فصل الصيف إلى أي حد يغريك بالكتابة؟ أنا من مواليد آخر أغسطس / آب بمدينة الجديدة، هذه المدينة تصبح في الصيف أكثر ازدحاماً و ترى فيها ملامح المغرب المتنوعة ممتدة على قطعة صغيرة من شاطىء المحيط الأطلسي، إذ لا فرصة لأحد في التأمل أو الانفراد بأفكاره، ومنذ الصغر تعودت أن أستغل الصيف في قراءة ما فاتني من الروايات و الكتب بعد سنة مكتظة بالمقررات الدراسية، و ها أنذا اليوم أشارف على الخمسين و بعيد جدا عن الجديدة غير أني أبْقَيت على عادات الطفولة في قضاء أوقات الصيف. نصك الأول، فاتحة مجدك الإبداعي، هل مازلت تذكره؟ سنة 1985 خطت يدي أولى النصوص و لك منها هذا المقطع: و لو ضعف قلبك قل أشياءك الجميلة فلن أرثيك لن أدفن رأسي في صدرك لأنك أنا النقد حين يسبر مغاوير النص، ما الذي يضيفه لك كمبدع؟ سأحدثك عن النقد من خارج تجربتي، لأنه لا أحد من نقادنا الأعزاء التفت لما كتبت، النقد حين يكون بناءً يضيف رؤى جديدة للنص و يجعل افق المعنى أكثر رحابة . و إن كان نقدا لا منطق فيه، فإنه يحيل النص باهتا و يبعد القارئ عن المتن و صاحبه. لذلك فإن النقد الذي يكتبه ناقد/قارئ جيد يخدم الشاعر والقصيدة على حد سواء. و أنا هنا لم أقصد بأي حال ما يسمى بالقراءات العاشقة، فهي في نظري لا تتجاوز مجال المجاملات و دغدغة مشاعر بعض الكتاب للبعض الآخر في غياب نقد مواز لكل المنتوج الأدبي في الساحة الثقافية المغربية. وأنت بصدد الكتابة هل تستحضر المتلقي، وهل تعتبره شريكا مفترضا في المتعة المشتركة؟ حين أكتب .. أكتب انفعالاتي و تفاعلاتي مع العالم متأثرا بما يقع حولي، و لا يشغل بالي سوى العمل على إجادة ما أكتب بنية صادقة للتواصل مع الآخرين، و كثيرا ما أتصور أن ما أكتبه سيقرأه أحد ما في مكان لا أعلمه، و سيبني النص و معانيه بيننا المشترك الرائع. ما يحدث في العالم الآن كيف يتسلل إلى مواضيع كتاباتك؟ كل المتغيرات التي تحدث على العالم لها انعكاساتها في نفس و نصوص الكاتب، و أنا لست استثناء، فالمستجدات كثيرة و تأثيرها أعمق، لهذا دائما أجعل مسافة بين ما يقع و بين ما أكتب لكي لا أسقط في التقريرية الصحفية و ردة الفعل الانطباعية و الاندفاعية، إلا أن الشعور بالعجز أمام الظلم و الاستعباد و مشاهد الحروب و الأوبئة و الفقر و الكوارث الطبيعية لا تعطي الفرصة لأي كان أن يكتب ما يلزم فما بالك بشاعر مغمور مثلي. أصبح الكاتب يزاوج بين الكتابة الصحفية والعمل الإبداعي، ما الذي يتحقق في هذه المزاوجة كقيمة مضافة؟ المبدع كائن يكتب ليحقق ذاته، و عملية الكتابة لديه شرط وجود في المشهد الثقافي، و منذ آخر قرنين مضيا كانت الصحافة في مجملها تعتمد، في مصداقيتها، كتابا مبدعين مشاهير بأسماء وازنة، شعراء كانوا أم روائيين و حتى فلاسفة، و اليوم مع تطور عالم المعلوميات و وسائل الاتصال صار من السهل على أي مبدع الوصول إلى الصحف و المجلات الورقية و الإلكترونية، لينشر نصوصه الإبداعية في البداية ثم ينتقل توًّا إلى كتابة مادة صحفية تتمثل في: أعمدة أو مقالات أو تحقيقات أو ملفات. و الغرض من كل هذا هو المردود المادي، و هذا حق، أولا، و تلميع الإسم بما يكفي من النشر في أكثر من منبر إعلامي ثانيا، ثم أخيرا استثمار العلاقات من قبيل رؤساء تحرير الجرائد و المجلات و المشرفين على المواقع و المنتديات الالكترونية، الشيء الذي يسهل الطريق أمامه لنشر منتوجه الأدبي و يزكيه للمشاركة في المهرجانات و المحافل الأدبية داخل الوطن و خارجه. يعدّ النشر الإلكتروني حاليا أكثر سرعة ووصولا للقاريء، كيف ترى حالة الكتاب الورقي من حيث القرائية والإنتشار؟ إذا كان فعل القراءة يمثل أحد أهم المكونات الثقافية في مجتمع ما، فهو دليل على أن هذا المجتمع يتقدم عن غيره، و المجتمع الذي لا يقرأ ليس له نصيب في الوعي لا بماضيه و لا بحاضره و لا حتى بمستقبله، و هذا ضياع لا حدود له لشعب كامل، و نسبة القراءة في مجتمعاتنا العربية ضئيلة جدا، و ازدادت ضآلة مع محدودية ما يطبع اليوم مقابل ما ينشر على الأنترنيت، فأمية الكتابة عندنا مرتفعة و أمية القراءة أكثر ارتفاعا، أما أمية المعلوميات بتقنياتها و وسائلها تعتبر أعلى مستوى بالمقارنة مع الدول الغربية، و هذا يحيلنا إلى نتيجة واحدة و حتمية وتخص عالمنا العربي و المتمثلة في أن الكتاب الورقي كان موجودا و لا يقرأه كثيرون و اليوم ما زال الكتاب ينشر و موازاةً مع النشر الورقي أضيف إليه نشر إلكتروني و لا يقرأه إلا قلة قليلة. فما جدوى انتشار كتاب لا يقرأه الجميع؟؟؟!!!!!! السفر والملتقيات الإبداعية والفيس بوك أخيرا، ما حدود الخدمة التي تتوفر في كل هذا؟ لقد جربت و اختبرت كل هذه الوسائط التي يرغب كل كاتب في التواصل عبرها مع الآخرين، و وصلت إلى قناعة مفادها أن الشاعر الجيد لن تضيف إليه المشاركة في الملتقيات و المهرجانات شيئا جديدا، إن التهافت على المشاركة في مثل هذه المحافل يُفْقد الكاتب مصداقيته حين يكون الملتقى غير ناجح أو حين يكون جل المشاركين في اللقاء من ممجدي الرداءة شعرا و نثرا أو حين يحمل مهرجان ما خلفية تتعارض مع ما يؤمن به من مبادئ، و مقابل هذا السلبي السائد في المشهد الثقافي العربي يوجد القليل ممن ينظمون ما يستحق الحضور و ربما المشاركة أيضا. في اعتقادك، الجوائز التي يحصل عليها المبدع ما تأثيرها على مساره الإبداعيّ، وإلى أي حدّ تعدّ حافزا؟ هناك جوائز تسعى إليها و أخرى تسعى إليك، فأما التي تسعى إليها يكون الدافع منافسة الآخرين لتقييم ما تكتب أو/ و رغبة في الفوز بقيمة مادية، و أما التي تسعى إليك فإنها تضع ما تكتب في مصافِّ الأوائل وهذا قليلا ما يحدث. الجوائز في نظري ليست ذات أهمية كبرى و ليست من أولوياتي، فأنا أكتب منذ الثامانينيات و طول هذه المدة لم أحصل على الكثير و هذا لم يمنعني من تطوير تجربتي و إصراري على كتابة الجيد و المختلف و نشره في أكثر المنابر قراءة. يهيمن على وسائل الإعلام الموقف السياسي في تحليل ما يحدث، في المقابل يغيب موقف المثقف والمبدع، كيف ترى هذا التغييب، وما حدود تأثيره في تشكيل وتنوير الرأي العام؟ إن كثرة وسائل الإعلام، من قنوات رقمية، جرائد و مجلات و مدونات و منتديات إلكترونية، و جرائد ورقية و غيرها، تشكل مجموعة من التوجهات الإديولوجية و مواقف سياسية تجاه قضايا تهم الشأن و الرأي العام، و في المغرب هناك الاعلام الرسمي و الاعلام الحزبي و الاعلام المستقل (تجاوزا)، يصبون في خندق واحد على اعتبار أنهم يغضون الطرف عن لصوص المال العام و الفساد الاداري و الاستغلال الطبقي و هيمنة العولمة المتوحشة و الخوصصة المشبوهة للمرافق العامة و الاستغلال البشع للثروات الطبيعية بحرا و برا ( الصيد البحري و مداخيل الفوسفاط) و النصب و الاحتيال ضد المجتمع ( فضيحة النجاة، فضيحة تالسينت) ، و يهتمون بالتافه في اليومي، والمثقف سلبي دون موقف ظاهر من كل هذا. لقد انقلبت كل المفاهيم، فبالأمس كان سارتر ينزل إلى