الفاعل السياسي يُفترض فيه خصال التجربة والحكمة قبل اتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، تشبع هذا الشخص المتشبع بثقافة المسؤولية يمنحه قدرة على تدبير الأمور وقراءة آثار التصريحات في أبعادها المختلفة قبل النطق واتخاذ القرار دونما عواطف أو انسياق وراء رد الفعل غير المحسوب أو الشطط الخطابي. الجدل وزلات اللسان ورمي الكلام دونما قراءة جيدة لتبعاته، خاصة إذا ما أتى على لسان مسؤول حكومي، ربما يليق به وصف "اللعب بالنار في كومة تبن" بمعنى لا أحد يدري ما قد يخلفه ويجر وراءه من تبعات قد ينهي بصيص الثقة في المؤسسات ويزيد الهوة بين الشعب والحكومة أكثر اتساعا. الخرجة الأخيرة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، أثارت جدلا كبيرن، عندما تحدث أنه أرسل إبنه الذي نجح في امتحان مزاولة المحاماة إلى دولة كندا للدراسة وحصوله على إجازتين بها، لأن أباه "عبداللطيف وهبي" "لاباس عليه"..يتحدث وهبي أمام الصحافة بنبرة المتعالي والساخر على الراسبين في امتحان مزوالة المهنة وعلى ما انتقد نجاح ابنه أو رد فعل على شبهات محسوبية في عمليات التنقيط والاختيار. كثيرون لا يرون إلى خرجة وهبي أنها زلة لسان وإنما سقطت أخلاقية توجب إبعاده عن الحكومة، على اعتبار ما نزع قوله إلى انزلاق تحول حديثه إلى مادة للسخرية السوداء وفضيحة أوقعت حكومة عزيز أخنوش في حرج، وهي الموضوعة فيه أصلا. حديث وهبي هو إقرار ضمني بفشل منظومة التعليم في المغرب، وعليه قرر إرسال إبنه إلى كندا غير أنه تناسى بأن المدرسة العمومية هي من أوصلت وهبي لأن يكون اليوم وزيرا ويشغل منصبا رفيعا يخاطب من عليه المغاربة أن تعليمهم فاشل وأن امتلاكه المال أسهم في نجاح إبنه الدراسي والمهني. وهبي الذي يأخد قسطا وافرا من الجدل في الحكومة، تعدد زلاته، فبعدما أنهى عام 2021 على وقع إشهاره لصفته وزيرا للعدل، أمام المدير الإقليمي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- بتارودانت، خلال تدشين أحد المرافق الثقافية بالمدينة. حيث خلد مقطع فيديو، لا يتجاوز ثلاثين ثانية، تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، الواقعة حين خاطب وهبي المسؤول عن الشأن الثقافي قائلا: "واش أنا وزير العدل، جاوبني على السؤال وشرح لي"، حينها أجابه المدير الإقليمي: "على راسي وعيني"، ليعود الوزير مخاطبا "راني وزير العدل على راس كولشي، أنا وزير العدل، اشنو الدور ديالي، هو الأمن هو المحاكم، يعني المؤسسات كلها معايا"، حينها انحنى قليلا نحو المسؤول الإقليمي "كنعرف التقاشر ديالك أشمن لون". وفي سنة 2022 حاول فيها وهبي خطف الأضواء التي كادت أن تبعده إلى الظل بعد تردد حديث قوي عن تعديل حكومي سيطيح به، ثم دفاعه عن مغنى الراب "طوطو" في حفله المثير للجدل بالرباط، وصولا إلى صدام قوي مع جميعة هيئات المحامين حول مشروع قانون المالية وما يتضمنه من إجراءات ضريبية، قبل أن ينتهي الصدام بجلسة توافقية تصدرت مخرجاتها امتحان مهنة المحاماة الذي أفضى إلى نتائج وصفها كثيرون بغير الواضحة والشفافية والتي افتقدت عنصر الكفاءة.