لم يعد الشيطان وحده يؤمن بالعجلة، والتعبئة السريعة للأتباع، فقد آمن بعض العلماء المسلمين بأن السرعة ممكنة في التوبة وتوجيه المسلمين الضالين. فقد دعا علماء في موريتانيا إلى الحوار مع الجهاديين بطريقة سريعة على طريقة الأكلات السريعة لماكدونالدز. فقد نقلت وكالات الأنباء أن العلماء الموريتانيين دعوا إلى «حوار سريع» مع المتطرفين المسلمين في موريتانيا بعد عمليات خطف أجانب تبناها تنظيم القاعدة، بحسب توصيات ندوة نظمت في نواكشوط، نشرت نتائجها السبت. ودعا علماء الدين المسلمون في ختام الندوة مساء الجمعة إلى «حوار سريع لتصحيح التفسيرات الخاطئة لتعاليم الإسلام وإرغام المتعصبين الذين يروجون للأفكار المتطرفة التي تشجع على الإرهاب، على التعقل». ودعا المشاركون الذين اجتمعوا الخميس في ندوة بعنوان «الاسلام بين الاعتدال والتطرف»، إلى «مواجهة المتطرفين المسلمين بكلام الله ورسوله». واقترحوا أيضا «تبني استراتيجة واضحة لنشر الفكر المعتدل طبقا لمفاهيم الشريعة التي تحظر أي شكل من أشكال التطرف الديني». ويريد هؤلاء العلماء، وبينهم سجناء سابقون سلفيون جهاديون، إشراك «أنصار المتطرفين» في هذا الحوار، «لأنهم قد يجندون من قبل المنظمات المتطرفة والإرهابية». ويريدون أيضا إعطاء الجهاديين «فرصة للتوبة». طبعا، لا أحد يبدو«متعجلا للحوار»، لكن، في السرعة ما يجعلني مؤمنا بأنها قد تفيد الطرفين. أولا التعبئة الفورية للتوبة ممكنة، كما أن السرعة في التنفيذ من طرف الجهاديين ممكنة. والدليل الذي أقدمه كمغربي هو المجموعة التي تمت أدانتها محكمة سلا يقودها... رجل «زرباني» واسمه الكامل رشيد زرباني. فقد ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن أحكاما بالسجن صدرت يوم الخميس على 14 عضوا في جماعة إسلامية متطرفة تسعى لنشر الجهاد إلى منطقة الأندلس في إسبانيا لقيامهم بالتخطيط لشن هجمات ضد أهداف مغربية. ونقلت، عن بيان للمحكمة الجنائية في سلاالمدينة، التوأم للعاصمة المغربية الرباط، أنها أصدرت حكما بسجن رشيد زرباني، زعيم جماعة فتح الأندلس،، بالسجن15 عاما. وصدرت أحكام بالسجن لفترات تتراوح من أربع إلى عشر سنوات على الأعضاء الثلاثة عشر الآخرين في الجماعة لإدانتهم باتهامات من بينها تخزين متفجرات لشن هجمات على أهداف للدولة وجمع أموال لشراء أسلحة وتقويض أمن الدولة والنظام العام. ووجه العلاقة بين ما دعا إليه العلماء الموريتانيون وفتح الأندلس لا يقف عند «الزربة» والزرباني، بل أيضا يتعدى ذلك إلى كمون الخلية المغربية، على صلة بإسلاميين متطرفين آخرين في الجزائر وموريتانيا المجاورتين للمغرب وأيضا في فرنساوإسبانيا ودول في الشرق الأوسط. ومن مظاهر الزربة أن الخلية خططت لضرب أكادير والمزارات السياحية المغربية. ولا شك أن الكثيرين من الذين يتابعون أنشطتها سيتساءلون: إذا كانت الخلية تريد تخريب الأندلس، فلماذا تحاصر الرباط وتضرب الصويرة وتقتل المغاربة؟ ولعل البعض منهم قد يرجعون ذلك إلى «شغل الزربة والزرباني».. وليس صدفة أن العلماء المسلمين بدأوا بدورهم يتحدثون عن استراتيجية واضحة لنشر الفكر المعتدل. والسؤال الذي يفرض نفسه هو كيف نفكر في استراتيجية للفكر المعتدل، وهي استراتيجية لابد أنها طويلة النفس وبين حوار سريع لفتح شباك التوبة. كما لو أن العلماء الأفاضل يقولون لإنصار القاعدة «من لم يحضر في وقت التوبة، لن تقبل منه شكاية» والقطار لن ينتظر أن يصعد الجميع وهو مسرع نحو.. استراتيجية للفكر المعتدل..!