الشارع، نهارا، مع آلاف المضربين مطالبا بحقوق العمال، و ليلا كان يتأمل و يُنَظِّرُ لواقع أحسن، أين مثقفينا من هذا النموذج، لا أحد منهم كتب كلمة حق فيما يحدث للمعطلين أمام البرلمان، و لا أحد منهم حرك ساكنا لما تنتجه الانتخابات من خروقات في اختيار ممثلي الشعب و التشريعات التي يسنونها، لا و جود للمثقف سوى افتراضيا فهو دائم الغياب في كل المحطات المصيرية للبلاد و العباد. مؤسسات الدعم الثقافيّ ودور النشر والسياسات الثقافية، هل تراها كافية وذات جدوى في دعم المبدع؟ ما الداعي إلى دعم الثقافة كنشر كتب لا ترى النور، أو كإنتاج أفلام باهتة تمجد الفساد و مسرحيات تسخر من المواطنين، أو كإهدار المال العام على مهرجانات للرقص و الموسيقى، أو كبث برامج تلفزية تصبغ الحقائق، أو كتزكية جمعيات متخصصة في ترديد الشعارات و تنظيم أنشطة للمناسبات و ............ و هلم جرا. المبدع الحقيقي كائن هامشي في المنظومة الثقافية، يُذكر في كل شاردة و واردة ، لكن لا يُعتد برأيه و لا بوجوده، و بعد أن يموت، تلحقه تأبيناتهم كلعنة، و يكون نسيا منسيا، و التاريخ يشهد بأن محمد خير الدين و كريم حوماري و محمد الطوبي و محمد عابد الجابري و محمد زفزاف و محمد شكري و غيرهم، قد مروا بالقرب من الأوصياء على الثقافة و المثقفين لكنهم لم يروهم كما يجب. أتعتقد أنك كتبت نصك المشتهى؟ يجوز أني كتبت نصوصا جيدة، لكني أتعامل مع كل نص على حدى، أتبع و أترصد الفكرة الأساس أو التيمة ثم أحيلها نصا و ما أن أنتهي من الكتابة حتى أجد نفسي أطارد فكرة أخرى، و هكذا .......... أما عن النص المشتهى فإني أقرأه، عند يانيس ريتسوس و محمود درويش، و لا أحلم بكتابته يوما ما. البوصلة، مجلتنا/ك، كيف تراها؟ هي حقا مجلة جيدة و جادة، و الساهرين عليها من خيرة من أعرف، لكني أريدها أكثر مهنية و احترافية، كأن توسع من دائرة نشر النصوص شعرا و نثرا و تنتخبها انتخابا، و تفتح نوافذ أخرى. ======================== سعيد ياسف تاريخ و مكان الازدياد : 31 / 08 / 1967 عضو اتحاد كتاب المغرب العنوان الإلكتروني: هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته الإنتاجات الأدبية: " كي أدرك أنحائي" ديوان شعري صدر عن وزارة الثقافة سنة 2004 المشاركات: لسنة 2005 الملتقى الشعري ل"جمعية المعتمد" ب: شفشاون الخيمة الشعرية ل"الهامش القصصي ب : زاكورة القراءة"جامعة القاضي عياض" ب : مراكش ( المشاركة كانت عبارة عن محاضرة) اليوم العالمي للشعر مندوبية وزارة الثقافة ب : الدارالبيضاء لسنة 2006 ملتقى "خير الدين " ب: سبت جزولة المهرجان الشعري ل:" جمعية البلسم" ب: أبي الجعد احتفاء باليوم العالمي للشعر " كلية الآداب " ب : الجديدة أمسيات فاس الشعرية ب : فاس المهرجان العالمي للشعر ب : الدارالبيضاء لسنة 2007 المهرجان الوطني للشعراء الشباب ب:مراكش معرض الكتاب ب: الدارالبيضاء ( مشارك في ندوة) مهرجان الشعر المعاصر ب: مكناس لسنة 2008 مهرجان أسيف ب: آسفي تكريم الشاعر عدنان ياسين ب: مراكش معرض الكتاب ب: الدا البيضاء النشر بالمجلات: الشعراء (فلسطين) الشعر (مصر) كتابات معاصرة (لبنان) البحرين الثقافية (مملكة البحرين) ألواح (إسبانيا) أخبار الأدب (مصر) عمان (الأردن) المدى (سورية الآداب (لبنان) الآطام ( السعودية) الجوائز : الجائزة الوطنية لمنتدى الشخص المعاق للإبداع الشعري سنة 2002 جائزة بيت الشعر بالمغرب (لأحسن إصدار شعري سنة 2004 ) سنة 2005