شب حريق مهول بعدد من محلات سوق شعبي «جوطية» بميدلت مخصص لبيع الملابس المستعملة، وأدت ألسنة النيران إلى تحويل المكان إلى فضاء من الرماد والأنقاض، بسبب ما يحتوي عليه المكان من مواد قابلة لاشتعال كالملابس والأكياس البلاستيكية والقصب والخشب، إضافة إلى قنينات الغاز المستعملة في الإنارة، وتضاربت الأنباء حول حجم الخسائر المترتبة عن هذا الحادث الكارثي الذي حمل المئات من ساكنة ميدلت إلى التجمهر لمتابعة التفاصيل، وبينما انتقلت السلطات المحلية والإقليمية والمنتخبة إلى عين المكان، حلت عدة فعاليات من المجتمع المدني والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والنقابة الوطنية للتجار والحرفيين، وممثل غرفة التجارة والصناعة لإقليمي خنيفرة وميدلت، حيث قدم الجميع تضامنهم وعبروا عن مؤازرتهم للمتضررين. ونظرا لدرجة الحرارة المرتفعة فقد تم التمكن بصعوبة من السيطرة على الحريق من طرف رجال الإطفاء والمتطوعين من المواطنين، وحال ذلك دون انتقال النيران إلى المحيط الذي لم تسلم بعض جوانبه من زحف النيران التي طالت بعض المنازل المجاورة، ولم يفت بعض المهتمين بالشأن العام المحلي تسجيل ما يؤكد على حاجة مصالح الوقاية للرفع من قدراتها اللوجيستية قصد تحسين تدخلاتها. إلى ذلك شرع المحققون في إجراءات التحقيق لمعرفة أسباب وملابسات الحريق وتحديد المسؤوليات، وإلى حدود الساعة لاتزال الأسباب مجهولة ومعلقة، والضحايا ينتظرون عطف وتفهم المسؤولين المحليين، وجاء في بلاغ حقوقي تم تعميمه بالمناسبة، وحصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، أنه «سبق للسلطة المحلية والمجلس الحضري منذ حوالي 6 ست سنوات أن اقترحا على عدد من الباعة المتجولين اختيار المكان المشار إليه أعلاه بديلا عن الاستغلال العشوائي للشارع العام، مقابل أداء واجبات ما يعرف ب»الصنك»، وقد ظل تجار السوق المذكور يمارسون نشاطهم بشكل عاد وأمام أنظار الجميع دون التحسب لأي احتمال سيء يمكنه الحدوث. وفي هذا الإطار قامت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بميدلت باصطحاب المتضررين إلى الباشوية ورئاسة المجلس البلدي لحث الجميع على أخذ الملف على محمل الجد وتحمل المسؤولية في معالجة ما يمكن معالجته من أضرار ومضاعفات وبدائل، واجتمع مكتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وأصدر بيانا، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، أعرب فيه المجتمعون عن تضامنهم مع «المتضررين في هذا الحريق المهول الذي أتى على كل المحتويات والممتلكات»، فيما ناشد أصحاب البيان كافة الفعاليات المحلية ل»دعم ومؤازرة هؤلاء المتضررين بكل صيغ التكافل الاجتماعي المتاحة لحين تجاوز هذه المحنة»، ولم تفتهم (أصحاب البيان الحقوقي) دعوة المتضررين إلى «التحلي بالنضج والتضامن البيني وتنظيم أنفسهم لقطع الطريق على أي تطورات مفاجئة»، كما دعوا مختلف الجهات المسؤولة والمعنية للتدخل، كل من موقعه، قصد «إيجاد ما يلزم من الحلول المناسبة، سواء على مستوى تحديد المسؤوليات فيما جرى، أو بالنسبة لمستقبل المتضررين المهني والاجتماعي، خصوصا وأن معظم المتضررين أرباب أسر»، وطالب أصحاب البيان بإنصاف المتضررين بشكل سليم. وصلة بالموضوع، جاء في بلاغ حقوقي مشترك «إذا كانت مثل هذه الكارثة أو أقل منها بكثير عادة ما تستنفر الدولة في امتداداتها الجهوية والإقليمية، فإن المتضررين من حريق ميدلت يعبرون «عن القلق والتذمر جراء البرودة اللافتة في التعاطي مع مشكلهم من قبل المسؤولين المحليين الذين أصبحوا يراهنون على عامل الوقت عله يتكفل بحلحلة المشكل » ، علما بأن كل المتضررين اضطروا لأسباب كثيرة ممارسة هذه الأنشطة الهامشية وغير المهيكلة، ومن ثم «تظل أوضاعهم مرشحة للتأزم أكثر كلما تباطأت عملية المعالجة بالنظر لعدم وجود مصادر بديلة للدخل يكسبون منها عيشهم، وارتباط غالبيتهم بالتزامات الديون والكراء ناهيك عن مستلزمات حق البقاء البيولوجي من أكل وشرب ومصاريف مختلفة على بعد أيام قليلة فقط من شهر رمضان، مما يجعلهم في حال مراوحة الوضع مكانه مشاريع متسولين باستحقاق»، يضيف البلاغ. وذكر البلاغ بقرار المتضررين، وعددهم حوالي 30 شخصا، «الدخول في أشكال نضالية مسترسلة بدءا بوقفتين احتجاجيتين، (الخميس والجمعة 15 و16 يوليوز 2010 ) أمام بهو البلدية، كما توجهوا، يوم الثلاثاء 20 يوليوز، نحو مقر عمالة المدينة بغاية إثارة الانتباه لوضعيتهم الإنسانية والاجتماعية المتردية باعتبارهم مواطنين ليست حياتهم أرخص من سهرات غنائية تساوي الملايين ( أمسية غنائية بميدلت وسهرات مماثلة بالريش)، متسائلين في نفس الوقت عن «مصير الميزانيات المخصصة لمثل هذه الحالات من كوارث وطوارئ؟» يضيف البلاغ.