مع مطلع يوم الخميس 9 شتنبر 1909، الموافق للثالث والعشرين من شهر شعبان من عام 1327، تم إعدام الجيلالي بن عبد السلام اليوسفي الزرهوني، المشهور في مغرب مطلع القرن العشرين بكنية «بوحمارة» وبلقب «الروكَي». اضطر يومها السلطان المولى عبد الحفيظ إلى إصدار أوامره المطاعة بإعدام «الفَتَّان» في مشور بلاطه العامر بفاس. طيلة سبع سنوات، وبينما جموع المغاربة تتابع أصداء ما يقوم به الروكَي عبر الروايات الشفوية، أو عبر ما يردده «البرَّاحون» أو ما يتسلل إلى علمها من مضمون الإرساليات المخزنية حول «فتنة بوحمارة»، اكتشف الرأي العام الأوروبي وجود الرجل وعلم ببعض أخباره عن طريق الصحافة والمجلات الأوروبية، وتابع أخباره بشغف لم يكن يعادله سوى حجم أطماع حكومات القارة العتيقة الرامية إلى احتلال المغرب. وتتضمن السلسلة هذه مجموعة من هذه المقالات الغربية التي صاغها صحفيون و كتاب عاصروا الروكَي بوحمارة. بينما أصبح اتجاه رياح المواجهة في صالح المخزن الحفيظي الذي بدأ يراكم الانتصار تلو الانتصار في حربه ضد بوحمارة، وجدت النسخة المصورة من أسبوعية «لوبوتي جورنال» الفرنسية ضالتها في «خرق حقوق سجناء الحرب» من طرف السلطان مولاي عبدالحفيظ ومخزنه المركزي. وهو ما يتبين من مقالها المنشور يوم 5 شتنبر1909، تحت عنوان «قسوة السلطان مولاي حفيظ»، علما أنه غاب عن محرري الجريدة أن الروكَي نفسه كان قد اعتقل قبل صدور العدد المذكور (22 غشت). جاء في المقال، بعد مدخل يفسر العنوان قائلا «بأمر منه (أي السلطان) يتعرض أنصار الروكَي السجناء لأشكال فظيعة من التعذيب»: «ارتجف العالم المتحضر رعبا حين اكتشف أصناف التعذيب التي أمر السلطان مولاي حفيظ بإلحاقها بأتباع الروكَي، الذين تم اعتقالهم خلال المواجهات الأخيرة بعد هزيمة القائم بوحمارة على يد المْحلة الشريفة. «لقد تعرض السجناء، الذين نُقلوا إلى فاس، للتنكيل والتعذيب بأمر من السلطان. هكذا، بُترت يد أو قدم البعض منهم لتُوضع جدعة العضو المقطوع في سطل قطران فائر. أما البعض الآخر، فتكلفت السكاكين بتوسيع فمه إلى الأذنين قبل انتزاع فكه الأسفل من مكانه. «لقد أثارت هذه الأصناف من التعذيب الوحشي السخط في أوربا، وخاصة في فرنسا، حيث هزت هذه الفظاعات مشاعر الرأي العام. «إننا نتوفر على بعثة عسكرية في المغرب، مهمتها تدريب قوات السلطان، ولم يعد مقبولا اليوم، بعد قسوة من هذا القبيل، استمرار بعثتنا في مساعدة عاهل غير إنساني. «ليس ممكنا لفرنسا، التي مهدت لانتصار سلطان المغرب، أن تتركه يتصرف في هذا الانتصار مثلما يتصرف فيه الآن.»