تشكل البرامج الصحية التي يتم بثها على أمواج القنوات التلفزية أو عبر أثير الإذاعات، فرصة للعديد من الأشخاص سيما من ربات البيوت من أجل الإطلاع على عدد من الأمراض والمشاكل الصحية، التي ينبري ضيوف هذه البرامج المختلفة الصباحية منها والمسائية، لتقديم إيضاحات بشأنها وطرق التعامل معها، إن تعلق الأمر بسبل الوقاية أو حتى بالنسبة للعلاج. برامج أضحت بالنسبة للعديدين بديلا عن العيادات الصحية والمستشفيات بالنظر إلى تنوع اهتماماتها، وهو ما يفسر سر الإقبال الكبير عليها سواء عبر الاتصالات الهاتفية أو الرسائل القصيرة، أو من خلال الرسائل الالكترونية، إلا أن هذا الإقبال قد لايكون معيارا لدى البعض لقياس درجة نجاعتها أو «صحتها»؟ نقابة الأطباء المصرية تزعمت لائحة المعارضين لهذا النوع من البرامج، حيث عملت على رفع دعوى قضائية لوقف عدة برامج تبث على بعض القنوات الفضائية بدعوى أن هذه البرامج تشكل خطرا حقيقيا على صحة المرضى لما تقدمه من استشارات صحية خاطئة من دون ترخيص وفي غياب استقبال أصحاب الحالات المرضية والقيام بفحص حالتهم والكشف عليهم حتى يتسنى منحهم الوصفات الطبية العلاجية الواجب اتباعها من أجل الاستشفاء، معتبرة أن الأمر برمته يتم من لدن أشخاص غير متخصّصين/مؤهلين! وشملت الدعوى المرفوعة لدى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية، عددا من القنوات الفضائية ومن بينها قناة الحافظ الصحة والجمال الخليجية الناس، والتي اعتبرتها النقابة تقوم بعمل مخالف للقانون 415 لسنة 1954 بشأن إبداء مشورات طبية وعلاجية ودوائية من دون تراخيص مزاولة مهنة الطب ما يمثل خطرا حقيقيا على صحة المرضى، وهمت الدعوى المرفوعة على وجه التحديد عدة برامج تتحدّث عن الطب البديل والعلاج بالأعشاب وطالبت بوقفها فوراً وهي: برنامج «الدواء الأخضر» على قناة الخليجية الذي يقدّمه الصيدلي سعد حسنين، وبرنامج «فن الحياة» الذي يقدّمه عادل عبدالعال، وبرنامج « أسرار الجمال « من تقديم دينا الجارم، وبرنامج «إعلانات مركز الصفا للأعشاب» ويقدّمه الصيدلي حمدي عبدالتواب، وكذلك برنامج «الطب الأصيل» للدكتور علاء ناصر، و»مملكة الرشاقة» لأسامة حجازي، بالإضافة إلى إعلانات للتواصل مع عيادات الخليجية، كما شددت نقابة الأطباء في الدعوى المرفوعة على أهمية وقف برامج «صالون الصحة والجمال» و»طبيب على الهواء» و»صحي وطبيعي» و»من الطبيعة» وإعلانات أدوية الأعشاب غير المصرّح بها من وزارة الصحة المصرية وكلها تبث على قناة «الصحة والجمال»، وفيما يتعلق بقناة «الناس» طالبت نقابة الأطباء وقف أحد برامجها وهو برنامج «الصيدلية الخضراء» وكشفت كل من نقابة الصيادلة والأطباء أن عددا كبيرا من مقدمي هذه البرامج غير مسجلين بالنقابتين أو إحداهما. حرب إعلامية/صحية، تراها النقابة ضرورية للحفاظ على صحة المواطنين، في حين ترى البرامج الموجهة للمشاهدات/المشاهدين أنها تخدم قضاياهم الصحية، لتبقى في آخر المطاف الصحة هي الرهان الأساسي الذي يستوجب الاهتمام به، ويستدعي من مسؤولي الصحة عندنا بدورهم التململ قليلا للانتباه لما يتم ترويجه تحت غطاء مواد «صحية» لاأحد يدري مصدرها بينما يتم التعاطي لها وتشهد إقبالا على نطاق واسع؟