عقد حزب التجمع الوطني للأحرار، مؤتمره الوطني العادي السابع، تحت شعار "مسار التنمية"، يومي 4 و5 مارس 2022، بمشاركة 2878 مؤتمرة ومؤتمر، عَبْرَ 14 منصة للتناظر المرئي، 13 منها وطنية وواحدة خاصة بمغاربة العالم الذين اجتمعوا بباريس، في جو طبعته التعبئة والالتزام من أجل إنجاح هذه المحطة السياسية والتنظيمية الهامة، لا سيما بعد كسب الحزب لتحدي "مسار الثقة"، وتصدره المشهد السياسي المغربي، برهانات جديدة تستجيب لانتظارات وتطلعات المغاربة، وعلى رأسها المساهمة في بناء دعائم الدولة الاجتماعية. وبعد مناقشة مشاريع التقارير المعروضة على أنظار المؤتمر، والمصادقة على تصفية الذمة المالية، والبرنامج الحزبي، وكذا إقرار التعديلات المقترحة على النظام الأساسي للحزب، وانتخاب الأخ عزيز أخنوش رئيسا للتجمع الوطني للأحرار، فإن المؤتمر الوطني السابع للتجمع الوطني للأحرار، إذ يهنئ الأخ الرئيس على تجديد الثقة فيه من طرف المؤتمرين، يثمن باعتزاز بالغ نجاح انعقاد هذه المحطة السياسية والتنظيمية الفارقة، والتي انعقدت في سياق ظروف استثنائية على كافة المستويات. وخلال أشغاله، استحضر المؤتمر السياق الدولي الصعب المتسم بتنامي المخاطر في ارتباطها بتداعيات جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية، والتي أنتجت تحولات عميقة لازال النظام العالمي يعيش تحت وطأتها، ما أفرز تغيرات جذرية في معادلات العلاقات الجيو-سياسية؛ ومن أبرز تجلياتها الإجماع على التحول العميق في تمثل السيادة الوطنية في أبعادها التقليدية، وحصول قناعة على جميع المستويات بأن تحقيق السيادة لا يمكن أن يتحقق إلا بامتلاك منظومة متكاملة لتعزيز أمننا الإستراتيجي. وتوقف المؤتمر عند تطورات الوضع الدولي في عدد من مناطق العالم، التي تشهد توترات لها تداعيات على السلم والأمن العالميين، وكذا انعكاساتها على مجموع دول المنطقة وسكانها، مثمنا في هذا الإطار موقف المملكة المغربية الداعي إلى الالتزام بميثاق الأممالمتحدة، والوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء بها، وكذا التشبث بمبدأ عدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات بين الدول. وفي مقابل ذلك طالب المؤتمر بضرورة تشجيع جميع المبادرات والإجراءات التي تسهم في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات؛ كما أشاد بالمجهودات المبذولة لمتابعة وضعية المغاربة المتواجدين بأوكرانيا، في ظل الوضع بالمنطقة، حيث كانت بلادنا، بتوجيهات ملكية سامية، من الدول السباقة إلى اتخاذ إجراءات عملية لصالح مواطنيها. واستحضر المؤتمر الانتصارات الدبلوماسية المتوالية التي تحققت بفضل المجهودات الكبيرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، دفاعا عن قضيتنا الوطنية الأولى، التي تعززت بالاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، مما يقوي افتخار واعتزاز كل مكونات الشعب المغربي بحكمة رؤية جلالة الملك وبعد نظره، ومصداقية المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، حيث أكد المؤتمر على التجند الدائم للتجمع الوطني للأحرار وراء جلالة الملك نصره الله في الدفاع عن الوحدة الترابية لبلادنا. وعلى المستوى الوطني، توقف المؤتمر عند محطة الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة التي بوأت التجمع الوطني للأحرار صدارة المشهد السياسي، ما أهله لقيادة الحكومة، بكل مسؤولية واستحقاق وشرعية، بعد تنظيم الانتخابات في وقتها المحدد، والتي جرت لأول مرة في يوم واحد، وعرفت نسبة مشاركة مرتفعة، تجاوزت الخمسين في المائة (50%)، وأفرزت أغلبية قوية ومنسجمة تنهل شرعيتها من مخرجات صناديق الاقتراع التي تعبر عن الإرادة الشعبية وتضع خدمة المواطنين في صلب أولوياتها. إن المؤتمر، بقدر إشادته بعمل الحكومة، والتي تشتغل بنفس قوي ومتماسك، فإنه يؤكد جاهزية وتعبئة مناضليه والتزامهم ووعيهم بجسامة وثقل المسؤولية التي تفرضها دقة المرحلة، لن يُضَيِّع الوقت في البحث عن التبريرات، بقدر ما يحرص، بشكل مسؤول، على إيجاد الحلول لإخفاقات ومشاكل تراكمت منذ سنوات، مسترشدا بخارطة الطريق للمرحلة