من الواضح أن أشغال قمة بريكس وإفريقيا تتجه نحو إطلاق الكثير من الأهداف والشعارات والتوافق على الكثير من الخطوات العملية والقرارات التنظيمية التي تتعلق أساسا باستقطاب أعضاء جدد إلى هذا التجمع الذي يضمّ الصينوالهند والبرازيل وروسيا والبرازيل، واتخاذ قرارات نحو المزيد من التكامل الاقتصادي والمالي بين البلدان الأعضاء. والخيبة الكبرى التي تأكدت رسميا هي خروج نظام الكابرانات خاوي الوفاض من هذه القمة التي طبّل لها كثيرا وأسهم إلى جانب جنوب إفريقيا البلد المنظم في تحويلها مرة أخرى إلى منتدى للترويج لأطروحة الانفصال من خلال استقبال بن بطوش ممثل الجمهورية الوهمية. القمة التي افتتحت أمس وتستمر إلى يوم غد بمشاركة زعماء الدول الخمس إضافة إلى رؤساء وقادة الدول الإفريقية المشاركة فضلت البت في توسيع التجمع ليضم دولا أخرى من بينها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا ابتداء من 2024 مع تأجيل البت في طلبات أخرى. تبدو هذه البلدان مرشحة بقوة كي تحظى طلباتها بالانضمام بالموافقة، بينما نال الطلب الجزائري رفضا أو تأجيلا على الأقل إلى مرحلة لاحقة. والسبب اقتصادي محض بالنظر إلى أن الرغبة السياسية وحدها لن تكون كافية لبلوغ هدف الالتحاق بهذا التجمع. فالدول الثلاث المرشحة بقوة تحقق ناتجا إجماليا ضخما لا يمكن مقارنته بالناتج الإجمالي الذي تحققه الجزائر بفضل مبيعات المحروقات من نفط وغاز. الدول الخمس المؤسسة لمجموعة بريكس تحقق وحدها ما يعادل 42 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي الخام، فما الذي يمكن أن تضيفه الجزائر إلى هذه النسبة؟ الرقم هزيل طبعا قد لا يتعدى 0,05 في المائة. وهي قيمة سلبية جدا لا يمكن التعويل عليها من أجل تعزيز قوة هذا التجمع. بعبارة أخرى ما الذي يمكن أن تجنيه القوى المؤسسة لهذا التكتل من انضمام بلد مثل الجزائر ما يزال يتعثر في معضلات اقتصادية عالمثالثية؟ وعلاوة على ذلك فإن قمة جنوب إفريقيا استنزفت اليوم الأول من اجتماعاتها من أجل الاتفاق بين الدول الخمس على قواعد واضحة فيما يخص مدارسة طلبات العضوية وتوسيع التجمع وهو الأمر الذي يعني أن جدول أعمال هذه القمة لم يكن كافيا للبت في الطلبات القائمة. ونظام الكابرانات أول من يعلم أن قمة بريكس إفريقيا المنعقدة بجوهانسبورغ ليست فرصة حقيقية للانضمام إلى هذا التجمع، لذلك يركز العسكر على أهداف سياسوية أخرى تتعلق أساسا بمحاولة الترويج لأطروحة الانفصال من خلال دعوة جبهة البوليساريو إلى الحضور بتنسيق مع جنوب إفريقيا. هذا هو الهدف الرئيسي الذي احتفى به الجزائريون أمس في وكالة الأنباء الرسمية، ويحاولون تحويله إلى انتصار دبلوماسي كبير. لكنهم يتجاهلون في الوقت نفسه أن غالبية الدول الخمس المؤسسة لمجموعة بريكس تربطها بالمغرب علاقات وثيقة ولا تتفق تماما مع الطرح الجزائري المدافع عن الانفصال. فباستثناء جنوب إفريقيا التي تبحث بدورها عن ريادة إفريقية ترى المغرب منافسا لها فيها تحتفظ دول الهند وروسيا والبرازيل والصين بمواقف متوازنة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تغامر بمصالحها مع المغرب بتأييد ظهور التنظيم الانفصالي في المؤتمر. حجم المبادلات التجارية بين المغرب ودول تجمع بريكس يتجاوز 16 مليار دولار، كما تجمع بين بلادنا و3 دول منها علاقات استراتيجية منذ سنوات. ومن المحتمل أن يشكل المغرب في المستقبل القريب امتدادا استراتيجيا مهما بالنسبة إلى الدول الأعضاء المؤسسة، لا سيما الصين وروسيا اللتان تدركان الأهمية الاستراتيجية للمغرب في ترسيخ العلاقات مع دول غرب إفريقيا ودول منطقة الساحل والصحراء، التي تجمعها بالمغرب اتفاقيات شراكة واسعة ومجالات تعاون لا حصر لها. لهذا مُنيت جهود الجزائر من أجل شراء بعض الذمم بتواطئ مع جنوب إفريقيا بهزيمة نكراء في هذه القمة التي لن يتبقى منها للكابرانات سوى صور بن بطوش الذي يسافر على حساب دافعي الضرائب الجزائريين. الدار-خاص