مساء يوم 13 ماي 1983 كان مجموعة من قدماء «المحرر» و«ليبراسيون» مجتمعين بالطابق الثاني من المقر الحالي للجريدة، وكان السؤال المطروح حينها هو ما اسم المولود الجديد الذي سيحل محل «المحرر» المحظورة، وعلى الطاولة كان المخطوطان اللذان رسمهما الخطاط الجواهري رحمه الله يتضمنان اسمين: «الاتحاد الاشتراكي» و«الديمقراطية الاشتراكية». كانت اللحظة رهيبة، فهي ثمرة عدة أشهر من التفاوض بين الملك الراحل الحسن الثاني والمرحوم عبد الرحيم بوعبيد في ظل أزمة سياسية خانقة بلغت ذورتها باعتقال مجموعة من أعضاء المكتب السياسي وفي مقدمتهم عبد الرحيم بوعبيد الذي أعلن رفضه لقرار الاستفتاء على الصحراء المغربية وتضخمت بإبقاء قياديين آخرين رهن الاعتقال وفي مقدمتهم نوبير الأموي والمرحوم مصطفى القرشاوي عقب إضرابات 20 يونيو 1981 التي اتخذت كذريعة لمنع صدور «المحرر». ما بين 20 يونيو 1981 و13 ماي 1983 كان عدد قليل من الصحافيين يجتمعون بين الفينة والأخرى في دار محمد البريني وكان المدير الإداري والمالي ملوك الشافعي يشرف، بمساعدة السائق المرحوم بوحقية، على تدبير ممتلكات الجريدة مع توفير الأكل للقادة المعتقلين بدون محاكمة في السجن بالدار البيضاء، وعندما يتعلق الأمر بالنشر، فإن جريدة «البلاغ» التي كان يديرها المرحوم محمد بنيحيى بدعم قوي من عبد الواحد الراضي كانت عمليا تحت تصرف الحزب، أما القرارات الهامة فكانت تؤخذ في بيت عضو المكتب السياسي الحبيب الشرقاوي بالرباط بتنسيق مع المرحوم عبد الرحيم بوعبيد. مساء يوم 13 ماي 1983 رن الهاتف في المكتب الذي اجتمعنا به، وهو المكتب الذي كان مخصصا من قبل لهيئة تحرير «ليبراسيون» وكان البريني هو من رفع السماعة، وكان مخاطبه على الطرف الثاني هو عبد الرحيم بوعبيد الذي حسم الأمر وأعلن بأن نشر المولود الجديد سيكون تحت اسم «الاتحاد الاشتراكي» ومباشرة بعد ذلك انطلقت عملية الطباعة وصدر العدد الاول يوم 14 ماي 1983 تحت إدارة محمد البريني، لأن مصطفى القرشاوي كان حينها في السجن، لكنه ما أن غادره بتاريخ 19 نونبر 1983 حتى التحق بالهيئة وصار المشرف السياسي العملي على الجريدة بتعاون وتنسيق مع البريني ومع أسرة التحرير.