"ماذا يأكل المغاربة اليوم؟" سؤال يبدو في شكله بسيطا لكن الإجابة عنه معقدة تدخل المتعمق فيها متاهات لا نهاية لها، يتشابك ويتداخل فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لكن الخيط الناظم بينها هو العولمة كما يجمع على ذلك أغلب من تحدثت إليهم "الأيام" لإعداد هذا الملف. لا تكاد تخلو مواقع التواصل الاجتماعي من صور الموائد المزينة بمختلف الأطباق وأشهاها بأشكال فنية تثير متعة الناظرين وتسيل لعاب الجائعين لكن السؤال الأهم هو القيمة الغذائية لكل هذه الأصناف التي تغذي العين وتجوع الجسم وتحرمه من حاجاته اليومية الأساسية. سؤال تغذية المغاربة اليوم لا يهدف إلى تقديم إجابة جاهزة يصعب بلوغها في هذا الحيز الضيق بل يعكس حاجة ملحة إلى مراجعة شاملة لنظام حياتنا أمام التحولات التي فرضتها العولمة المتوحشة التي أدخلتنا في دائرة استهلاكية قاتلة. شهد المجتمع المغربي، كغيره من المجتمعات، تحولات عميقة انعكست على مختلف جوانب حياته وعلاقته مع محيطه، وكان طبيعيا أن تتأثر كذلك أطباقه وما يتناوله على موائده اليومية. فرضت ظروف العيش المعاصر وخروج الزوجين معا للعمل واقعا جديدا، كما يقول الباحث عبدالواحد الشريع ل»الأيام»، وقد انعكس هذا بالطبع على عادات الأكل حيث اتجه الجميع للأكلات السريعة غير المغذية خارج البيت، إذ لا وقت أمام كثير من العائلات للطهي في المنازل. لقد فرض نظام الحياة السريعة والمدنية والتحضر والعولمة إيقاعه على الجميع وباتت المأكولات السريعة منتشرة بكثرة وبات الاهتمام أكثر بالمكملات الغذائية التي تركز على المذاق على حساب القيمة الغذائية. والأكثر من ذلك، أن الآباء يساهمون في انحراف أبنائهم عن النظام الغذائي المغربي المتوسطي».
المظاهر أولا
عاملان آخران كان لهما دور مهم في تغير نمط التغذية عند المغاربة، الأول اقتصادي والثاني اجتماعي، فالأول حسب الشريع، دائما يكمن في ارتفاع تكاليف المعيشة والالتزامات المادية الكثيرة للعائلة مثل تحمل نفقات المدارس والكراء وغيرها من الأمور التي تستنزفها ماديا بالنظر إلى القدرة الشرائية الضعيفة المرتبطة بالأجور أساسا. أما الجانب الاجتماعي فيكمن في غلبة المظاهر الاجتماعية من خلال حرص الأسر على اقتناء الكماليات مثل الهواتف الغالية والأنترنيت على حساب الأساسيات ومنها التغذية الصحية المتكاملة. والمحصلة كما يقول الشريع أن العائلات تميل إلى التقشف في موضوع التغذية المهم فتلجأ إلى ملء الأفواه وتغليب الكم على الكيف وبالتالي أصبحت المعدة بمثابة وعاء يلقى فيها أي شيء وتترك لحالها لتتصرف لتبدأ لاحقا حالات الشكوى من كثير من الأمراض المرتبطة بالتغذية أساسا.
بحثا عن السلامة الصحية
«المغرب لا يتوفر على رؤية واضحة وسياسة عمومية مندمجة في مجال السلامة الصحية للمنتجات الغذائية»، تلك هي النتيجة الصادمة التي خلص إليها المجلس الأعلى للحسابات في تقريره سنة 2018 واضعا بذلك الأصبع على الجرح، وكاشفا عن اختلالات المشاريع الكبرى التي تهم تغذية المغاربة بسبب فساد وتلوث الخضر والفواكه واللحوم والحليب ومشتقاته. الأكثر من ذلك، أن المجلس في تقريره كشف نقاطا سوداء أخرى تزيد الطين بلة مثل آفة التهريب التي تطال الحيوانات الحية والأدوية البيطرية والمبيدات الزراعية، والنتيجة دخول مواد غذائية كثيرة مجهولة المصدر بسبب ضعف عمليات المراقبة في النقاط الحدودية.