المقبلة التي رسمها الأخ الرئيس في عرضه السياسي. وإذ يثمن المؤتمر ما راكتمه بلادنا من تجربة حقوقية رائدة وسَّعت من مجال الحريات وحققت مصالحة تاريخية، فإنه في الآن ذاته يعتبر منصات التواصل الاجتماعي على اختلافها، فضاء مهما للتعبير عن التواصل والإنصات لنبض المجتمع، ولا يمكن أن تحل محل المؤسسات السياسية الموكول لها دستوريا مهام تأطير المواطنين. وإيمانا من التجمع الوطني للأحرار بمركزية القضية الأمازيغية في تكريس الطابع التعددي والغني للثقافة والهوية الوطنية، فقد استحضر المؤتمر، بكل اعتزاز، مختلف المعارك التي خاضها الحزب من داخل البرلمان وخارجه لتنزيل الطابع الرسمي، مؤكدا العزم على مواصلة السير قدما لإعطاء الثقافة الأمازيغية مكانتها المحورية في النسيج الهوياتي الوطني. وانسجاما مع برنامج الحزب الذي تأسس على الديمقراطية الاجتماعية، فإن المؤتمر يثمن الورش الملكي القاضي بتعميم الحماية الاجتماعية، وتكريس مسؤولية الدولة الحاضنة ودورها المحوري في الحد من الهشاشة والفوارق الاجتماعية، معتزا بإشراف الحكومة التي يترأسها الأحرار على تفعيلها التاريخي الناجع، ومذكرا بتجند كافة مناضلي الحزب وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله، لمواصلة إرساء دعائم الدولة الاجتماعية. وانسجاما مع شعار المؤتمر المتجسد في "مسار التنمية"، وتثمينا لهذا المجهود الجماعي الواعي بإكراهات المرحلة، الذي جسده التجمع الوطني للأحرار، من خلال كافة مؤسساته التنظيمية فإن المؤتمر الوطني السابع، يؤكد على: الإشادة بمبادرات جلالة الملك الشجاعة والرائدة على الدوام، لكي تواصل المملكة المغربية حضورها الريادي بين الأمم؛ الاعتزاز بالتموقع السياسي للحزب، المبني على الديمقراطية الاجتماعية التي تنشد بناء الدولة القوية الحاضنة لكل أبنائها. الإشادة بمقاربة الحكومة مواصلة دعم مجموعة من السلع (الكهرباء، والسكر، وغاز البوتان)، وإقرار دعم إضافي للقمح اللين، حماية للقدرة الشرائية للمواطنين. الانخراط الكلي واللامشروط في كل المبادرات التي تروم عودة الحياة الاقتصادية وتجاوز تداعيات الجائحة، ومنها البرنامج الاستعجالي للتقليص من آثار تأخر التساقطات المطرية، وبرنامج "أوراش"، وبرنامج "فرصة"، والمخطط الاستعجالي لإنعاش السياحة، وكل المبادرات التي ستطلقها الحكومة في القريب والتي تروم تحسين المعيش اليومي للمواطنين. التنويه بالأداء الإيجابي للأغلبية، المبني على قيم الانسجام والالتزام والمسؤولية. تسريع إقرار سياسات عمومية لفائدة الطبقات الهشة ترسيخا لمبدأ التضامن بين الفئات، باعتباره تمثلا حقيقيا للدولة الاجتماعية. الإشادة بمأسسة الحوار الاجتماعي الذي انطلق مباشرة بعد تنصيب الحكومة الضامن للسلم الاجتماعي واعتماد لجان لمتابعة تنزيل مضامينه بشكل مستمر ومتواصل، وضمان تحقيق نتائجه. الإشادة بالمقاربة التشاركية التي انتهجتها الحكومة، والمبنية على الإشراك المبكر والقبلي للفرقاء الاجتماعيين في كل الإستراتيجيات الجديدة لإصلاح ملفات معقدة ومُتوارثة. الإشادة بالاتفاقات الموقعة بين الحكومة والنقابات في مجالات الصحة والتعليم، والتي تروم إنصاف فئات واسعة من شغيلة ومستخدمي هذه القطاعات. إن "مسار التنمية" الذي رفعه المؤتمر الوطني السابع، وقبله "مسار الثقة" الذي حظي بثقة المغاربة، ليس مجرد شعار لتمرير المرحلة، بقدر ما هو رؤية تؤسس لتعاقد سياسي جديد يضع نصب عينيه مخرجات صناديق الانتخابات باعتبارها التعبير الوحيد لإرادة المواطنين، يروم إلى إقرار إصلاحات عميقة، ستنعكس، إيجابا، وفي المدى المنظور، بشكل مباشر على المواطنين. إن المؤتمر، إذ ينوه بالحس الاستباقي للتجمع الوطني للأحرار في التفاعل مع مطالب المواطنين، ومن منطلق حرصه كهيئة سياسية تؤمن بمركزية الإنصات والقرب في أدائها السياسي، فإنه يؤكد العزم على المضي قدما في القيام بمهامه التأطيرية للمواطنين والترافعية على كل القضايا من مختلف المواقع والمسؤوليات، ويوصي بالتسريع بعقد الجمع العام التأسيسي للهيئة الوطنية للمنتخبين الأحرار، للقيام بمهام التكوين والتأطير للمنتخبين وتجويد التدبير الجماعي على مختلف مستوياته.