وفود تمثل كبريات الحواضر العربية ستحل بطنجة    أعضاء مقاطعة عين السبع يطالبون بإقالة الرئيس يوسف لحسينية بسبب "الانتكاسة" التدبيرية    المحكمة التجارية بالدار البيضاء تجدد الإذن باستمرار نشاط مصفاة "سامير"    أيوب الكعبي يكتب سيناريو من العجب والجنون    "كاف" يمدد فترة تسجيل اللاعبين ويغير لوائحه لتتناسب مع نظيرتها الأوروبية    مواجهة نارية بين الريال و السيتي في الملحق المؤهل لثمن نهائي أبطال أوروبا    لقجع رفض الطلب … تنافس ثلاثي على مهمة تدريب منتخب تونس    في سرية تامّة.. دنيا بطمة تغادر أسوار سجن الأوداية بمراكش    بعد سنة حبسا.. دنيا بطمة تغادر سجن لوداية    دنيا بطمة تغادر السجن بعد إتمام عقوبتها في قضية "حمزة مون بيبي"    الدورة ال28 لكأس للا مريم للغولف: مشاركة وازنة للاعبات المغربيات إلى جانب نخبة من النجمات العالميات    الرباط: وزير الخارجية اليمني يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة    الرئيس الانتقالي في سوريا: نعمل على وحدة البلاد وتحقيق السلم الأهلي    حماس تعلن أسماء ثلاثة رهائن إسرائيليين ستفرج عنهم السبت    أداء إيجابي في بورصة الدار البيضاء    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    حصيلة النشاط القضائي بالقنيطرة‬    انخفاض بنسبة 0.2% في أسعار إنتاج الصناعات التحويلية بالمغرب    توقيف شخص بطنجة مبحوث عنه وطنيا متورط في قضايا سرقة واعتداء    إعادة فتح معبري سبتة ومليلية.. ضغط إسباني وتريث مغربي    استئناف النقل البحري بين طنجة وطريفة بعد توقف بسبب الرياح العاتية    حكم بالسجن على عميد شرطة بتهمة التزوير وتعنيف معتقل    حماس تفرج السبت عن ثلاثة رهائن    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تحتج أمام البرلمان وفاء للشهيد محمد الضيف    إيطاليا تحظر الوصول إلى تطبيق "ديب سيك" الصيني    التمرينات الرياضية قبل سن ال50 تعزز صحة الدماغ وتقلل من الزهايمر    إلموندو الإسبانية تكتب: المغرب يحظى بمكانة خاصة لدى إدارة ترامب وواشنطن تعتبره حليفًا أكثر أهمية    التعاون السعودي يعلن ضم اللاعب الصابيري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    كيوسك الجمعة | 97 % من الأطفال المغاربة يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعزز وعي الجيل المتصل في مجال الأمن الرقمي    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    اللجنة التأديبية الفرنسية تقرر إيقاف بنعطية 6 أشهر    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    ارتفاع أسعار الذهب    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    سانتو دومينغو.. تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال التعليم    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن    وتتواصل بلا هوادة الحرب التي تشنها جهوية الدرك بالجديدة على مروجي '"الماحيا"    نتائج الخبرة العلمية تكشف قدرة خلية "الأشقاء الثلاثة" على تصنيع متفجرات خطيرة (فيديو)    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محكيات من سيرة بوحمارة كما نشرها كتاب غربيون معاصرون له
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 07 - 07 - 2010

مع مطلع يوم الخميس 9 شتنبر 1909، الموافق للثالث والعشرين من شهر شعبان من عام 1327، تم إعدام الجيلالي بن عبد السلام اليوسفي الزرهوني، المشهور في مغرب مطلع القرن العشرين بكنية «بوحمارة» وبلقب «الروكَي».
اضطر يومها السلطان المولى عبد الحفيظ إلى إصدار أوامره المطاعة بإعدام «الفَتَّان» في مشور بلاطه العامر بفاس. طيلة سبع سنوات، وبينما جموع المغاربة تتابع أصداء ما يقوم به الروكَي عبر الروايات الشفوية، أو عبر ما يردده «البرَّاحون» أو ما يتسلل إلى علمها من مضمون الإرساليات المخزنية حول «فتنة بوحمارة»، اكتشف الرأي العام الأوروبي وجود الرجل وعلم ببعض أخباره عن طريق الصحافة والمجلات الأوروبية، وتابع أخباره بشغف لم يكن يعادله سوى حجم أطماع حكومات القارة العتيقة الرامية إلى احتلال المغرب. وتتضمن السلسلة هذه مجموعة من هذه المقالات الغربية التي صاغها صحفيون و كتاب عاصروا الروكَي بوحمارة.
في سنة 1905، نشر أوغست مولييراس، المستكشف الكولونيالي الفرنسي، المقيم في الجزائر والمهتم بالقضايا والتطورات الجارية على الساحة المغربية، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وإثنوغرافيا، نشر إحدى دراساته العديدة حول المغرب، وهي بالضبط دراسة حول قبيلة من قبائل شرق البلاد.
يحمل الكتاب هذا عنوان: «زكَارة، قبيلة زناتية غير مسلمة بالمغرب»، وهو يضم عدة صفحات مخصصة لبوحمارة، ووثائق عديدة حوله وحول حَرْكته، ومنها مقالات «دورية لجنة إفريقيا الفرنسية» ومجلة «القضايا الديبلوماسية والكولونيالية» التي سبق التعرض لها.
