كشفت صحيفة «اندبندنت» البريطانية جزءاً من تفاصيل عملية اغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله اللبناني عماد مغنية عام 2008، كما وردت في كتاب الصحافي جوردون توماس، الذي سيصدر في الأيام المقبلة. وأشارت إلى أن الموساد الإسرائيلي تعقب مغنية سنين طويلة, وفي شهر يوليو من العام 2007 استطاع تجنيد فلسطينيين معارضين لحزب الله في لبنان، موضحة أن قريبة أحد «العملاء» أبلغته بأن مغنية سافر إلى أوروبا وعاد منها إلى دمشق بعد تغيير تقاسيم وجهه كلياً. وأضافت الصحيفة أن الموساد باشر فوراً في التحقيق بإمكانية أن مغنية أجرى عمليات بلاستيكية لتغيير تقاسيم وجهه في أوروبا على مدار نصف عام، مشيرة إلى أن عميلاً للموساد في ألمانيا يلقب ب «رؤوفين» التقى مع أحد مصادره وتلقى منه 34 صورة لمغنية في هيئات مختلفة خلال إجراء العمليات البلاستيكية في عيادة كانت تابعة لوكالة الاستخبارات في ألمانياالشرقية - شتازي, مختصة بإجراء عمليات «تجميلية» لتغيير تقاسيم الوجه. وذكرت الصحيفة أن المصدر سلَّم الصور لوكيل الموساد مقابل مبلغ كبير, وتبين للموساد أن شكل مغنية الحديث يختلف كلياً عما ظهر في آخر صورة له من العام 1983 ، كما تلقى معلومات عن تواجد مغنية في دمشق. وفي الثالث من فبراير من العام 2008،أي قبل تسعة أيام على الاغتيال، دعا رئيس الموساد مئير داجان قادة الجهاز ورئيس جهاز «الشاباك» ومستشار الأمن القومي والمستشار السياسي لرئيس الوزراء آنذاك أيهود أولمرت، وقائد وحدة الاغتيالات في الموساد «كيدون» ورئيس قسم العمليات في الموساد, إلى اجتماع تقرر خلاله اغتيال مغنية من خلال سيارة مفخخة. وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى الإشكاليات التي واجهت متخذي القرار هي أن مغنية يتخذ إجراءات أمنية وحذر مشددة, وادعت انه اعتاد السفر في سيارة حراسه الذين لم تعرف هويتهم. وفي الجلسة ذاتها، أوصى داجان الانتظار حتى يوم 12 فبراير لتنفيذ الاغتيال، وهو اليوم الذي ستنظم احتفالات للذكرى 29 للثورة الإسلامية في إيران في المركز الثقافي الإيراني في العاصمة السورية، مرجحاً أن يشارك مغنية في الاحتفالات. وأكدت الصحيفة أن قائد وحدة «كيدون» هو الذي اختار الأشخاص الثلاثة الذين سينفذون العملية, وأنهم انتحلوا شخصيات يهود يعيشون في أوروبا, وافقوا ان يستخدم الموساد جوازاتهم, وتلقى الثلاثة الألقاب التالية: بيار - ميكانيكي سيارات فرنسي, عمنوئيل - مرشد سياحي من اسبانيا, ولودفييك - كهربائي من ميونيخ في ألمانيا. وشددت على أن الثلاثة درسوا خطة الاغتيال وانتظروا الضوء الأخضر, وفي العاشر من فبراير سافروا من أوروبا إلى دمشق: بيار سافر بطائرة «اير فرانس», وعمنوئيل وصل دمشق من الأردن, ولودفييك وصل من مطار ميلانو عبر شركة «أليطاليا» للطيران, وبعد وصولهم استأجر الثلاثة سيارة مشتركة. وحسب الصحيفة، فإن العملاء الثلاثة تلقوا مساعدة من عملاء من بيروت الذين أوصلوهم إلى المكان السري الذي أوقفوا فيه سيارة مستأجرة وسلموهم المتفجرات. وفي الليلة ذاتها زرع العملاء العبوة الناسفة في دعامة الكرسي بجانب السائق ليتم تشغيلها عن بعد. وأوضحت أنه يوم 12 فبراير وفي تمام الساعة السابعة عاد العملاء إلى مكان الالتقاء السري, وباشر لودفييك وعمنوئيل المراقبة فيما قام بيار بنقل السيارة المفخخة إلى جانب البناية التي جرى فيها الاحتفال, وانضم إلى العميلين في انتظار لحظة الضغط على زر الانفجار في حال مرور مغنية. واشارت الى انه في تمام الساعة التاسعة وصل مغنية الشارع بسيارة «ميتسوبيشي باجيرو» وأوقف سيارته بين سياراتي لودفيك وعمنوئيل, وخرج من سيارته ببدلة سوداء، وفي طريقه إلى قاعة الاحتفال انفجرت بجواره السيارة المفخخة وأودت بحياته، فيما فر العملاء الثلاثة من المكان إلى عواصم أوروبية.