تحتضن ضاحية نيويورك، يومي 10 و 11 فبراير الجاري، اجتماعات غير رسمية حول الصحراء المغربية، في أجواء يتساءل فيها المراقبون عن جدوى المسطرة التي مازالت تتبعها الأممالمتحدة. وتعتبر هذه هي الجلسة غير الرسمية، الثانية التي تنظم بين وفد مغربي وآخر عن البوليزاريو، بعد أن نظمت الأولى في شهر غشت الاخير بالنمسا. ويحاول الممثل الشخصي للأمين العام الأممي، كريستوفر روس، أن يخرج المفاوضات الرسمية التي كانت وصلت في يونيو 2007 إلى أربع جولات، من المأزق الذي أدى إليه سعي الجزائر، بواسطة البوليزاريو بتأزيم الوضع، عبر التشبت باستفتاء تقرير المصير الذي فشلت لحد الآن منظمة الأممالمتحدة في تنظيمه. وتجدر الإشارة إلى أن تعيين روس جاء بعد أن تمت إقالة خلفه، فان فالسوم، الذي كان، بعد إشرافه على هذا الملف، قد توصل إلى قناعة مفادها أن مطلب انفصال الصحراء عن المغرب « غير واقعي «. وفشل روس في الدفع بالمفاوضات إلى الأمام، بسبب تشبث الجزائر بنفس الموقف، الذي جندت له انفصاليي البوليزاريو منذ أكثر من ثلاثين سنة. وقد نال موقف المغرب قبولا واضحا من طرف فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن، بالإضافة إلى مواقف مساندة غير واضحة عبرت عنها الولاياتالمتحدة وإسبانيا. وكان المغرب قد سعى، من خلال تقديمه لمشروع الحكم الذاتي الموسع للأقاليم الصحراوية، إلى تجاوز المأزق الحالي الذي وضعت الجزائر فيه هذا الملف، والذي انساقت فيه كذلك الاممالمتحدة. واعتبرت عدد من الاطراف الدولية أن المشروع المغربي من شأنه تحريك المفاوضات بشكل واقعي وجدي حول هذه القضية، التي لا يمكن فيها تغييب البعد الإنساني، خاصة معاناة العائلات الصحراوية في تندوف. لذلك اكد المغرب أن الاستمرار في المفاوضات على نفس المنهج، منذ أن تولت الأممالمتحدة هذا الملف، لن يؤدي عمليا إلا إلى تأبيد هذا النزاع، بما يضر مصلحة الشعب المغربي، بكل مكوناته، التي يدخل ضمنها الصحراويون، ويضر كذلك بإمكانية الشروع في بناء المغرب العربي. وكان العديد من الأمناء العامين السابقين للأمم المتحدة، قد عبروا عن خيبة أملهم من المسار الذي عرفه تناول هذا الملف، حيث لم يتحرك رغم كل الجهود المالية التي بذلت من أجله. بل هناك منهم من اقترح خروج الأممالمتحدة من هذه القضية وسحب قوات المينورسو، التي تكلف المنتظم الدولي أموالا طائلة، بدون جدوى. وأمام هذا الطرح الذي يستند على أسس واقعية، تسعى الجزائر حاليا، عبر البوليزاريو، إلى محاولة تغيير مهمة المينورسو، من الإشراف على وقف إطلاق النار وإحصاء الناخبين، إلى تولي عملية مراقبة احترام حقوق الإنسان. ويعتبر المراقبون أن في هذه الخطة محاولة للهروب إلى الأمام، إذ بدل أن يتم التقييم الموضوعي لكل المنهجية التي قامت عليها تدخلات الأممالمتحدة في القضية، وفشلها الذريع في تطبيق مخطط التسوية، هناك مؤامرة، تهدف إلى تغطية الإخفاق بمنح البعثة الأممية في الصحراء، مهمة جديدة، لا علاقة لها بها،ولا تدخل ضمن صلاحياتها وليست مؤهلة للقيام بها. ويقوم الإعلام الإسباني، وبالخصوص صحيفة البايس، بعمل دؤوب للدفع بتحويل مهمة المينورسو عن هدفها الأصلي، التي أوكل إليها. وكان إيغناسيو سيمبريرو، المكلف بمهمة بالمغرب، من طرف البايس، قد سرب خبرا، لم تتأكد صحته لحد الآن، مفاده أن روس اقترح، في اجتماع مغلق على أعضاء مجلس الأمن، تكليف المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. وانتقد سيمبريرو، رئيس الحكومة الإسبانية زاباطيرو، واصف إياه برمي الكرات خارج الملعب، عندما يسأل عن هذا الموضوع في البرلمان. وذكر أن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الإسباني صادقت على قرار لحث حكومة بلدها على العمل من أجل تكليف المينورسو بحقوق الإنسان.