استهانة بالمستهلك المحلي
جزء آخر صادم في تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف تهاون السلطات الصحية المغربية في مراقبة المنتجات الغذائية الموجهة للاستهلاك المحلي مقابل تشديد صارم على المنتجات نفسها الموجهة للتصدير لاستيفاء الشروط الموضوعة من قبل الدول المستوردة للأغذية المغربية. «على عكس المنتجات المعدة للتصدير (التي تمر بالضرورة عبر محطات التعبئة)، والتي تخضع لمراقبة صارمة لبقايا المبيدات الزراعية، فإن المنتجات الموجهة للسوق المحلية لا تشملها هذه المراقبة» يقول التقرير سالف الذكر في إشارة واضحة لكون الصادرات الغذائية تخضع للمراقبة أولا من قبل المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية وثانيا من مؤسسة التصدير المعروفة ب Morocco Foodex. في مارس الماضي سحبت السلطات الهولندية البرتقال المغربي من أسواقها بعدما كشفت التحاليل المخبرية عن وجود بقايا مادة «الكلوربيريفوس» بنسبة 0.017 مليغرام في الكيلو غرام الواحد متجاوزا النسبة المسموح بها من قبل قوانين الاتحاد الأوروبي. وهذا الأخير بدوره سبق أن منع دخول شحنة من النعناع المغربية لبلدان الشمال سنة 2016 بسبب احتوائها على كميات هائلة من المبيدات. أما اللحوم الرائجة في الأسواق المغربية فجلها حسب التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات لا يخضع للمراقبة، حيث لاحظ المجلس من خلال زيارات متعددة لأماكن الذبح (المجازر الجماعية والمذابح القروية)، أن هذه المنشآت لا تتوفر على الوسائل الضرورية التي تمكنها من الاستجابة للمتطلبات القانونية المنصوص عليها بخصوص إتلاف المحجوزات.
المبيدات .. القاتل الصامت
إذا كانت المبيدات الزراعية شرا لا بد منه في الإنتاج الفلاحي اليوم، فإن تدبير هذا المجال ومراقبته وتقنينه يظل بعيد المنال لأسباب كثيرة، فتقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف عن عدد من الشروط التي لا تحترم من قبل المنتجين كالالتزام بالمقادير المصادق عليها والمدة الزمنية الفاصلة بين العلاج الكيميائي والجني للتخلص من بقايا المبيدات في الفواكه والخضراوات. وفي مجال منتجات الحليب ومشتقاته، أحصى التقرير ذاته 2700 مركز لجمع الحليب في مجموع التراب المغربي منها 1900 مركز تابع لتعاونيات الحليب لكن ثلاثة مراكز منها فقط تتوفر على اعتماد المستوى الصحي من المكتب.
حالات التسمم الغذائي
يشهد المغرب سنويا ما بين 1000 و1600 حالة تسمم حسب نشرة علم الأوبئة والصحة العامة الصادرة مؤخرا عن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وهو رقم يظل بعيدا عن الواقع إذا علمنا أن الحالات التي تستأثر بالاهتمام هي التسمم الجماعي في المؤسسات أو المطاعم فضلا عن كون نسبة هامة من المغاربة تلجأ للأعشاب والطرق التقليدية للعلاج. النشرة كشفت أن ما يناهز 25% من مؤسسات تقديم الطعام الخاضعة لمراقبة مصالح الصحة تهدد المستهلكين بالتسمم الغذائي بسبب ظروف التخزين غير السليمة والمواد الكيميائية التي تمثل مصدرا رئيسيا للأمراض التي تنقلها الأغذية. كل سنة يصاب شخص من بين عشرة بالمرض لتناوله أغذية ملوثة فيما يموت حوالي 420 ألفا حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، ويظل الأطفال دون سن الخامسة أكثر عرضة لخطر لتسمم الغذائي، حيث يموت كل عام حوالي 125 ألفا منهم عبر العالم. وتقدر المنظمة عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض المرتبطة بالإسهال والمتنقلة عن طريق الأغذية من الطعام والمياه بأكثر من مليوني شخص سنويا يشكل الأطفال النسبة الأكبر بينهم، في حين تتسبب الأطعمة الملوثة بالبكتيريا والفيروسات والطفيليات والمواد الكيماوية في ما يزيد عن 200 نوع من الأمراض أقلها الإسهال وخطرها السرطان.
التعديل الوراثي .. فراغ قانوني
سجل المجلس الأعلى للحسابات غياب إطار قانوني لاستخدام المواد المعدلة جينيا، «وذلك بالرغم من استمرار الجدل على الصعيد الدولي حول المخاطر التي قد يمثلها استعمال هذه المواد على صحة المستهلك». ويعد استيراد المواد الغذائية المتضمنة لعناصر معدلة جينيا ممنوعا في المغرب بحكم القانون، «لكن يتضح أنه يتعذر في الوقت الحالي على السلطات الصحية التحقق من تضمن المواد الغذائية المستوردة لعناصر معدلة جينيا إذا لم يكن ذلك مشارا إليه صراحة في عنوان المنتج» حسب التقرير دائما. الفراغ التشريعي في هذا المجال يترك الباب مشرعا أمام شركات الأغذية العالمية لاكتساح السوق المحلي المغربي بمنتجاتها دون رقابة، وكذا شأن البذور المستوردة من دول أخرى والتي يروج أنها لا تصلح للزراعة إلا مرة واحدة مما يجعل الفلاح رهينة في أيدي الشركات مع بداية كل موسم. ولعل وصف الأغذية المعدلة جينيا بأسلحة الدمار الشامل كاف لكي يمنحنا فكرة واضحة عن مخاطر هذه المنتجات التي تقف وراءها شركات عالمية عملاقة همها الأول الربح المادي والسيطرة على الأسواق في مختلف القارات.
