يعود عبد المجيد تبون، رئيس الجزائر، من جديد إلى إشهار دعمه الإنفصالي لجبهة البوليساريو وضرب الوحدة الترابية للمغرب، خلال اليوم الثاني من مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، في كلمة ألقاها نيابة عنه الوزير الأول الجزائري، داعيا الاتحاد الإفريقي، لدعم الأطروحة الانفصالية للجبهة، معتبرا أن تحركات المغرب هي "قرارات انفرادية منتهكة للقانون الدولي ومخالفة لمبادئ الاتحاد الإفريقي". الرئيس الجزائري يقول في حديثه إن على الاتحاد الإفريقي "أن يتحمل مسؤوليته في قضية الصحراء"، وفي ذلك تأكيد أو ربما استشعار للتحرك المغربي داخل المؤسسة الإفريقية من أجل زحزحة ما ترسب من وراء جلوس جبهة البوليساريو الفاقدة للشرعية القانونية والتاريخية في المؤسسة، إذ بدأت الأصوات الداعمة للطرح الإنفصالي في الخفوت، ولم يتبق إلا قلة وعلى رأسهم الجزائروجنوب إفريقيا.
التحرك الجزائري لتثبيت أقدام جبهة البوليساريو في شراكات المؤسسة مع باقي الشركاء الاقتصادين والعواصم الكبرى، بعدما صادق مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي على "إعلان نداء طنجة" الخاص بمشروع طرد الوليساريو من الاتحاد، تحرك قوبل برفض الاتحاد الإفريقي لمشروع تثبيت أقدام الجبهة، ما يعني وفق مراقبين فشلا للدبلوماسية الجزائرية، التي راهنت عليه إلى جانب عدد من القوى الداعمة لها، في مأسسة إشراك بعض الكيانات، ومن بينها جبهة البوليساريو الانفصالية في الشراكات الدولية التي ينسجها الاتحاد الأفريقي.
وعن رفض الاتحاد الإفريقي للمشروع الذي تقف وراءه الجزائر، يقول السعيدي عبد الخالق، الباحث في العلوم السياسية، أن الدبلوماسية المغربية تمكنت من النجاح في لعبة الكولسة داخل الإتحاد الإفريقي، أي نسج خيوط علاقات سياسية اقتصادية تكاملية مع عواصم إفريقية، أثمرت في تكوين حلف مغربي إلى جانب بعض دول القارة، قوي يحبط تمرير المشاريع السياسية الراغبة في ترسيخ أقادم الإنفصاليين داخل مؤسسة الإتحاد الإفريقي.
واعتبر المحلل السياسي في حديثه ل"الأيام 24″ أن الجزائر تتملكها رغبة قوية إلى جانب جنوب أفريقيا، في تأمين مشاركة البوليساريو في مؤتمرات الاتحاد الإفريقي مع باقي الشركاء، هو "انتهاك لقرارات رؤساء الدول الأفريقية المشرفة على هذه المشاركة"، مشيرا إلى أن اعتماد عدم إقرار مشروع "الاستراتيجية والإطار السياسي لشراكات دول الاتحاد الأفريقي"، يتزامن مع فعالية دبلوماسية مغربية على الصعيد القاري.
أكدت المداولات الأخيرة لمجلس الأمن حول مستقبل عملية التسوية الأممية لنزاع الصحراء الغربية، الدور المركزي لأزمة العلاقات المغربية الجزائرية في استمرار حالة الغموض الشديد الذي يلف مستقبل هذه العملية، وهي خلاصة عززت خلاصة سابقة ارتبطت بالفشل الذي منيت به جهود عقد القمة المغاربية في يونيو/ حزيران 2002، وكلها تحيل على أن دراسة العلاقات المغربية الجزائرية هي بمثابة المفتاح لفهم مختلف المشكلات التي يعرفها الوضع المغاربي، إنْ على مستوى مشكلة الصحراء أو على مستوى العلاقات بين دوله، وكذا مسلسل الاندماج المغربي المعطل أو مستوى التفاعل مع السياسات الأوروبية والأميركية الموجهة للمنطقة. وعلى الرغم من فترات التعاون والهدوء النسبي التي عرفتها العلاقات، فإن السمة الغالبة لها منذ حصول الجزائر على استقلالها في 1962 هي التوتر والاحتراب، مما يكشف عمق الأسباب المنتجة لهذه الوضعية وتعقد الملفات المطروحة على البلدين اللذين اقترابا في محطات سابقة، من حافة المواجهة العسكرية المفتوحة، عاد
في حديثه إلى صورة الجزائر على المستوى الخارجي، موردا أن الجارة الشرقية للمغرب فقدت موقعها في إفريقيا وفقدت حليفا مهما هو نيجيريا، ولا شك أن جنوب إفريقيا ستحذو حذوها هذه الأخيرة في الابتعاد عن معاكسة المغرب.
رفض المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي ا
وتبحث الجزائر جاهدة تأمين تواجد البوليساريو ضمن شراكات الاتحاد الإفريقي، لا سيما بعد استشعرت خطورة قرب طرد الجبهة من المؤسسة، في ظل ارتفاع أعداد داعمي مغربية الصحراء، ما يعني قرب اكتمال النصاب القانوني الذي يجيز طرد البوليساريو.
فحضور البوليساريو داخل المؤتمرات والاجتماعات التي يحضرها الاتحاد الأفريقي مع شركائه في أوروبا وآسيا وغيرهما، يضمن بشكل صريح ألا يكون هناك اعتراض على مشاركة الجبهة الانفصالية، سواء من طرف المغرب أو دول أفريقية أخرى ترفض وجود الكيان داخل هياكل الاتحاد.
تحركات تأتي في سياقات مختفلة إبرزها مطالب مجموعة من الشركاء إبعاد البوليساريو عن اجتماعات بين مختلف المؤتمرات الدولية، آخر في القمة اليابانية الإفريقية شهر غشت الماضي، وكذا أعمال القمة السادسة للاتحاد الافريقي – الاتحاد الأوروبي في فبراير 2022، حيث عمم الاتحاد الأوروبي بيانا جدد فيه التأكيد على موقفه الثابت والراسخ بعدم اعترافه بالجمهورية الوهمية، لافتة إلى أنه "استشعارا للإزعاج الذي سببه حضور غالي فيه داخل المؤسسات الأوروبية، كان على المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي التأكيد على أن هذا الموقف لا يشوبه أي غموض".