ألهب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الخميس حماسة مؤيديه الذين احتشدوا خلال تجمع انتخابي في مينيابوليس عندما توعد الديموقراطيين بأن ترتد عليهم في 2020 المساعي التي يبذلونها الآن لعزله. يحقق الديمقراطيون في تصرفات ترامب للعثور على أدلة تمكنهم من عزله بسبب محاولته المزعومة للضغط على أوكرانيا للإيقاع بمنافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية جو بايدن في المعسكر الديمقراطي. ولكن وسط الهتافات الهادرة للحشد الذي تكدس في ملعب لكرة السلة، بدا أن ترامب وضع وراءه أسبوعين صعبين. وفي خطاب استمر ساعة و40 دقيقة، نَعِم ترامب بهتافات مؤيديه وهو يخاطبهم كعادته بمزيج من النكات والشتائم والمبالغات الشعبوية. ومما قاله إن الديمقراطيين يحاولون فقط عزله لأنهم "يائسون. يريدون محو صوتكم كما لو أنه لا وجود له، يريدون محو صوتكم ومحو مستقبلكم، لكنهم سوف يفشلون لأن الشعب هو الذي يحكم في أميركا مرة أخرى". وقال ترامب أمام الحشد الذي ارتدى قمصاناً وقبعات حمراء تحمل شعار الحملة "ستفشل مطاردة العزل الشعواء"، وفي 2020، "سيرتد هذا عليهم في صناديق الاقتراع بطريقة لم يعرفوها من قبل". – شيطنة المعارضين – تعد مدينة مينيسوتا معقلاً ليبرالياً في قلب الولاياتالمتحدة، وتوفر بالتالي هدفاً رائعاً لخطابه المفضل عن استيلاء اليسار المتطرف المفترض على الولاياتالمتحدة. وتمثل عضو الكونغرس اليسارية الصومالوي-الأميركية إلهان عمر مينيابوليس، وهكذا وضعها ترامب في مرماه، وجعل منها شخصية شيطانية بين أنصاره اليمينيين، فوصفها بأنها "اشتراكية تكره أميركا" و"عار على بلدنا"، متفاخراً بقيامه بخفض البرامج السابقة لقبول المهاجرين إلى الولاياتالمتحدة. ورد عليه الحشد بهتافات التأييد العالية، ولكنها لم تكن أعلى من أصوات الاستهجان التي وجهها ترامب مثل قائد أوركسترا ضد الصحافيين في المكان والذين لم يتردد في نعتهم بأنهم "مزورون" و"مزيفون" و"غير أمينين وبصراحة سيئون للغاية لبلدنا". ثم انبرى لمهاجمة هنتر ابن نائب الرئيس السابق جو بايدن، قبل أن يتعرض لبايدن نفسه، قائلاً إن كل ما نجح فيه هو "أنه فهم كيف يقبِّل مؤخرة باراك أوباما". والجمعة، سيحمل ترامب شعاره " لنجعل أميركا عظيمة من جديد" إلى لويزيانا. – استراحة من متاعب العاصمة – يعتقد الديمقراطيون الذين يتهمون ترامب بإساءة استخدام منصبه طوال فترة ولايته الأولى أنهم تمكنوا أخيراً من محاصرته من خلال التحقيق في مزاعم بأنه ضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لفتح تحقيق قضائي في قضية على صلة ببايدن وابنه. لكن ترامب اتخذ موقفاً متصلباً رافضًا التعاون مع التحقيق بهدف عزله، ووظف الفضيحة وحولها بكل تفاصيلها إلى مادة يستخدمها لصالح حملة إعادة انتخابه. ويتزايد الدعم الشعبي لعزله بشكل بطيء، إذ أظهر استطلاع جديد أجرته قناة فوكس نيوز، وهي قناة يفضلها المحافظون الأمريكيون، أن 51 في المئة يؤيدون إقالته من منصبه. على ذلك رد ترامب بتغريدة على تويتر قائلاً: "أيا كان منظم الاستطلاع، فإنهم خائبون". قد يتمكن الديموقراطيون الذين يسيطرون على مجلس النواب من المضي قدماً في إجراءات عزله في الأشهر المقبلة، حتى وإن كان قلة مَن يعتقدون بأن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون سيدين ترامب ويعزله من منصبه. ومع ذلك، واجه ترامب تمردًا نادرًا داخل حزبه هذا الأسبوع بسبب قراره المفاجئ سحب القوات الأمريكية من الحدود التركية السورية، فتخلى بذلك فعليًا عن الأكراد الذين قاتلوا إلى جانب الولاياتالمتحدة في سوريا يواجهون وحدهم الهجوم التركي. ويقول ترامب إن مكالمته الهاتفية المشهورة في 25 تموز/يوليو مع زيلينسكي لم تتضمن أي نوع من الضغط، وإنما مجرد اقتراح برئ لملاحقة الفساد. ولقد أيد زيلينسكي الخميس روايته للأحداث، وقال للصحافيين "لم يكن هناك ابتزاز". ويقول الديموقراطيون إنه بالنظر إلى التباين الشاسع في النفوذ بين الزعيمين، لم يكن ترامب بحاجة إلى التلفظ بتهديدات واضحة وأن طلبه من زيلينسكي بتقديم "خدمة" له كان كافياً. والأربعاء، ألقى بايدن خطابًا قويًا دعا فيه إلى عزل ترامب الذي اتهمه "بإطلاق النار على الدستور". والخميس، اعتقل رجلا أعمال مقيمان في فلوريدا على صلة بمحامي ترامب رودي جولياني – وهو في قلب الخلاف – بسبب ارتكاب انتهاكات في تمويل حملات انتخابية. اتُهم الرجلان المولودان في أوكرانيا وبيلاروسيا، بتحويل أموال أجنبية لصالح حملات سياسية أميركية، بما في ذلك 325 ألف دولار ذهبت إلى لجنة لجمع التبرعات لإعادة انتخاب ترامب عام 2020. وقال ترامب، الذي التقطت له صورة مع الرجلين، إنه ليس لديه فكرة عن هويتهما. وقال للصحافيين "لا أعرف شيئاً عنهما. لا أعرف ماذا يفعلان. لا أعرف".