خيار استراتيجي مكلف
أصبح مصطلح «الأمن الغذائي أكثر تداولا بعد جائحة كورونا التي أفرزت معطيات صادمة لمجموعة من الدول بما فيها المغرب الذي أصبح أمنه الطاقي والغذائي في خطر لأسباب مختلفة ومتشعبة، مرتبطة أساسا بعدد من الخيارات الاقتصادية التي ظهرت كلفتها الباهظة حاليا. «أهملنا زراعة الحبوب والقطاني وحتى زراعة المنتجات المدرة للزيوت وراهنت السياسة المغربية على الإنتاج الموجه للتصدير فضلا عن مضاعفة الجهود العلمية المتمثلة في علم الوراثة لتحسين إنتاج مجموعة من الثمار وتكثيرها على حساب الجودة والمنتجات المحلية المتميزة بمذاقها الخاص، فالخبز الأبيض مثلا يشكل تهديدا على صحة الناس في حين يصنف الشعير باعتباره وحدة علف كاملة ومرجعية. أجدادنا عاشوا بصحة أفضل من جيلنا والسبب واضح (طعام طبيعي وطهي في أواني فخارية) يقول المهندس الزراعي فؤاد شعيب ل»الأيام». وفي السياق ذاته يقول الشريع: «تأخرنا في الانتباه لمعضلة المياه بعدما سمحنا باستعمال الفرشة المائية لمدة طويلة في حين أنها تعتبر مخزونا استراتيجيا غير قابل للاستخدام اليومي خصوصا من قبل منتجي المواد الغذائية الموجهة للتصدير والنتيجة أننا كنا نصدر المياه فعليا. الاتفاقيات التجارية المجحفة والتغير المناخي والأنانية وغياب بعد نظر كلها أوصلتنا لهذه الحالة».
إبراهيم اليوسفي المختص في أمراض النباتات والتحسين الوراثي للحبوب : «بوشكارة» دمر ثوابت الإنتاج الفلاحي المحلي
أرجع الدكتور إبراهيم اليوسفي، المختص في أمراض النباتات والتحسين الوراثي للحبوب، معظم المشاكل التي يواجهها المغرب بخصوص إنتاجه الفلاحي من الحبوب إلى موجة تكثيف الإنتاج التي انطلقت في الستينات والسبعينات على حساب الجودة، كما ساهم لوبي الاستيراد في تفاقم المشكل من خلال تهميش الأنواع المغربية الأصيلة. وأوضح اليوسفي في حديث ل»الأيام» أن التهافت على الإنتاج وإغراق السوق بمنتجات مستوردة لأغراض تجارية صرفة أضر بالأنواع المحلية المتميزة بجودتها العالية مثل «النسمة» في صنف القمح الرطب و«بوشفرة» في صنف القمح الصلب الذي كان يصنع منه الكسكس وباقي المعجنات. «المغرب يتوفر على كل الإمكانيات التي تضمن له تحقيق نتائج متميزة في مجال الإنتاج الفلاحي خصوصا من الحبوب، لكن «بوشكارة» وغياب إرادة سياسية عند أصحاب القرار عوامل تتسبب في فقدان المغرب لسيادته في مجال حيوي جدا كان يعتبر رائدا فيه ومازال يملك المقومات التي تخول له الريادة. أحس بالغبن عندما أرى التطور الحاصل في أستراليا حاليا التي استفادت من خبرات دول منها المغرب ومازالت أتذكر زيارة البعثات الأسترالية لبلادنا من أجل الاستفادة منا في المجال الفلاحي». يضيف اليوسفي. وانتقد المختص في أمراض النباتات بعض الخيارات التي استنزفت الفرشة المائية مثل ترحيل زراعة الدلاح إلى شيشاوة وزاكورة في حين أن هذا النوع يتطلب زراعته في المناطق السقوية والأمر نفسه يتعلق بخيار أشجار الأفوكا التي تتطلب موارد مائية كبيرة يمكن أن تخلق مشكلا في المخزون المائي للبلاد، مذكرا بكون مشكل المياه كان مطروحا منذ مدة طويلة وليس وليد اليوم. «الحل للخروج من هذا الوضع يتطلب الاعتماد على الزرع المباشر كما فعلت بعض الدول الأخرى وكذا العودة إلى بنك الجينات الخاص بالأنواع المغربية وتكليف الباحثين بتطويرها لتقاوم التقلبات والأمراض في أفق زمني محدد يمكن أن يصل إلى 5 أو 10 سنوات. هذا كله يستدعي استراتيجية متكاملة يقودها خبراء في المجال لهم دراية وعلم وغيرة على البلاد». يختم اليوسفي حديثه ل»الأيام».
