تعود الكاتبة العربية ظبية الخميس لتشرك معها قراء الحدود المغربية في همومها العربية،من خلال كتابات مميزة،نالت تقدير النخب المثقفة في العالم العربي،لجمعها بين موهبة القلم و الانغماس من الداخل في الشأن العربي كعاملة في السلك الدبلوماسي لسنوات طويلة. بوعلام غ وحل العرب المتحرك اليوم بقلم: ظبية خميس يقدم الصحفى الهندى فريد زكريا فى برنامجه على قناة السى.ن.ن لغزا ظريفا للمشاهدين,ثم يجيب عليه فى نهاية الحلقة.هذه المرة كان سؤاله من هو الذى تحقق معه السعودية بتهمة التجسس عليها حاليا:أهو أمير سعودى شاب أم موظف أمريكى أو سفينة أو نسر؟علما بأن التجسس لصالح إسرائيل. والإجابة أنه نسر زرعت اسرائيل أداة تجسس على السعودية فى جناحيه! كم هى بليغة هذه الحقيقة المرة,وكم هو جارح ومذل هذا الإختراق بإستخدامه لكائنات تراثية ترمز لثقافة وماضى المكان لتكون العين والأذن التى تنقل السر للعدو ولا عزاء لزرقاء اليمامة. من نافل القول أننا نخون أمتنا فى كل يوم فهناك الجواسيس وشبكاتهم والإختراقات والإغتيالات المباشرة التى لا نقبض فيها على أحد,وهناك التسهيلات والإتفاقيات والتعاون الأمنى والمخابراتى والباب المفتوح للقواعد العسكرية والمرتزقة والعاهرات العاملات فى المجال الإستخباراتى والزيارات المعلنة والمستترة والصفقات العسكرية والتجارية والأمنية وغيرها. وهناك الأصوات التى تتبنى أعداء الأمة بمثل ما شبه فرانتز فانون بشرة سوداء وقلوب بيضاء حين تحدث عن الإستعمار الأوروبى لأفريقيا والطبقات التى حكمت لتسهل الأمر على مستعمرى الأمس فاليوم أيضا لدينا من الساسة والمفكرين والإعلاميين والأكاديميين وقنوات التلفزيون والصحف من ينطقون بالعربية أو لسان مزدوج بنفس مصطلحات ومصالح أولئك الصهاينة والمعاديين للعرب وكل ذلك ليس فى سياق تبريرات سقوطنا السياسى ولكن بإسم الحرية والتقدم والديموقراطية الموعودة أيضا.فى إعلامنا نصغى لمصطلح الإرهابى والناشط والمستوطن والإنفصالى ولم نعد نسمع كلمة شهيد وفدائى ومحتل وإستعمار وخائن ووطنى وقومى وتحرر وثورى وخلافها من كلمات باتت تنتمى للخمسينات والستينات وفترات التحرر الوطنى العربى بطبيعة الحال.كنت أشاهد حلقات من برنامج اوبرا التى أحبها وأحترمها على قتاة ال م.ب.سى السعودية وهى تستضيف بإنسانية خاشعة المسرحات من الجيش الأمريكى بعد عودتهن من العراق يتحدثن عن البطالة وأطفالهن وأطرافهن المقطوعة بدموع تسترزق العطف الذى أثر حتى على المشاهدين العرب ولم يبدر سؤال واحد عن عدد الأطفال والنساء والبشر الذين قتلتهم أسلحة أولئك الجنديات فى العراق وغيرها ولا عدد البيوت والقرى والمدن التى أحرقتها أياديهن.ببراءة وإنسانية ومكياج كامل يتحدثن عن حاجتهن للعمل من جديد فى امريكا وغيرها بعد نهاية مشاركتهن فى جرائم الحرب على العراق. ذكرنى ذلك بزيارة جى.دبليو بوش منذ شهرين إلى الكويت والترحيب الحار الذى تلقاه وإعلانه بأنه يبحث عن عمل فى الخليج بإعتباره عاطل عن العمل حاليا وأن الخليج بلاد أصدقاءه الذين يحسنون تقديره ويلبون مطالبه بحكم العلاقات الطويلة والتجارية والعسكرية والساسية والأمنية التى تربط بين عائلته والأسر الحاكمة فى الخليج.وحديثه هذا ذكرنى أيضا بخبر منح الإقامة فى الإمارات لرئيس شركة الموت بلاك ووتر تهربا من محاكمته أو إمكانيتها فى أمريكا.كأن ما حدث من خراب وقتل ودمار للعراق هى مجرد مسئوولية لموظفين يحق لهم التقاعد أو طلب أعمال أخرى بعد أن يغسلوا أياديهم وذكرياتهم من دماءنا ليجلسوا بيننا ويتبادلوا معنا الإبتسامات. وفى حوار اوبرا مع بوش,أيضا,للإعلان عن كتابه تقدمه ببراءة ذمه وتقدمه مع أمه وأبيه فى بيتهم الصيفى فى مين وتتبادل القهقهات معه على ال.م.ب.