لم تمر إلا أيام قليلة عن زيارة وزيرة الخارجية الفرنية إلى المغرب وتصريحاتها عن الموقف الثابت لبلادها من ملف الصحراء وتأكيدها أن الرباط يمكن التعويل على باريس في القضية التي عمرت طويلا. تصريحات حركت الدبلوماسية الجزائرية لمحاولة جر الموقف الفرنسي لصالحها أو على الأقل وضعه في منطقة الغموض مرة ثانية، ذلك ما ظهر جليا من الاتصال الذي جرى بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إمانويل ماكرون. بيان للرئاسة الجزائرية أورد أن عبد المجيد تبون تلقى مكالمة هاتفية من إيمانويل ماكرون، تطرقا فيها إلى "العلاقات الثنائية ووجهات النظر بخصوص الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل وقضايا إقليمية ودولية ذات الاهتمام المشترك". وبالرغم أن المكالمات الهاتفية بين الرئيسين متواصلة منذ فترة طويلة لكن توقيتها الحالي الذي يأتي مباشرة بعد تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في الرباط حول الصحراء المغربية، يبدو أنها أحيت من جديد الموقف الفرنسي الذي ظل في الفترة الأخيرة ساكنا بفعل الأزمة بين الرباطوباريس، وهو ما يمكن أن يثير حساسية الجزائر الرافضة بقوة لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وتحاول فرنسا الاحتفاظ بنفس موقفها من هذه القضية، لأنها تعلم أن أي تغير في الاتجاهين سيؤدي إلى الإضرار بمصالحها سواء مع الجزائر أو المغرب. لكن الرباط، كانت ترغب أن يتعدى الموقف الفرنسي مجرد مساندة المقترح إلى الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، خاصة بعد أن قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الإقدام على هذه الخطوة أواخر العام 2020، وهو ما لم تتجاوب معه باريس. العلاقات الفرنسية المغربية تمر في الشهور الأخيرة في أحلك ظروفها وفتروها أرخى بظلاله الباردة على سماء البلدين، حيث انقطعت الزيارات الرسمية وتجاوز ذلك إلى سحب السفراء بشكل غير معلن، وتشديد باريس القيود على التأشيرات الممنوحة للمغاربة، لكن الأسباب السالفة الذكر هي نقطة أفاضت كأس العلاقات العامر بحسابات السياسية المرتبطة بملف الصحراء. ومما ذكرته وزيرة الخارجية الفرنسية عند زيارة المملكة خلال الأسبوع الماضي، أن موقف بلادها من قضية الصحراء المغربية لم يتغير، وأنه يمكن للمغرب أن يعتمد على دعم فرنسا، حسب قولها، ومشيرة في لقاءها مع وزير الخارجية ناصر بوريطة أن موقف فرنسا بخصوص مقترح الحكم الذاتي، يدعم المغرب.ومؤكدة كذلك أن "بلادها أظهرت في الأممالمتحدة حتى في الوقت الذي كنا فيه الوحيدين الذين لديهم الإرادة لتطوير بعض الأفكار".