«الأونسا» تراقب غذاء المغاربة بعين بصيرة ويد قصيرة
يعتبر المكتب الوطني للسلامة الصحية (ONSSA) أهم الوسائل التي تعتمدها الدولة المغربية لمراقبة المواد الغذائية في مجموع التراب الوطني منذ تأسيسه سنة 2010 بهدف إرساء نظام وقائي ضمن منظومة متكاملة للمراقبة. واعتبارا للمهام الكثيرة والمتنوعة المناطة به، فإن النقص في الموارد البشرية يؤثر سلبا على مردوديته في مجال بات يحظى بأهمية بالغة خصوصا في السنوات الأخيرة. وحسب المعطيات التي حصلت عليها «الأيام» من المكتب فقد أجرت مصالحه سنة 2021 ما يقارب 9916 زيارة في حين بلغت إلى حدود يونيو من السنة الجارية 4034 زيارة صحية ميدانية للوحدات المرخصة أو المعتمدة، للتأكد من أن الشروط اللازمة التي سلم على أساسها الترخيص أو الاعتماد ماتزال مستوفاة، وأسفرت هذه الزيارات عن سحب 116 ترخيصا صحيا سنة 2021 و53 ترخيصا خلال سنة 2022. وفي إطار الرصد والمراقبة للمنتجات الغذائية، تهدف هذه الحملات بالأساس للتأكد من تطبيق واحترام القوانين، حيث أخضعت المصالح الخارجية للمكتب سنة 2021 ما يناهز 16567 عينة من المنتجات الغذائية للتحاليل والأبحاث المخبرية اللازمة وحررت على إثرها 501 محضر وحجزت وأتلفت 5420 طنا من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك. وأسفرت نتائج مراقبة المواد الغذائية والمضافات المستوردة خلال سنة 2021 عن مراقبة ما يقارب 4 ملايين طن من المواد الغذائية وما يناهز 50 ألف طن من المضافات الغذائية وأرجعت 3300 طن من المواد الغذائية و630 طنا من المضافات الغذائية. وحسب المعطيات التي حصلت عليها «الأيام» من المكتب دائما فقد سجلت مصالحه التزاما أكثر من قبل المنتجين في ما يخص المطابقة مع شروط السلامة بعد إخضاع ما يفوق 1400 عينة من الخضر والفواكه والنباتات العطرية على الصعيد الوطني للاختبار سنة 2020 مقابل أزيد من 2100 عينة سنة 2021. وفضلا عن إنذار الفلاحين وتحرير المخالفات بحقهم فقد أتلفت مصالح المكتب أزيد من 30 طنا من المحاصيل الزراعية غير المطابقة للمواصفات سنة 2021 وأرسلت أكثر من 40 إشعارا للمسؤولين عن أسواق الجملة والمحلات التجارية الكبرى.
دقوا ناقوس الخطر فوجدوا أنفسهم في المحاكم
خراطي: الثروة الجينية المغربية مهددة لذلك طالبنا بإنشاء بنك خاص لها
ينطلق الحديث مع بوعزة خراطي رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك من مكونات الموائد المغربية، وينتهي بالسيادة الغذائية في عمقها الاستراتيجي المرتبط بالخيارات السياسية والفلاحية والاقتصادية للمغرب، ودورها في تحديد نوعية المنتجات الغذائية التي تصل إلى بطون المغاربة. هو موضوع متشعب ومتشابك يكشف خراطي، من موقعه، باعتباره يمس صحة المستهلك وجيبه ومستقبل أطفاله والذي يتطلب بحث علميا من أجل لملمة كافة خيوطه. ما هي أهم مخاطر المنتجات الغذائية التي تصل إلى موائد المغاربة اليوم؟ المواد الغذائية مختلفة، منها النباتية ومنها ذات الأصل الحيواني وهناك المواد المصنعة المحولة مثل المربى. والمواد الحيوانية عموما تخضع للمراقبة البيطرية الإلزامية. المواد الغذائية منها البيولوجية التي يخضع إنتاجها لدفتر تحملات من وزارة الفلاحة ومنها الطبيعية المنتجة بالطريقة العادية دون مبيدات ومواد كيماوية، أما المنتجات الأخرى المستهلكة بكثرة فتستعمل فيها الأسمدة والمبيدات والهرمونات وعدة مواد عن طريق السقي أو في الأرض من أجل توفير منتوج بكمية كبيرة في السوق. استعمال المبيدات يخضع لمجموعة من الشروط الخاصة بطرق الاستعمال والمدة الزمنية اللازمة للتخلص من هذه المواد الخطيرة سواء تعلق الأمر بالخضر أو الفواكه، ونجد أن بعض الضيعات الفلاحية تحترم هذه المقتضيات في حين أن أخرى تخرج المنتجات إلى السوق مباشرة بعد الجني، فتراكم هذه المواد في جسم المستهلك مما يؤدي إلى ظهور سرطانات أو أمراض أخرى. ما مدى خضوع هذه المواد للمراقبة من قبل السلطات المختصة؟ المنتوجات الزراعية ذات الأصل النباتي التي توجه للسوق الخارجي تخضع للمراقبة من قبل المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية ومؤسسة التصدير المعروفة ب FOODEX أي أنها تراقب مرتين قبل بيعها في حين أن المواد المباعة في السوق المغربية لا تخضع للمراقبة، إلا إن كانت موجهة للقطاع الصناعي كالمشمش مثلا قبل تحويله إلى مربى، لكن ما كل هو طري من الخضراوات والفواكه لا تطاله المراقبة الإلزامية بسبب خلل في القانون. والنتيجة أننا لا نجد المراقبين في أسواق الجملة أو محلات البيع، ولهذا فنحن في الجامعة نطالب وزارة الفلاحة منذ 2008 بتعديل النص القانوني وحسب ما سمعت مؤخرا فإن القانون 28.07 يخضع حاليا للتعديل والتحيين لسد هذا الفراغ. أما بالنسبة للمواد الحيوانية فلا تلج الأسواق إلا بعد خضوعها للمراقبة لكن للأسف نسبة 90% من قطاع الدواجن لا يخضع للمراقبة الصحية البيطرية وهذا يمثل خطرا على صحة المستهلك المغربي. هل تتوفرون على معطيات خاصة بحالات التسمم الغذائي في المغرب؟ هذا من اختصاص الجهات الرسمية مثل وزارة الصحة لكن رغم ذلك فالأرقام المعلنة لا تعكس الحقيقة، فرغم أن المرسوم الصادر في الستينات يلزم الأطباء بالتصريح بحالات التسمم، إلا أن الكثير من المواطنين يفضلون العلاج بالأعشاب أو التوجه مباشرة إلى الصيدليات أو أطباء القطاع الخاص غير الملزمين، لذلك فالمعطيات غير دقيقة. والحالات التي تثير انتباه الصحافة تتعلق بحالات تسمم جماعي في مؤسسة تعليمية أو مطعم أو غيره لذلك فالإحصائيات المتوفرة لدينا لا تمثل بتاتا الوضع الحقيقي علما بأن التسمم نوعان: الأول يتعلق بالأعراض السريعة الناتجة عن تناول مواد ملوثة والثاني هو التسمم المزمن الذي لا يظهر إلا بعد 10 سنوات أو 15 سنة فالمبيدات التي تسبب السرطان لا يظهر أثرها إلا بعد 5 سنوات فأكثر. موضوع التعديل الوراثي يطرح إشكالات كبيرة عالميا فأين بلادنا من هذا النقاش؟ أولا لا يوجد نص قانوني يمنع استيراد المواد المعدلة جينيا باستثناء دورية داخلية لوزارة الفلاحة توصي بمنع المواد المغيرة جينيا، لكن هذه المواد موجودة في السوق من الذرة والشعير والتفاح وغيرها. غير أننا لا نتوفر على مختبرات أو تجهيزات يمكنها كشف هذه المواد بسبب غياب الطلب الناتج عن الفراغ القانوني في هذا الجانب. هل هذا يحيلنا على غياب بحث علمي في هذا المجال؟ المعهد الوطني للبحث الزراعي يتوفر على أطر عالية ويتكلف بالبذور وتهجينها أما ما يتعلق بالتغيير الوراثي فهناك شركات عالمية تتحكم في البذور على الصعيد العالمي. اليوم زراعة الشعير أو الطماطم تتطلب شراء البذور كل سنة من الخارج عكس ما كان عليه الأمر في السابق والنتيجة أننا نفقد الثروة الجينية المغربية لذلك نادينا في الجامعة عدة مرات بالحفاظ على البذور المغربية باعتبارها ثروتنا المحلية. إلى أي درجة أصبحت هذه الثروة مهددة؟ إن لم نتحكم في إنتاج البذور المغربية سنفقد سيادتنا الغذائية. ومؤخرا أصدرنا بلاغا طالبنا فيه وزارة الفلاحة بتوفير البذور للفلاحين استعدادا للموسم الفلاحي المقبل لأن المغرب يستورد بذور القمح من فرنسا وهي بدورها تنتجها في أوكرانيا وبسبب الحرب الدائرة لن تكون متوفرة في السوق، لذلك دققنا ناقوس الخطر مبكرا فالمغرب عليه أن يبحث عن البذور منذ الآن قبل فوات الأوان. هناك أنواع محلية من البذور يشاع أنها اختفت من السوق…. لهذا طالبنا بإنشاء بنك خاص بالثروة الجينية لأننا نفقد تدريجيا البذور المغربية المحلية، فقبل، كان الفلاح المغربي يحتفظ بنسبة من الحبوب لزراعتها في الموسم الموالي أما الآن فحتى لو احتفظ بها فلن تنبت ويصبح ملزما باقتناء البذور من جديد وهذا يجعلنا في موقف تبعية نفقد من خللها سيادتنا. الصناعة الغذائية تعتمد بدرجة كبيرة على المواد الحافظة فإلى أي درجة هي مراقبة؟ وما مدى خطورتها على الصحة؟ فرضت العولمة إنتاج مواد غذائية في بلدان وبيعها في بلدان أخرى ولكي تحافظ هذه المأكولات والمواد الغذائية على جودتها تضاف إليها المواد الحافظة والملونة، لهذه المواد تأثير سلبي على الصحة لكن ذلك يتوقف على الكمية التي يتناولها الإنسان يوميا وتسمى الجرعة اليومية المسموح بها، وهي محترمة في كل مادة لكن تناول عدة مواد من قبل المستهلك يوميا يؤدي به إلى تجاوز الجرعة المسموح بها، وهنا تكمن المعضلة التي لا يعيها المستهلك، أحيانا تكون المواد جيدة لكنها تصبح غير قابلة للاستهلاك بسبب تفاعلها مع مواد العلب البلاستيكية التي توضع فيها. هناك مواد مسرطنة وأخرى تؤدي إلى خلل هرموني في جسم الإنسان، عموما الموضوع معقد ويتطلب الكثير من البحث. ما مدى تأثر الحبوب بالعدوى باعتبارها مكونا أساسيا في غذاء المغاربة؟ أصدرنا بلاغا سنة 2020 حول مجموع المشاكل التي تواجه إنتاج القمح من الحقل حتى وصوله إلى المستهلك، مرورا بكل مراحل الإنتاج. وتحدثنا عن عدد من نقاط الخلل والمحصلة أن فدرالية بعض الحرفيين رفعت علينا دعوى قضائية مازالت أمام المحاكم تطالبنا بالأدلة العلمية على ما ذهبنا إليه. كمية كبيرة من المبيدات تظل عالقة في القمح خلال عمليتي الحرث والتخزين لذلك طرحنا التساؤل المشروع عن مدى التزام شركات المطاحن بغسل الحبوب وتجفيفها قبل طحنها لأن عملية الغسل مكلفة وهنا يجب أن يتدخل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، ولا يعقل أن تلزم الوحدات الصناعية الصغرى بالحصول على الاعتماد الصحي في حين أن الوحدات الكبرى ملزمة بالترخيص الصحي فقط. هذا غير معقول لهذا طالبنا بإلزامية الاعتماد الصحي. كلامنا لم يعجب الحرفيين فرفعوا دعوى قضائية ضدنا. الزيتون كذلك من العناصر الغذائية المهمة في المغرب لكن ظهرت أنواع مستوردة من إسبانيا مثلا. ما مدى جودة هذه الأنواع من الزيتون؟ لا نستطيع الحكم على مسألة الجودة، لكننا نركز على أهمية الاهتمام بالمنتوج الفلاحي المحلي لتجويده وتوفيره. في هذه النقطة تحديدا علينا أن نعي أن الفلاح تغير، ففلاح زمان كان يحرث أرضه الخاصة ويولي اهتمامه لنفسه وأولاده بينما اليوم أصبحنا نتحدث عن الفلاحة التجارية فالفلاح يستفيد من الأرض ليقيم عليها مشروعا يروم من خلاله تحقيق أرباح مادية ولا يهتم بجودة البذور ولا نوعية الأشجار وقيمتها، فعندما تستنفد إمكانياتها يزيلها ويفكر في منتوج آخر. لم نعد نرى اليوم الفلاح/الكساب الذي كان متشبثا بأرضه وأشجاره وغير مستعد للتخلي عنها بأي ثمن. من خلال متابعتكم اليومية ما هي المشاكل الصحية المرتبطة تحديدا بالتغذية؟ لحد الآن لاحظنا أمرين: نقص الحديد والفيتامين (د) خاصة عند النساء. وهذا المشكل الأخير يمكن أن نربطه بالبقاء لفترة طويلة في البيوت أو ارتداء الحجاب، لكن بالنسبة لنقص الحديد فلم نصل بعد إلى تأكيد علاقة وإثباتها مع سبب معين مثل استعمال الأواني البلاستيكية أو أدوات كالمشط أو مواد التجميل أو أمور أخرى. أب الأطباء أبوقراط يقول: عالج نفسه بتغذيتك وابن سيناء يقول إن جميع مشاكل الإنسان تأتيه من فمه. وبالتالي كلما كانت للإنسان تغذية متكاملة ومتوازنة فذلك أحسن. وحذار ممن يحذرون الناس من تناول اللحوم فهي مصدر غني بالبروتينات. علاقة بموضوع اللحوم فالمسألة مطروحة بقوة خصوصا ما يتعلق بجودة الأعلاف… الأمور كلها مرتبطة ببعضها. وتتعلق بالسلسلة الغذائية ومن الطبيعي أن يتأثر الإنسان بها في النهاية. ظهر هاشتاغ مؤخرا بعنوان «سر_مهني». ما هو موقفكم من الموضوع؟ اتخذنا موقفا ضد هذه المسألة لأننا طالبنا بأن يكشف من يقفون وراء الاتهامات عن هوياتهم ويتحملوا مسؤولياتهم في الاتهامات التي يطلقونها. هناك مبالغة في تلك الأقوال بسبب السعي لخلق البوز والعوائد المادية المتحصل عليها من وسائل التواصل الاجتماعي. من يتمتع بروح المواطنة عليه أن يتوجه للسلطات المختصة أو جمعيات حماية المستهلك لفضح هذه المخالفات لأن هذه الجمعيات ملزمة بحماية المعطيات الشخصية للمبلغين ولا تكشفها إلا لوكلاء الملك بموجب القانون. إجمالا ما هي نسبة جودة أو خطورة ما يتناوله المغاربة على موائدهم اليوم؟ الموضوع متشعب ويختلف بناء على عدد من المعطيات كعادات الأكل، سواء داخل البيت أو خارجه، وكذا نوعية المواد الغذائية التي تختلف حسب المناطق من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، لذلك من الصعب التعميم. ولكن الملاحظ أن نسبة الوعي بدأت تزيد بخصوص أهمية التغذية بالنسبة للصحة.
