"الدريفتينغ" أو السياقة الاستعراضية بالسيارات والدراجات النارية على مستوى الطرقات والأماكن العمومية، بالرغم من أنها تشكل مخالفة صريحة لمدونة السير على الطرق، إلا أن انتشارها الواسع والمخيف بمناطق ومدن مختلفة بالمملكة، يعكس تحديا صارخا للتشريعات المغربية المعمول بها، ويدفع نحو البحث في أسباب ودوافع ظاهرة دخيلة على المجتمع المغربي تعرّض حياة مواطنيه إلى الخطر. من منا لم يكن شاهدا يوما على محاكاة معيبة لسباقات "الرالي" في المسالك الطرقية العمومية، بطلها سائق دراجة نارية في الأغلب الأعم شاب مراهق يافع، اختار، بدافع التهور، استعراض مهاراته البهلوانية في سياقة مركبة معدَّلة الخصائص التقنية بشكل خطير وفي المكان والتوقيت غير المناسبين، مما ينتهي في كثير من الأحيان بمآسي وحوادث سير خطيرة، بعضها مميت. إلى حدود نهاية الأسبوع الفائت، أسفرت العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح الأمن والمراقبة المرورية بولاية أمن الرباط، عن ضبط 16 شخصا يشتبه ضلوعهم في هذا النوع من السياقة ما نتج عنه تعطيل حركية المرور بالطرقات وتعريض سلامة المواطنين للخطر.
ومكنت التدخلات الميدانية المنجزة، من ضبط مجموعة من المركبات التي يشتبه في استخدامها في هذا النوع من السياقات الخطيرة، من بينها سيارتان و11 دراجة نارية تحمل سعة أسطوانات كبيرة، جرى إحالتها على المستودع البلدي بموجب قرارات الإيداع.
في تفسيره لإقبال اليافعين والمراهقين المغاربة على السياقة الاستعراضية، قال فؤاد بلمير الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، ل"الأيام 24″، إن "الشاب بطبعه كائن متمرد وثوري أحيانا، يرغب في التحلل من الأسرة والمدرسة والمجتمع، ولذلك فهو يتبنى جميع السلوكات التي تتناقض مع الوعي الجمعي مادام أنها تضمن له نشوة عابرة".
وأوضح بلمير ضمن تحليله لهذه الظاهرة الآخذة في الاستفحال بالمغرب، أن "المجازفة بالحياة بهذه الطريقة تحيل على المراهقة، أي الفترة التي نبدأ فيها بملاحظة بعض الاضطرابات السلوكية لدى المراهقين ومظاهر المجازفة التي تشكل خطرا عليهم"، مبرزا أن الانحراف وتعاطي الأقراص المهلوسة وتأثير الأصدقاء على بعضهم البعض، كل ذلك يمثل أسباب رئيسية تقف وراء بروز هذا النوع من الانحرافات.
وأشار الباحث السوسيولوجي عينه إلى أن "تدخل الجهات الأمنية الوصية لزجر أصحاب هذه التصرفات المشينة يبقى ضرورة ملحة للحفاظ على أمان شوارع المدن وضمان بيئة آمنة لسكانها، لكنه غير كاف، بل يتطلب الأمر متدخلين جدد خارج المنظومة التقليدية من أجل توعية وتحسيس هؤلاء الشباب بخطورة ما يقدمون عليه".