنعرجاتها ومنحدراتها وعقباتها، وما قد يترتب عن ذلك من عطب، وهو ما سنحاول إيجازه بالمختصر المفيد. - عطب في استعمالات الزمن: منذ الإعلان عن بداية موسم الحرث بالتكوين المهني، واستعمالات الزمن تصاغ بشكل مرتجل ومنقوص، مما تطلب إعادة صياغتها مرات عديدة. بل إن هناك إحدى المؤسسات التكوينية، التي عجز مديرها - لحد كتابة هذه السطور- عن وضع استعمالات الزمن. وكما يقول المثل «أنا نتمتم والمدير العام يفهم» فيكفي سيادته تفحص بيانات الحياة (CV) لبعض ممن وقع لهم على مقررات تعيينهم كمدراء بالمنطقة الشرقية في السنة الماضية، ليرى بأم عينه قشور الموز التي مر عليها برجليه بتخطيط من المدير الجهوي، وتنفيذ من صديقه مدير الموارد البشرية. - عطب في سير عملية التكوين: طيلة شهر شتنبر عاشت المؤسسات التكوينية على إيقاع متدربين تائهين، منهم من يبحث عن قاعة أو محرف مثبتين باستعمال الزمن، ولا وجود لهما في الواقع، ومنهم من يبحث عن مكون لا زال تشغيله بعقد محدد المدة في علم الغيب، ومنهم من يتردد على الأقسام المجاورة بحثا عن كرسي أو طاولة، لدرجة أصبحت معها الممرات كدرب «جوطية» مزدهر بحركة مرور حمالي الكراسي والطاولات، أما المحظوظون منهم، والذين وجدوا قاعات تحتضنهم، فما عادوا يميزون بين المكون والبناء والصباغ الذين تداخلت مهامهم. - عطب في خريطة التكوين: من المفروض أن تعمل المديرية الجهوية على احترام خريطة التكوين المتعاقد عليها قبل بداية كل سنة تكوينية مع الإدارة العامة، لكن لا شيء من هذا حدث، فهناك شعب تم خلقها، وأفواج تمت إضافتها بقرار اتخذ في بداية السنة التكوينة، أي بعد اجتياز مباريات التكوين، وفي هذا إخلال تام بمتطلبات الخريطة المصادق عليها مسبقا، وتبخيس لمباريات التكوين، التي ما عاد لها معنى بعد فتح باب التسجيل المباشر «أي من دون مباراة» لأن الهم الوحيد للمدير الجهوي هو الوصول إلى ملئ ما سبق، وهو ما يفسر شروعه في الأيام الأخيرة في حملة إعلامية لجلب زبائن جدد لمؤسساته التكوينية، وهو ما يعني أن باب التسجيل سيظل مفتوحا طيلة شهر أكتوبر، وبمعنى آخر فإن التكوين لن يبدأ بالنسبة لبعض المتدربين إلا في شهر نونبر. - عطب في التواصل: يسود استياء عام وسط مستخدمي ومتدربي المنطقة الشرقية بسبب أسلوب العجرفة والتعالي الذي يطبع سلوك المدير الجهوي، إذ بمجرد ما أن يتقدم أحدهم بطلب مقابلته، إلا وكان الرفض نصيبه، وإذا ما أصر على مقابلته، وجد نفسه أمام «جلمود صخر حطه السيل من عل» يرفض التحاور معه، الشيء الذي ترتب عنه سيادة الأجواء المشحونة، ورفع الشكاوى مباشرة إلى الإدارة العامة، وما حلول مفتشين مركزيين مؤخرا للتحقيق في شكوى بعض المتدربين الراسبين، لخير دليل على ذالك، إذ بعد الإنصات لهم تبين أن المدير الجهوي رفض استقبالهم والاستماع لهم، الشيء الذي اضطرهم لمراسلة المفتشية العامة.