قيمة ما يتناوله المغاربة حرارية ذوقية أكثر منها غذائية
المدغري: دخلنا مرحلة انتقالية في الهلاك
دقت سميرة المدغري الاختصاصية في التغذية ناقوس الخطر بخصوص المخاطر الجمة التي تحيط بالمستهلك المغربي، جراء ما يتناوله من مواد غذائية مختلفة، تهدد بإدخاله في نفق مظلم من المشاكل الصحية. وربطت المدغري في حوارها مع "الأيام" قدرة المغاربة على تجاوز المصاعب الصحية بالعودة إلى الأساليب التقليدية الراقية المعروفة في حوض البحر الأبيض المتوسط، والحفاظ على الموروث الثقافي الغذائي الذي يعتبر من الأفضل في العالم. ما هي أسس النظام الغذائي المغربي؟ الثقافة الغذائية المغربية من أرقى وأقدم وأحسن الثقافات الغذائية، لأننا متواجدون على سواحل البحر الأبيض المتوسط والحمية الخاصة بهذه المنطقة من الحميات المعترف بها عالميا التي تقلل نسبة أمراض القلب والشرايين وضغط الدم، غيرها لأن المغرب يتمتع بالفصول الأربعة المتنوعة وتنوع غذائي من خلال زيت الزيتون وزيت أركان والتوابل المختلفة واللحوم بمختلف أنواعها في البر والبحر، مع الفواكه والخضر. لو احترم المغاربة الثقافة الغذائية التي اعتادوا عليها من قبل لم نكن لنصل إلى الحدة التي بلغتها الأمراض اليوم. القيمة الغذائية للطبخ المغربي المتنوع عالية لكننا خرجنا من ثقافة الطاجين والسلطة وباقي مكونات اللمة المغربية. ما هي القيمة الغذائية لما يتناوله المغاربة اليوم؟ لا يمكن تعميم الحكم على جميع المغاربة، فمنهم سكان البوادي والمدن ومنهم من يحافظ على تقاليده العريقة في الطبخ ويتشبث بها وهناك من انساق وراء الوجبات السريعة. علينا أن ندق ناقوس الخطر فلو أخذنا مثلا الأرقام الأخيرة لنسبة السمنة في المغرب فإنها تظهر أن القيمة الغذائية تراجعت وأصبحت قيمة حرارية ذوقية أكثر منها غذائية، لذلك فالمؤكد أن غذاء المغاربة يتراجع. لا يكاد يخلو بيت من بيوت المغاربة من مريض بالسكر وضغط الدم، فهل لهذا علاقة بالتغذية؟ الأمر مرتبط بنمط العيش، التغذية نقطة من خمس نقاط تخول للإنسان التمتع بصحة جيدة: أكل طبيعي ونوم ترميمي وحركات بدنية وعلاقات اجتماعية وإدارة للتوتر. اليوم المغاربة يعانون من مشكل كبير يتجلى في الخمول والأكل غير الطبيعي وقلة الحركة والتوتر بسبب المشاكل الاجتماعية التي يعيشها معظمهم. وهذا كله ينعكس على نمط العيش المتغير. فالكسل والخمول يضاعف المشاكل التي تسببها التغذية. ظهرت في الآونة الأخيرة مشاكل صحية مثل فقر الدم خصوصا بعد كورونا. هل هناك مشاكل أخرى لها ارتباط مباشر بالتغذية؟ نعرف أن الغذاء في حد ذاته فقد نسبة كبيرة من قيمته لأسباب متعددة مرتبطة بالبيئة والتلوث الذي طالها، والنتيجة أن الخضر لم تعد تتكون فيها مجموعة من الأنزيمات والأملاح المعدنية. وهناك طريقة الطبخ كذلك بعدما ابتعدنا عن الطرق السليمة، باستعمال مواد مسرطنة مثل التيفلون والأولمينيوم، وهي كلها مواد تدخل للجسم سموما ضارة ومعادن ثقيلة. كما ظهر مشكل آخر يتعلق بقدرة الامتصاص التي تراجعت. هناك عامل آخر يتعلق بالمايكروبيوتيك أي عالم البكتيريا فالبكتيريا المتواجدة في القولون هي مؤسسة بكتيرية تساهم في تقوية المناعة وإنتاج مجموعة من الفيتامينات وهناك يحدث الامتصاص. وعندما تكون البكتيريا غير الصديقة طاغية على البكتيريا الصديقة هنا يحدث خلل في الامتصاص وهذا يسبب