إذا كانت الدورة التشريعية الخريفية البرلمانية السابقة قد عرفت أداء تشريعيا "محتشما" و"بطيئا" وفق تقييمات بعض المراقبين السياسيين، بسبب وقوع عدة أحداث في مقدمتها زلزال "الحوز" إضافة إلى "رجة المحاسبة" التي هزت أرضية العديد من القيادات الحزبية والسياسية من مختلف مواقعها، فإن الرهان بات معقودا على "الدورة التشريعية الربيعية" المقبلة لتجاوز مخلفات الماضي، بهدف الارتقاء بالعمل البرلماني وتنزيل الخطب الملكية والتعاطي ب"جدية" مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تهم المواطن المغربي. ورغم توقف العمل البرلماني خلال الفترة الممتدة بين شهر فبراير الماضي إلى نصف أبريل القادم، تستمر بعض النخب البرلمانية في عملها الدستوري المتجلي في "مراقبة عمل الحكومة" وذلك عن طريق مساءلة الوزراء كتابيا، والتتبع عن كثب مجريات الأمور الوطنية و"التفاعل مع كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة التي تهم النسق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي".
وعلى هذا النحو، ينتظر المتتبعون خلال الفصل الثاني من العمل التشريعي المغربي أن يتم التطرق إلى مجموعة من التشريعات والقوانين، وفي مقدمتها تنزيل "مدونة للأخلاقيات" التي أمر بها الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان من أجل تخليق الحياة السياسية والبرلمانية، ومناقشة بعض القوانين ذات الأهمية القصوى كقانون الإضراب والنقابات والمسطرة المدنية إضافة إلى قانون الاثراء غير المشروع الذي تم سحبه من طرف الحكومة في دورة "الخريف" السابقة.
تعليقا على هذا الموضوع، قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن "الدورة الخريفية تمتاز أساسا بالقانون المالية في حين تبقى الدورة الربيعية دورة تشريعية بامتياز"، مؤكدا على أن "بعض الأطر البرلمانية استمروا في العمل خلال الفترة الممتدة بين الدورتين، وذلك عن طريق طرح الأسئلة الكتابية على الوزراء".
وتابع السنتيسي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "قمنا بإعداد 12 مقترح قانون خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، ومن المنتظر أن تبدأ الدورة الربيعية بمناقشات ساخنة حول هذه المقترحات"، مضيفا أن "المقترحات القانونية التي قمنا باعدادها تهم عدة مجالات لها علاقة بالمواطنين المغاربة".
وأضاف المتحدث عينه أنه "بخصوص مدونة الأسرة مازالت الهيئة لم تنتهي من عملها، حيث سيتم إحالة التعديلات أو القانون الأسري الجديد المعدل على البرلمان بعد إرساله إلى الملك محمد السادس".
وأشار النائب البرلماني المغربي إلى أنه "هناك قانون المسطرة المدنية إضافة إلى بعض القوانين التي سحبتها الحكومة في بداية الولاية التشريعية وعلى رأسها المسطرة الجنائية والاثراء غير المشروع، حيث سيتم تنزيل خلال الولاية التشريعية الخريفية بعض القوانين المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي، إضافة إلى قانون الإضراب وقانون الشغل".
بالمقابل، يرى أحمد العبادي، النائب البرلماني عن فريق التقدم والاشتراكية، أن "العمل البرلماني مستمر منذ اختتام الدورة الخريفية في شهر فبراير إلى غاية اليوم، وأجزم أن الأمر سيستمر إلى غاية افتتاح الدورة الربيعة الجمعة الثاني من أبريل".
وأورد العبادي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "كما تعلمون أن الفترة بين الدورات لا تعني أن البرلمان يوجد في عطلة برلمانية كما يشاع، بل العكس من ذلك خلال فترة بين الدورة تنشط اللجان البرلمانية التي من خلالها يتم مسائلة السادة الوزراء كتابيا في مختلف القطاعات حول السياسات القطاعية وكيفية تنفيذ البرامج الحكومية وماهي الإكراهات والتحديات وسبل معالجة مختلف المشاكيل المطروحة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا"، مشيرا إلى أن "دورة أكتوبر تأخد حيزا زمنيا مهما لمناقشة قوانين المالية".
واعتبر النائب البرلماني عن حزب"الكتاب" أن "هذه الفترة الزمنية الهامة بين دورة أكتوبر 2023 ودورة أبريل 2024، عرفت ركودا وتجميدا لعمل البرلمان بشكل خطير وغير مسبوق، فلا انعقاد للجان البرلمانية ولا اجتماع للجان الموضوعاتية لا مهام استطلاعية، إلا في حالات ناذرة جدا ومعزولة، رغم أن هذه الفترة تميزة بعدة مشاكيل واكراهات الاستمرار في التضخم وغلاء الأسعار وارتفاع حجم البطالة وفقدان الالاف من مناصب الشغل"، مردفا إلى ذلك "مشكل قطاع التعليم وأيضا مشكل طلبة كلية الطب ومع ذلك الحكومة في سبات عميق وتقزيم عمل البرلمان بسبب الهيمنة العددية أو ما يمكن أن نسميه تغول الأغلبية".
"أما بخصوص الدخول السياسي المقبل خلال الجمعة الثاني من أبريل تجدر الإشارة أن أهم ما يميزه هو نهاية منتصف الولاية التشريعية وبداية المنتصف الثاني الذي يتميز بتجديد هياكل البرلمان، حيث من المفترض أن تعرف هذه الهياكل تغييرا مهما سواء تعلق الأمر بمكتب المجلس الرئيس ونوابه، أو تعلق الأمر بتغيير في رئاسة اللجان وأعضائها أو تغيير في الشعب الدبلوماسية الموازية"، يقول المتحدث.
ولفت البرلماني المعارض إلى أنه "بخصوص مشاريع القوانين هناك عدة أوراش مهمة وتحظى باهتمام الرأي العام الوطني على رأسها مدونة الأسرة وأيضا القوانين الجنائية ومتابعة مناقشة قانون المسطرة المدنية، كما ننتظر من الحكومة عرض القانون المتعلق بالاثراء غير المشروع التي سحبته في وقت سابق".
وأكد العبادي على ضرورة "مواصلة مناقشة مهام اللجان الموضوعاتية والمهام الاستطلاعية، وأخيرا المصادقة على مشروع القانون الداخلي بعد الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى 60 للبرلمان من أجل تخليق العمل البرلماني وتعزيز الدبلوماسية البرلمانية بافريقيا على وجه الخصوص، وغيرها من المواضيع".