أعاد ديوان شعر جديد لأمير وزوج ملكة إلى الذهن العلاقة بين الشعر والمجال السياسي. فقد أصدر الأمير هنريك زوج ملكة الدنمارك مارغريت ديوانا شعريا جديدا بالفرنسية والدنماركية بعنوان «رو-ليبر، فرييول» أو «العجلة الحرة»، يضم رسومات أعدتها زوجته التي ساهمت أيضا في الترجمة. ويتمحور الديوان حول الحياة والحرية والحب. وهي من المواضيع التي يعتبر الأمير أنها مواضيع بعمر الحياة نفسها وبعمر البشرية، إذ قال إن «الشعر يسمح لنا بالتقرب من مسائل عمرها من عمر الكون، ألا وهي الحب والوحدة والموت». تذكرت تكريم محمود درويش في العاصمة الفرنسية التي أنقذته من الجغرافية العربية الضيقة لسنين، وحياته وسط العاصمة، وكيف أنها لم تتردد في أن تجعل من اسمه اسما باريزيا عندما أطلقته على فضاء من فضاءاتها، حيث كان يعبر دوما.. وتذكرت أيضا الفقيد عبد الله الولادي، الرجل الحقوقي والقانوني، الذي ظل يرابض دوما بالقرب من الشعر، وكان الشعر في توديعه.. إلى جانب الموسيقى. ثم علاقة تكاد تكون مقلقة وتوترية بين السياسة والشعر، لهذا عندما كان محمود دورويش نفسه قد انتخب في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قد ساءل نفسه، ماذا يفعل شاعر في اللجنة التنفيذية قبل أن يخلد إلى راحة غير استعارية ولا مجازية طويلة، لم تخرجه من دورة الفعل المتابع واللصيق بحياة بلده. وهو في ذلك كان يستعيد صرخة رافائيل البرتي، الشاعر الكبير عندما كان في البرلمان، وصرخ بذات النفس، ماذا يفعل في القبة، ثم غادرها.. إلى جانبهما كان بابلو نيرودا يهيئ نفسه للدخول إلى المعترك السياسي باسم الحزب الشيوعي، وفي مواجهة أليندي والخصوم الآخرين، واستطاع أن يبقي الشعر في قلب السياسي بنفس القوة .. ليس العلاقة من النوع البسيط الذي يحمل اتجاها واحدا، بين القصيدة والبيان السياسي، ولا هي بالتي يمكن أن تختزل في علاقة عند ...موثق علني، بل هي كيمياء يحتاجها العالم دوما، بالسلب أو بالإيجاب، والأساسي هو أن تظل الروح شاعرية وعميقة في المقاربة السياسية. الشعر أيضا رؤية إلى العالم وسلوك وتربية وانحياز واضح إلى الأشياء الجميلة، وإلى قدرة الإنسان على الفعل وقدرته على إعادة تشكيل الأرض التي يعيش فيها .. وهو بناء للروح بالأساس وللقيم التي تكون في الرسالة الوجودية للكائن. في الشعر تكون الحياة أكثر حياة، مما هي عليه ..!!