إنهم يعيشون بين ظهرانينا، لاننتبه إليهم، ولانحس بمعاناتهم يتساقطون كأوراق الخريف الواحد تلو الآخر نتيجة عجزهم في أداء المصاريف الباهضة لحصص تصفية الدم. انهم مرضى القصور الكلوي الذين يرتبط بقائهم على قيد الحياة بآلة تصفية الدم (الدياليز). أعداد كبير منهم تلقى حتفها بعد مرور شهر واحد فقط من التوقف عن حصص تصفية الكلي، منهم الفقراء والمهنيين والحرفيين الذين لايتوفرون على نظام تأمين عن المرض يضمن لهم حصص تصفية للدم لتفادي تصفيتهم من الحياة فهم أناس يتهددهم الموت في كل لحظة وحين بعد إحالتهم على لائحة الانتظار، التي يعتبرونها لائحة الموت .. هنا في الجريدة نتوصل بعشرات طلبات مساعدة لأناس لسبب أو لآخر تعطل عمل كِلْيَتِهِمْ يستجدون الإحسان لإنقادهم من موت محقق أو إنقاذ عزيز عليهم. هنا تعتمد العائلة على نظام التكافل الاجتماعي حيث يقومون بتسديد واجبات حصص التصفية مناصفة بينهم أو كل حسب دخله الشهري لكن نظرا لكون الأمر في مثل هذه الحالات يطول ويطول، فغالبا مايضطر البعض إلى توقيف مساهماتهم بعد الانخراط فيها لسنوات ولكن في الأخير يستسلمون للواقع ويتجرعون مرارة رؤية قريبهم، وهو يموت موتا بطيئا، فيكتفون بالقول بأن الأمر قضاء وقدر خاصة في ظل الظروف التي جعلتهم غير قادرين على فعل أي شيء سوى الإنتظار، انتظار دورهم في حصص التصفية ضمن لائحة انتظار طويلة، انتظار أن يرق قلب محسن أو أكثر فيتكفل بالمصاريف أو انتظار أن يزور ملك الموت المريض ليخلد إلى الراحة الأبدية. الإحصائيات الرسمية تفيد بأن عددالمصابين بمرض القصور الكلوي في المغرب يصل إلى 9 آلاف و114 حالة لاتستفيد منها من العلاج إلا 6 آلاف و114 بينما يسجل 3 آلاف مريض في لائحة الانتظار وكشف بحث ميداني أجرته إحدى الجمعيات المهتمة بأمراض الكلي أن شخصا واحدا من بين 10 آخرين، يظهرون على أنهم أصحاء، مصابون بداء الكلي، إذ أن قرابة مليون مغربي مصاب بمرض الكلي ف 55 في المائة من المصابين اكتشفوا إصابتهم بالصدفة، بعد إجراء تحاليل مخبرية طبية وأن 3 آلاف مغربي يحتاجون سنويا للخضوع لعملية تصفية كليهم بشكل مزمن، إلا أنهم يواجهون صعوبة ولوج إلى مراكز تصفية الكلي، بسبب قلة عددها وأيضا بالنظر لتكلفتها الباهظة لإجراء حصة واحدة. الأمر يدعو فعلا إلى القلق وإلى إعادة النظر في وضعية هؤلاء المحكومون بالإعدام والقابعون في لوائح الإنتظار في انتظار من سيسبق دورهم في حصص لتصفية الدم أم ملك الموت عزرائيل...