أسدل الستار خلال الأسبوع الماضي على فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان السينما بتيزنيت الذي نظمته جمعية تيزنيت للثقافة السينمائية، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة تيزنيت وبتعاون مع المركز السينمائي المغربي والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، و بشراكة مع المجلس البلدي لمدينة تيزنيت والمندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة والنيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، وذلك على مدى خمسة أيام من 23 إلى 27 من شهر أبريل 2010، تحت شعار «السينما للجميع». و عرفت هذه الدورة تقديم 15 فيلما متنوعا من بينهم ثلاثة أفلام أمازيغية، روعيت في اختيارها حسب المنظمين عوامل الجدة و الجودة و التنوع، منها سبعة أفلام طويلة و ستة أخرى قصيرة، و فلمين وثائقيين، و تميزت هذه الدورة بعرض الأفلام باللغات الثلاث: الفرنسية و العربية و الأمازيغية. و سيرا على عادة جمعية تيزنيت للثقافة السينمائية في الإحتفاء ببعض الوجوه السينمائية التي قدمت خدمات بارزة للفيلم و السينما المغربية سواء الأمازيغية أو العربية، تم تكريم الفنانة الأمازيغية «فاطمة بوشان» هذه الفنانة التي تمكنت منذ تسعينيات القرن الماضي من تبوء مكانة مرموقة وسط السينمائيين والفنانين المهتمين بالشأن الأمازيغي، كما استطاعت أن تحقق لنفسها إسما مضيئا في عالم الماكياج، إضافة إلى مساهمتها في التمثيل بمجموعة من الإنتاجات الفنية الرائدة على المستوى الوطني إلى جانب عدد كبير من الفنانين والممثلين السينمائيين، كما تم تكريم خلال هذه الدورة المخرج «لطيف لحلو» الذي أعطى الشيء الكثير للفيلم و للسينما المغربية، حيث بعد إنهاء دراسته تمكن من إنجاز أبحاث حول دور الإعلام في المشهد المغربي، توجها بتقديم أعمال درامية تم بثها في التلفزة المغربية، و شارك في السينما كممثل ومخرج ومنتج، له عدة أفلام طويلة وقصيرة، كما شغل منصب المدير العام لمهرجان الفيلم الوطني بالدارالبيضاء ويشتغل حاليا مديرا لشركة إشهارية في الدارالبيضاء. وحسب المنظمين، فإن المهرجان الذي تزامن في طبعته الثالثة مع الاحتفالات العالمية والوطنية بالذكرى الأربعين ليوم الأرض، يستهدف عموم ساكنة المدينة والإقليم بمختلف شرائحها الاجتماعية، كما يستهدف روادها من الفاعلين بالجمعيات المحلية المختلفة، ويهدف إلى تحسيس الساكنة المحلية بأهمية التعاطي مع الإنتاجات السينمائية الوطنية، وبالمستوى الذي وصل إليه الفيلم المغربي، كما يهدف إلى تمكين المهتمين بمجال السينما من الإطلاع المباشر على تجارب المبدعين والمخرجين والتقنيين، إضافة إلى المساهمة في تكوين الفاعلين المحليين والمهتمين بمجال السينوغرافيا والخدع البصرية، وقد تميزت الدورة الحالية بالانفتاح على الساحات العمومية وعرض مجموعة من الأفلام بفضاءات عامة مختلفة. وعكس ما هو سائد في جميع المهرجانات السينمائية ببلادنا، فإن منظمي مهرجان تيزنيت للسينما فضلوا عرض الأشرطة السينمائية في الساحات العامة وقاعة دار الثقافة وكذا بالسجن المحلي... وأرجع مدير المهرجان «جمال أكوسال» سبب عدم عرض الأفلام في قاعة السينما الوحيدة بالمدينة إلى رفض مسؤولي قاعة سينما «الباهية» احتضان فقرات المهرجان لأسباب مبهمة، رغم أنهم سبق أن قدموا موافقة مبدئية... الشيء الذي حتم على المنظمين عرض الأفلام في أماكن بديلة، لا تستجيب لشروط عرض الفيلم السينمائي... من جانب آخر، اشتكى المنظمون في ندوة صحفية من انعدام الدعم والمساندة من قبل المجالس المنتخبة والفعاليات الاقتصادية بتيزنيت، الشيء الذي أثر على ميزانية المهرجان التي لم تتجاوز مستوى 260 ألف درهم، وهو مبلغ هزيل مقارنة بمهرجانات السينما بالمملكة، حيث تصل ميزانية مهرجان طنجة على سبيل المثال إلى أكثر من 500 مليون... كما استدعى المنظمون مجموعة من الممثلين كضيوف شرف مثل المخرج داود أولاد السيد والممثل إدريس الروخ ومحمد عزام المعروف ب»بهلول» وآخرون... وعلى غرار السنة الماضية، فقد شكل مهرجان هذه السنة فرصة للعديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن السينمائي المغربي، لتبادل الأفكار والإطلاع على ما جد في عالم الفن السابع، كما شكل فرصة للمساهمة في تنمية الإنتاج السينمائي الوطني والتعريف به، وفرصة لتشجيع المخرجين المغاربة على اقتسام انشغالات التفكير فيما بينهم وبين ضيوف المهرجان وساكنة المدينة، والإطلاع المباشر على القدرات التقنية والرقمية المعمول بها في المجال السينمائي، من خلال ورشات تكوينية لفائدة المهتمين، كما ساهم المشاركون في النسخة الثالثة للمهرجان في توثيق الذاكرة الوطنية والمحلية، عبر برمجة العديد من الأفلام القصيرة والطويلة والوثائقية.