"كيف كان الراحل أمقران؟.. بشوش، صبور، عصامي ومكافح منذ صغره"، هكذا وصف مقربون من رئيس القطار شخصه.. الرئيس الذي قضى حياته ونحبه على سكة الحديد في ما بات يعرف ب"فاجعة بوقنادل". ولج محمد أمقران عالم سكة الحديد قدرا، بعدما اجتاز مباراة للمكتب الوطني للسكك الحديدية في مدينة الدارالبيضاء، وهو الذي كان يشتغل قبلها في منجم "ايميتر تاوزاكت" بإقليم تنغير، الذي ينحدر منه. اجتاز المباراة في البيضاء، وعاد الى مسقط رأسه بمنطقة "بومالن دادس" تحديدا. وهنا لعب القدر لعبته، حيث اكتشف صديق له – يقيم في العاصمة الاقتصادية – اسمه ضمن لائحة الناجحين، في قطعة من صحيفة كانت تلف "خبزا" اشتراه. توجه الصديق مباشرة الى أحد أقرباء الراحل، الذي يقطن بدوره في البيضاء وأعلمه بالأمر. جرى ربط الاتصال بأمقران في تنغير الذي التحق سريعا بمقر المكتب رغم فوات الأوان. لكن مدير المكتب آنذاك التمس له الأعذار نظرا لظروفه الخاصة. عمل محمد أمقران على سكة الحديد ما يزيد عن ثلاثين سنة، ليتوفاه الله في حادث انقلاب القطار الأخير، عامين فقط قبل التحاقه بركب المتقاعدين. "حين وقوع الحادث اتصلنا بهاتف خالي، رد علينا رجل آخر ليخبرنا بأن خالي مات في عين المكان (…) لم أتقبل الأمر في البداية (…) لم يكن خالي فقط بل كان صديقي المقرب"، هذا ما قاله مصطفى أيت علي، ابن أخت الراحل، في حديثه مع موقع قناة "الدار". رحل أمقران، وترك الحزن في قلوب زملائه وأصدقائه وأهله بما فيهم زوجته وأولاده الأربعة. "كانت آخر وصاياه أن أنتبه لنفسي وأن أواظب على الصلاة (…) سألني عن أحوالي وكيف مضى يومي"، يقول معاد أمقران، أصغر أنجال الراحل. ويسترسل في حديثه ل"الدار" بالقول إنه تلقى الخبر بصدمة بالغة، وإن أخاه الأكبر من توجه إلى مدينة سلا للتأكد من هوية الهالك. "رباهم أحسن تربية، ودرسوا ليصبحوا رجالا، ورغم أنهم تعلموا في مدارس عمومية إلا أن اثنين منهم تخرجا ليصبحا مهندسين، الثالث تقني ممتاز، والبنت صارت طبيبة"، يقول أيت علي. رحل أمقران، ذاك الرجل دائم البسمة، الطيب البشوش، كما وصفه يوسف العوفير أحد جيرانه حيث كان يقطن في حي "بير الرامي" بالقنيطرة. وهي نفس المدينة التي سيوارى فيها الثرى اليوم، بمقبرة سيدي البوخاري، بعدما توصلت عائلته بجثمانه في صندوق خشبي.