سى. السعودية أيضا وهو يتحدث بإستخفاف قائلا لم نجد أسلحة دمار شامل فى العراق للأسف وكان يتمنى بشدة لو وجد ولكنه سعيد بأن خلص الإنسانية من صدام حسين بقتله له وأنه لم يكن ليسمح فى فترته بأن لا تأخذ أمريكا بثأرها من العالم ولم تحمله المذبعة ملا يستطيع حمله من آثام إرتكبها فى حق البشرية وخصوصا ضد العرب والمسلمين. كل هذا وأكثر يمر بلا تعليق على شاشاتنا-نتفرج عليه كما نتفرج على جثث أهلنا هنا وهناك والحروب والقصف والحوار العادى والمباشر مع العسكر والجنرالات والإستخباريين الإسرائيلين والأمريكين الذين يقررون لنا وجهات النظر اللازمة فى بيوتنا وعلى قنواتنا فيما تحن نلتهم طعامنا بصمت وطبيعية مثل كل الأكباش العاقلة التى تنتظر دورها بإستسلام عادى. ماالغريب إذن حين نتفتت وتتحول الدولة إلى دول وتشتعل الطائفية ونقتتل مع جيراننا من المسلمين وتضرب الخراطيم ورصاص الدولة الشعب حين يحتج من أجل لقمة عيش أو فرصة عمل أو سعر وقود أو إحتجاجا على ديكتاتورية أو حرب مستعرة تقودها اسرائيل او امريكا او بريطانيا أو جميعهم وغيرهم ونحن معهم علنا وخفية ضد بقعة أو وطن سابق عربى.ماالغريب فى ذلك على من نأووا عن أنفسهم فكيف يقتربون من جارهم أو قريبهم؟! مالذى يجمعنا كعرب غير مؤسسة الجامعة العربية اليوم؟!وأى شجب نستطيع ممارسته إلا عبرها؟! عشرة أعوام من عشرة الخراب فيها هى فترة أمينها العام الحالى فيها وكل سفر له-وما أكثر أسفاره وما بدد فيها من أموال-لا تفضى إلا إلى خراب جديد لهذا العالم العربى المحطم. وفى كل قمة مطالب وقرارات لا تتحقق وتقف واقفة فى حركة شلل عصبى كإبتسامة بلاستيكية يعاد بثها عربيا فى قمة قادمة.لم يوقفوا تهديدات الثأر لبوش حين أعلن بأنه سيقنص المسلمين كقنص الكلاب فى الغرب الأمريكى فى 2011 بل ساعدوه فى دمار العراق وأفغانستان والإقتصاد العالمى والحصار على السودان وليبيا وفلسطين.لم يوقفوا مجرى الدماء والإغتيالات فى الجزائر والتطرف الدينى المربوط بالإنسحاق الإقتصادى فى دول عربية كثيرة,لم ينقذوا عرفات من الإغتيال الإسرائيلى ولم يحققوا فيه ولم يتدخلوا لإيقاف إعدام رئيس لدولة عربية مستقلة هى العراق بل بثوا إعدامه يوم العيد على الشاشات,لم يفكوا حصار وقصف بيروتوغزة بل راحوا يبحثون عن إيران ليبثوا شكوكهم وعداءهم لجارة مسلمة لأنها على قائمة أعداء أمريكا التى تنتظر الفتك بها فى المحطة القادمة وبأموال العرب وأرواحهم أيضا تحت مسمى تهديد الأمن العالمى.لم يقفوا ضد تفتيت العراق ودول الأعراق والطوائف القادمة فيها بل رحبوا بمن جاءووا مع الدبابات الأمريكية لغزو بلادهم وبادلوهم الأوسمة والسفراء ومنحهم الكرسى والقمة العربية القادمة دون أدنى ذكر لكونها دولة تحت الإحتلال الأمريكى.ولم لا وأمين عام جامعة الدول العربية الذى لم ينقذ بيروت من حرب 2006 ورفض إستقبال قادة حماس كان قد كافأ المجرم السابق سمير جعجع فى مقر الجامعة العربية بوسام ووشاح الشرف الذى قلده إياه بنفسه بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة فى لبنان. اليوم وقد شبعت وفود الجامعة العربية وأمينها العام من بدلات السفر إلى السودان ودارفور يقفون فى صف المراقبين مبتسمين ومرحبين بإتفصال الجنوب عن الشمال كأنهم لا راحوا ولا عادوا خلال الأعوام العشرة الماضية وكأن الأمر طبيعى للغاية فهم إعتادور على إقليم كردستان فى العراق وعلى غزة ورام الله فى فلسطين وعلى الجنوب وجعجع والحريرى فى بيروت وعلى يمن يتمزق وعلى لاجئين على الحدود من فلسطينين وعراقين وعلى مخيمات تنتهك وبشر عرب يتم إغتيالهم والمس بهم سواءا فى أوطانهم أو الخارج.لا غريب فى الأمر فموسى يجالس رابين أو شمعون بيريز أو قائد القوات المسلحة الأمريكية فى العراق كما يشرب فنجان قهوته مع يسرا أو هشام يوسف سكرتيره-عادى جدا.لكنه مع ذلك يرفض طلبات الغرب والتدخل لحماية مسيحين الدول العربية حتى لو فجرتهم القنابل فى كنائسهم لأن ذلك بالنسبة له وبإسم جامعة الدول العربية حدود وطنية لا يجب تجاوزها فماذا عن دماء السنة والشيعة واللبنانين والفلسطينين والسودانين والعراقين وغيرهم؟أليست هى الأخرى شئوون وطنية ما كان يجب المساس بها؟!! قال بوش لأوبرا حين سألته فى الشأن السياسى ,لا أريدك أن تجرينى لذلك الوحل فأنا خارجه الآن. ترى ماذا سيقول المسئوولون العرب لو خرجوا من مناصبهم وعن أى وحل سيغسلون أياديهم وقد سقطت شعوبنا فى عمق وحل ورمال متحركة كانت تبلعها رويدا رويدا وإشتدت وتسارعت قبضتها اليوم. القاهرة-9-1-2011