باستحضار ظهير 30 شتنبر 1976، نجد أن الجماعات المحلية تلعب دورا هاما في التنمية المحلية وتدبير الشأن المحلي في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويأتي هذا الدور نتيجة لسياسة اللامركزية التي تتبناها الدولة المغربية على غرار الدول الحديثة للتخفيف من أعباء السلطة المركزية بنقل عدد من الاختصاصات إلى المجالس المحلية، كما أن دور الجماعات المحلية أصبح يأخذ أبعادا كبيرة مع التزايد الديموغرافي واحتياجات المجتمع المتزايدة، وخاصة في الجانب التعليمي والتربوي. وإن قراءة لأهم المحطات التاريخية لنظامنا التعليمي يجعلنا نستنتج بوضوح أن السمة الغالبة على أهم الإصلاحات التي بادرت بها مختلف الحكومات المتعاقبة على الشأن التعليمي هي التردد والتعثر وعدم وضوح الرؤية، مما كان يؤدي كل مرة إلى إعادة النظر في في السياسة التعليمية ومحاولة إيجاد الحلول القمينة لحل المعضلات التعليمية والتربوية والتي غالبا ما كانت تنتهي بالفشل. كل هذه المعطيات، جعل الدولة تعتزم إلقاء مسؤولية بناء مؤسسات التعليم وتجهيزها وصيانتها على الجماعات المحلية. وهذا لن يتجسد بطبيعة الحال على أرض الواقع إلا بالتفعيل الحقيقي لسياسة اللامركزية وجعل الجماعات المحلية تتمتع بالاستقلالية المالية والمعنوية، وإصدار قوانين واضحة تراعي التوزيع المحكم لاختصاصات الدولة والجماعات المحلية خاصة في المجال التربوي ، وذلك لأن تحمل الجماعات المحلية لمسؤولياتها في المجال التربوي، قد يجعل المواطن ينخرط بجد في مسلسل إصلاح التعليم وتصبح المؤسسة التربوية شأنا عاما بالمعنى الحقيقي للكلمة. فأي دور تنهض به الجماعات المحلية في إصلاح التعليم في الوقت الراهن؟ لمعالجة هذه الإشكالية، سنتطرق للعناصر التالية :: مجالات تدخل الجماعات المحلية في المجال التعليمي بدأ الاهتمام بقطاع التعليم والتربية من طرف المنتخبين المحليين بشكل واضح منذ المناظرة الوطنية الأولى للجماعات المحلية المنعقدة بالرباط سنة 1977. وقد تزايد بشكل ملحوظ عبر كافة المناظرات المنعقدة بحيث خصص بعضها لهذا القطاع. وبالرجوع إلى ما أسفرت عليه المناقشات في تلك المناظرات وكذا توصياتها، يتضح أن المنتخبين ما انفكوا يطالبون بنقل مسؤولية تدبيره سواء على مستوى إنجاز البنيات المدرسية أو على مستوى التسيير التربوي والتخطيط المدرسي وغير ذلك. ومن الطبيعي جدا أن تهتم المجالس المنتخبة بقطاع التعليم نظرا لصلته الوثيقة بالسكان وباعتباره ركيزة أساسية لكل تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية. والحقيقة، أن تنمية قطاع التعليم والتربية هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات المحلية وغيرها من الفاعلين المحليين . وحتى نلم بدور الجماعات المحلية في إصلاح التعليم، لابد من تأصيل مفهومي الإصلاح والجماعة المحلية. تأصيل مفهومي الإصلاح والجماعات المحلية إن تحديد مفهوم الإصلاح يطرح صعوبات عدة بسبب طابع العمومية والتشابك والتعقد في الظواهر والأبعاد التي يتضمنها، فقد ارتبط هذا المفهوم بداية بالمجال السياسي، وهو يعني إدخال تعديلات وتغييرات وتحسينات على النظام السياسي دون المس بأسسه التي تعرف إجماعا من قبل الأمة. والإصلاح السياسي هو كذلك تغيير في البنى والعمليات والأهداف التي تؤثر في توزيع وممارسات القوى الحاكمة في المجتمع. أما الإصلاح في المجال التعليمي والتربوي فيشير إلى «عملية التغيير في نظام التعليم أو في جزء منه نحو الأحسن، والإصلاح التربوي يتضمن عمليات تغيير سياسية واقتصادية واجتماعية ذات تأثير على إعادة توزيع الثروة والقوة في المجتمع، وبالتالي يتضمن تعديلات شاملة في السياسة التعليمية تؤدي إلى تغييرات في المحتوى والفرصة التعليمية والبنية الاجتماعية أو أي منها لنظام التعليم في مجتمع ما». كما أن مفهوم إصلاح التعليم يتضمن تحريكا لأوضاع المجتمع القائمة إلى صورة مغايرة، وقد