كشف تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي أصدره الأربعاء 10 ماي 2023، عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2022 تحت عنوان "إعادة ترتيب الأولويات لتعزيز فعلية الحقوق"، أن غلاء الأسعار أثر بشكل كبير على تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا على ضرورة التعجيل بإخراج منظومة الاستهداف. وأكد التقرير أنه نظرا لأهمية الأبعاد المتعلقة بالحكامة في التعاطي مع العوامل المؤدية إلى التضخم، على ضرورة تفعيل الآليات المؤسساتية المناط بها تنظيم مراقبة منظومة تسويق السلع والخدمات ومحاربة جميع أشكال الاحتكار والمضاربة وغريها من الممارسات المنافية للقانون وإعمال آليات مناهضة الإفلات من العقاب، داعيا "بالخصوص إلى الإسراع بإخراج النصوص التنظيمية التي ستمكن مجلس المنافسة من الاضطلاع بمهامه في هذا المجال".
وأبرز المصدر نفسه، أنه "قراءة في تطورات العوامل الداخلية والخارجية للتضخم تبني أن الموجة الحالية قد لا تنته في الأمد القريب، ومن المحتمل أن تتحول إلى نعطى هيكلي في الاقتصاد العالمي"، لذلك يرى المجلس أن مواجهة الآثار السلبية للتضخم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينبغي أن تعتمد على مقاربة تزاوج بين الإجراءات والتدابير الآنية المستعجلة التي تروم إعادة التوازن إلى أسعار المواد الأساسية والخدمات الحيوية للمواطنين من جهة، والتدابير الاستباقية التي تستهدف التأثير الفعلي في العوامل السلبية للتضخم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينبغي أن تعتمد مقاربة تزاوج بين الإجراءات والتدابير الآنية المستعجلة التي تروم إعادة التوازن إلى أسعار المواد الأساسية والخدمات الحيوية للمواطنين من جهة، والتدابير الاستباقية التي تستهدف التأثير في العوامل المؤدية إلى التضخم من جهة ثانية.
وأضاف المصدر نفسه، أنه انسجاما مع التوجهات الاستراتيجية التي سبق أن أكد عليها في مذكرتيه الموجهة إلى لجنة النموذج التنموي سنة 2020 وإلى رئيس الحكومة سنة 2021، يحدد المجلس توصياته ذات الصلة بالاعتماد على الذات عرب توجيه النموذج الفلاحي المعتمد لتحقيق الاكتفاء الذاتي بما يسمح بضامن الأمن الغذائي واستقرار أسعار الغذاء والخدمات الأساسية.
كما يرى المجلس، أن الوعي بالتداخل الكبير بين إشكالية التضخم وبني مختلف السياسات الاجتماعية، خاصة التعليم والصحة وضامن خدمات عمومية، سيساهم بشكل كبير في رفع القدرة الشرائية للمواطنين، ويدعو إلى استعجال إخراج منظومة الاستهداف إلى حيز الوجود مع العمل على تحيينها بشكل دوري.
واعتبر التقرير أن هذا التضخم القياسي الذي تعيشه البلاد يرجع لعوامل خارجية على رأسها الحرب في أوكرانيا، والتقلبات الكبيرة في أسعار المواد الطاقية والزراعية، والارتباك على مستوى سلاسل التوريد العالمية، ولكون الاقتصاد الوطني شديد الاندماج في الاقتصاد العالمي ومنفتح بشكل كبير على التجارة الدولية، استيرادا وتصديرا، مما يجعله معرضا للتقلبات الجيوقتصادية الدولية بشكل كبير.
كما يرجع التضخم، حسب التقرير ذاته، لعوامل داخلية، حيث لم تكن سنة 2022 سنة جافة فحسب، بل إنها تميزت كذلك بظهور الأثر التراكمي لسنوات الجفاف المتعاقبة، حيث تجلى ذلك بالأساس في التراجع الكبير في المواد المائية بكل أصنافها، وهو ما أثر بشكل كبير على القطاع الفلاحي، سواء فيما يتعلق بتراجع قدرته على التشغيل أو من خلال مساهمته في ارتفاع نسبة التضخم بسبب غلاء أسعار المواد الغذائية ذات الأصل الزراعي المحلي.
وأبرز التقرير أنه وبصرف النظر عن طبيعة العوامل التي أدت إليها، فإن موجة التضخم التي عرفتها سنة 2022 كان لها تأثير كبير على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئات واسعة من المواطنات والمواطنين، وخاصة الفئات الفقيرة والهشة التي لاتزال لم تتعافى بعد من آثار جائحة كوفيد 19.
ورصد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الآثار السلبية للتضخم على المستوى المعيشي للمغاربة من خلال بعض المؤشرات الدالة من قبيل مؤشر القدرة على الادخار الذي تراجع بشكل كبير خلال سنة 2022، حيث تراجعت نسبة القادرين على الادخار إلى 32%، أي أن أكثر من ثلثي المغاربة كانوا عاجزين عن الادخار في هذه الظرفية.