في أحد فصول هذا الكتاب، يروي أوغست مولييراس بداية العلاقة بين أفراد القبيلة المذكورة وبين بوحمارة، وهو فصل يتضمن تفاصيل عن «قدرات الجيلالي الزرهوني» السحرية، قدرات وظَّفها لحشد الأنصار وإقناعهم بمساندته في مطالبته بالعرش.
«مُحمَّاد ولد علي، وهو زكراوي من أولاد موسى، ينحدر من دوار أولاد رباح (...)، حضر بدايات حركة المطالب بالعرش المغربي. ذَهب مُحمَّاد هذا لقضاء بعض الأيام في أهل إسُّونن وبني مَحسن وأهل الزاوية، وهي قرى (...) مجاورة لبعضها البعض، واقعة قرب تازا ومنتمية لقبيلة غياثة الكبيرة. كان صاحبنا قد حلَّ هناك في أواسط فصل الربيع من عام 1902، حين علم بوفود طالْب يمتطي ظهر حمارة إسبانية ضخمة إلى المنطقة، وهي الميزة التي جعلت الوافد يُلقَّب ب «بوحمارة». لا أحد كان، حينذاك، يعرف هوية صاحب الأتان الحقيقية، بل إن لا أحد كان يعير أدنى اهتمام للموضوع أو يسعى لرفع الحجاب عنه. وبالمقابل، كانت الأفعال السحرية الخارقة المؤداة من طرفه بحذاقة ومهارة استثنائيتين تشد انتباه الجميع. هكذا، وبدون أدنى مجهود، وكأن الأمر يتعلق بلعبة سهلة، كان المشعوذ البارع يُحول أوراق الأشجار إلى قطع نقدية ذهبية، كما كان يملك ديكَالِيتْرًا لا ينضب من الشعير، ديكاليتر يمتح منه خمسون، ستون، ثمانون أو مائة فارس حاجة خيولهم، دون أن يَنقصَ وزنه».
وحسب أوغست مولييراس، المستند إلى شهادة محماد ولد علي، فإن بوحمارة استطاع استقطاب المترددين من أهل زكارة والقبائل الأخرى لفائدة مطلبه بالعرش عبر «معجزات» إضافية:
«كان بقدرته تغيير سحنته ولونه كلما شاء ذلك وكما شاء. هكذا، كان وجهه الشاحب والمنزوف يصبح فجأة قرمزيا، بل إنه كان، بعد ذلك، يستعير كل السحنات المعروفة».
ويضيف مولييراس، بأن بوحمارة كان يخطب في زواره الكثيرين مؤكدا:
«- لا تحضروا لي مؤونة، ولا أموالا. إن بركتي تكفي كل حاجياتي».
«وكانت أقواله صحيحة! وكيف لا، وسريات القبائل تجد لديه ما يكفي من الشعير لإطعام خيولها التي يفوق عددها المئات، دون أن ينضب مخزون كيس شعيره؟
«وكيف لا، وقد كان يمنح لكل عابر سبيل ونذل ومتسول قطعا نقدية من فئة مائة قرش، قطع نقدية كان يغرفها من زعبولة لا تنضب هي الأخرى؟»
وأكثر من كل هذا، وحسب نفس المؤلف، فالجيلالي الزرهوني كان «يكشف اللصوص بمجرد التمعن في وجوههم»، بل إنه كان «يتمتع بتبريد الرصاص، التبريد الذي يجعل طلقات الرصاص لا تصيبه بأدنى أذى».
وكان من بين أوائل الملتحقين ببوحمارة والمناصرين له والمستعدين «للموت دفاعا عنه»، حسب مولييراس دائما، أربعة وعشرون فارسا من قبيلة غياثة. وقد انضاف لهم صاحبنا محمَّاد ولد علي الذي برر اختياره هذا قائلا:
«- في انتظار أيام أفضل، سأقبض يوميا الأربعة دورو التي يؤديها هذا الرجل لحرسه الجدد»!
ها بو حمارة إذن يتوفر على حرسٍ يضم خمسة وعشرين فارسا. وبينما هو يستعرض حرسه هؤلاء، حدث ما يلي، حسب مولييراس:
«حل عند غياثة فيلق من الكَوم يضم ما بين سبعمائة وثمانمائة رجل منحدر من قبيلة آيت يوسي، يقودهم قائد القبيلة. كانت الأوامر قد صدرت لهم من طرف مولاي عبد العزيز قصد قطع رأس الفتَّان وإحضاره إلى السلطان.
«بمجرد رؤيته الفيلق ذي النية السيئة ضده، أمر (بوحمارة) حرسه الخمسة والعشرين بعدم التدخل. جرد سيفه من غمده وأشهره، ثم شق طريقه وسط صفوف أعدائه إلى أن صار وجها لوجه مع القائد المذكور. انتهت المبارزة القوية بين الرجلين بانتصار بَيِّن للفتَّان، ولهذا، توصل سلطان فاس بالرأس المقطوعة لقائد آيت يوسي داخل كيس بعد يومين من هذه الأحداث، بدل رأس المطالب بالعرش. أما فرسان القائد الثمانمائة، فقد أطلقوا النار على بعضهم البعض، بعد أن توغل بوحمارة بشجاعة داخل صفوفهم. وبعد برهة وجيزة، أطلق الكَوم سيقانهم للريح فارين ومخلفين مائتي قتيل من بينهم.
«أكثر من ثلاثة ألف فرد من قبيلة غياثة تابعوا المعركة هذه من أعلى قمم التلال المشرفة على ساحة الوغى، دون أن يساهموا فيها. وحين لمحوا بوحمارة مغادرا قلب المعركة وهو يحمل رأس القائد بيده من دون أن يصاب بأدنى جرح، حينذاك صاحوا جميعا:
«- الله ينصر السلطان مولاي مْحمد!»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.