أكد محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الجمعة بروما، أن المغرب يعتمد دبلوماسية ترتكز على “المسؤولية والوضوح” لتقوية الأواصر مع جميع البلدان الشريكة والصديقة وفق روح الإخاء والتضامن، وهو ما يجعله “شريكا موثوقا به” في إحلال السلام. وقال الجزولي، الذي مثل المغرب في الدورة الخامسة لمنتدى حوارات المتوسط (ميد2019)، التي حضرها سفير المغرب في إيطاليا يوسف بلا ، ونظمتها وزارة الخارجية الإيطالية،إن المغرب ” بالرغم من المناخ الإقليمي والدولي الصعب، استطاع ،تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إرساء أسس نموذج تنموي وطني، يرتكز أساسا على تعزيز المؤسسات الديمقراطية وتحقيق نمو اقتصادي شامل والتنمية البشرية”. وأوضح ،في مداخلة خلال جلسة حول موضوع “من التنافسية إلى التعاون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” نظمت في إطار المنتدى وشارك فيها الأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية اللبناني ورئيس معهد بروكينغز، أن المملكة أطلقت، بقيادة جلالة الملك، العديد من المبادرات الإقليمية الكفيلة بتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية و الدبلوماسية، وذلك على الرغم من الظرفية الإقليمية والدولية الصعبة . وذكر في هذا الصدد بجهود المغرب من أجل إحلال السلام والاستقرار في ليبيا التي توجت باتفاق حول الانتقال السياسي تم إبرامه في الصخيرات سنة 2015. وفي المجال التجاري، ذكر الوزير باتفاق أكادير الذي وقعه في عام 2001 كل من المغرب وتونس ومصر ولبنان وفلسطين والأردن، والذي دخل حيز التنفيذ سنة 2007، لخلق منطقة حرة هدفها الأساسي رفع طاقة صادرات هذه البلدان نحو الاتحاد الأوروبي. وعلى المستوى الدبلوماسي، تطرق السيد الجزولي لمجموعة “حوار 5 زائد 5″، وأكد أن الاجتماع السنوي لوزراء خارجية بلدان هذه المجموعة اتسع نطاقه ليشمل ميادين أخرى، من ضمنها الدفاع والنقل والهجرة والطاقة والثقافة و التعليم. ولاحظ الوزير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) تخيم عليها اليوم كل أشكال النزاعات وتتفاقم فيها التوترات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي غالبا ما تزداد حدتها بسبب تقلبات أسعار النفط. واعتبر الجزولي أن هذه التحديات والقضايا تجعل منطقة ” مينا” أرضا لكل التعقيدات والإمكانات، مشيرا إلى أنه بالرغم من هذه التعقيدات والتحديات، يقر الكل بوجود إمكانات هائلة في هذه المنطقة. وبحسب الوزير المنتدب فإن تكامل وتنوع التجارة الإقليمية يعتبر ضعيفا على مستوى المنتجات والأسواق، مسجلا أن التجارة في بلدان منطقة مينا سواء فيما بينها أو مع باقي العالم غير كافية ولا تعكس الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تزخر بها المنطقة. من جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو، في كلمة افتتاحية إن استقرار المتوسط و ازدهاره شرط أساسي لاستقرار إيطاليا بالخصوص و أوروبا عامة . وابرز أنه بالنظر للدور الذي يضطلع به المغرب بهذا الخصوص، قمت في مطلع نونبر الماضي بزيارة للرباط توجت بإبرام شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد. وقال إن إيطاليا تركز اهتمامها على القضايا الأمنية وعلى تعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف بروح المسؤولية والتعاون المثمر، مبرزا أن المتوسط منصة تواصل بين أوروبا و إفريقيا وآسيا . واعتبر أن التحديات التي يواجهها المتوسط والأزمات التي يشهدها تبرز الحاجة إلى جعله أولوية استراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وبخصوص الوضع في ليبيا، أكد الوزير الإيطالي على ضرورة الحفاظ على الوحدة الترابية لليبيا وسيادتها و فتح الحوار بين الأطراف المعنية . ويشارك في حوارات المتوسط، التي تتواصل على مدى يومين، حوالي 1000 شخصية رفيعة المستوى من أزيد من 50 دولة من بينهم، رؤساء دول و حكومات ووزراء خارجية ومسؤولين من عالم المال والأعمال و ممثلي 80 منظمة دولية وعدد من الخبراء . ويهدف (ميد2019)، الذي تنظمه وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية بتعاون مع المعهد الإيطالي لدراسة السياسات الدولية (إسبي)، إلى وضع “أجندة إيجابية” قادرة على إعادة المنطقة المتوسطية إلى موقعها المركزي في سياق دولي يشهد تغيرات مضطردة من خلال التحفيز على نقاش غني و طرح أفكار جديدة وتبني مقاربات مبتكرة تمكن أساسا من رفع التحديات المشتركة في المتوسط على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتركز النقاشات في هذا المنتدى على محاور أساسية تهم "التحديات و الفرص للأجيال القادمة في منطقة مينا" و"تدفقات الهجرة" و"الأمن الطاقي في القرن الواحد والعشرين و “تدبير النزاعات والاستقرار في المتوسط “، وذلك من أجل تقديم مقترحات تمكن من الارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي وإيجاد حلول للخلافات والنزاعات الإقليمية و تعزيز توازن القوى الإقليمية.