سلط تقرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، بشأن العقود التي أبرمتها شركة التكنولوجيا الإسرائيلية NSO مع 12 دولة في الاتحاد الأوروبي، والتي زودت من خلالها 22 جهازا أمنيا واستخباراتيا في هذه الدول ببرنامج "بيغاسوس" للتجسس من خلال الهواتف الذكية، (سلط) الضوء على سياسة الانتقائية وازدواجية المعايير، التي تعتمدها كل من منظمة العفو الدولية "أمنستي"، وشبكة "فوربيدن ستوريز"، ومن ورائهما وسائل الاعلام الغربية، وعدد من السياسيين الأوروبيين. ففي الوقت الذي اتهمت فيه هاتين المنظمتين العام الماضي، المغرب بشكل زائف ودون تقديم أي دليل أو حجة، باستعمال برنامج بيغاسوس للتجسس على عدة شخصيات وطنية ودولية، بلعتا اليوم لسانهما وأحجمتا عن أي تعليق، على التقرير الذي نشرته صحيفة هاريتس، رغم توفر الأدلة والحجج، إثر زيارة نواب أوروبيين الى سرائيل، ووقوفهم عن كثب على حقيقة امتلاك دولهم لهذا البرنامج. معطيات تحصلت عليها لجنة تحقيق تابعة للبرلمان الأوروبي، تباحث أعضاؤها مع مسؤولين في الشركة المطورة للبرنامج وخبراء في هذا المجال، بهدف الاطلاع على صناعة "السايبر" الهجومي، ولم يأت فقط بناء على ادعاءات منظمات غير حكومية. إنه لأمر مدهش حقًا أن نشهد تحاملا سريعا من الاعلام الأوروبي، وقدرته الخارقة على التعبئة والتجييش دون تأخير عندما يتعلق الأمر بالآخر، في مقابل توسله بصمت القبور عندما يتعلق الأمر بأوروبا "المتحضرة". هذه الفضيحة لا تشكل فقط ردا واضحا، وصك براءة للمغرب، على الادعاءات التي قدمتها، "أمنستي" و"فوربيدن ستوريز"، بل وتؤكد أيضا فرضية استهدافه بشكل ممنهج، ووقوف جهات بعينها وراء ترويج تلك المزاعم، من أجل الإساءة الى سمعته، والتشكيك في الأشواط المهمة التي قطعها في مجال "حقوق الانسان". ولعل الجميع شاهد، كيف سارعت وسائل الاعلام الأوروبية، وفي مقدمتها "لومانيتي" الفرنسية"، الى جلد المغرب والتشهير به، فيما لم تكتب اليوم حرفا واحدا عن القنبلة التي فجرتها "هاريتس" في وجه المجتمع الغربي. الأكيد أن كل هؤلاء، يجدون أنفسهم اليوم، في مأزق أخلاقي حرج لا يحسدون عليه، فيما تشكل هاته اللحظة، فرصة مواتية لفرض المساءلة على العقل الأخلاقي الأوروبي، لعل ذلك يشكل وخزة ضمير للدوائر السياسية هناك، ويدفعهم الى مراجعة حساباتهم مجددا.