فقر الدم الذي لن تنفع معه الأدوية ما لم يعد النظر في طريقة العيش بالاعتماد على المايكروبيوتيك المتواجد في الخميرة البلدية والسمن والرايب. نقص الامتصاص يتسبب في فقر الدم ونقص الفيتامين (د) والماغنيزيوم والكروم. فالأشخاص الذي يوجدون في مرحلة ما قبل السكري والمؤهلين للإصابة به لديهم مشكل في الكروم فيصبحون عرضة لمرضي السكري والسمنة. بعد كورونا ظهر أن سوء الامتصاص للأسباب السالفة الذكر يصعّب مهمة الاستفادة من المعادن والفيتامينات التي تتوزع عبر القولون إلى جميع الخلايا. هناك جانب آخر يتعلق بمخاطر الأسمدة والمبيدات وكذا المواد المعدلة جينيا. ما هو دور هذه العوامل في سلامة ما يتناوله المستهلك؟ الحمد لله. في المغرب لم نصل إلى مستوى أوروبا. بالتأكيد هناك التعديل الجيني المتواجد في الذرة والزرع وبعض الحبوب والخضر والفواكه، لكننا لم نصل إلى مستوى صناعي كما هو الحال في دول أخرى، لكوننا نحافظ عل بعض المعايير بفضل جهود وزارة الفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. المستهلك يتحمل مسؤوليته من جهة لكونه يشتكي من المواد الغذائية المشبعة بالمبيدات لكنه يتناول المشروبات الغازية والمواد المعلبة ويدخن لذلك فهو مسؤول عن نفسه لكي لا يزيد الطين بلة، فنحن ندرك أن هناك مشاكل في التلوث وفقدان التربة لجودتها لكن علينا ألا «نزيد الخل على الخلول» كما نقول. هناك أعضاء تخلصنا من السموم مثل الكلي والكبد ويتوجب علينا أن نتركها تشتغل بسلام لكي تتمكن من التخلص من السموم القليلة المتواجدة في بعض المواد. مازلنا في مرحلة جيدة لكن علينا أن نتوقف كي لا نصل إلى ما وصلت إليه دول أخرى. إذن هل نحن على أعتاب مرحلة الخطر؟ أنا أدق ناقوس الخطر بخصوص موضوعين كبيرين: الأول يتعلق بالغذاء فالصحة مشروع والمستهلك مسؤول عنها، فكما أن المخدرات والسجائر والمواد المسرطنة موجودة وتباع وهو حر في تناولها، فكذلك الشأن الآن بالنسبة لاقتناء الخضر التي يتعين عليه أن يقتنيها من فلاحين معروفين أو ضيعات تحترم شروط السلامة والصحة. والثاني يتعلق بتعزيز الامتصاص في القولون بتجنب المواد التي تقلل الامتصاص مثل المشروبات الغازية والعلكة، التي تؤثر على الجسم رغم تناول المواد الطبيعية. في البوادي هناك من يتناول غذاء طبيعيا لكنه يفقره بمواد كابحة للامتصاص، وإذا كنا لا نملك السيطرة على ما يأتينا من الخارج فعلينا أن نسيطر على الداخل لكي يتمكن الجسم من التخلص من السموم بطريقة أسهل. على المستهلك ألا يلعب دور الضحية بل أن يتحمل مسؤولية الاختيار في بعض الأمور. ويبقى السؤال الكبير ماذا يأكل المغاربة اليوم؟ المغاربة يعيشون مرحلة انتقالية إن لم يأخذوا بعض الأمور بحزم وتدابير صارمة فنحن في طريق الهلاك، لأن وزارة الصحة ستكون أمام أمراض مزمنة مكلفة جدا لذلك عليهم اليوم أن يركزوا على ماهية المواد التي يتناولها المغاربة، وكذا مسألة امتصاص المعادن والأنزيمات. يتوجب عليهم الحرص عند اقتناء مواد خارج البيت أن تكون بلدية مثل الزيوت والفواكه الجافة والحبوب، وطبيعية مثل الخضر والفواكه، مقابل تجنب المواد المجهولة المصدر. والمسألة الثانية تعزيز الامتصاص وتجنب السموم والاستفادة من البكتيريا النافعة، التي تعيش منذ ولادتنا إلى وفاتنا باعتدال وتوازن، وعند تناول مواد كابحة للامتصاص كالمعلبات والمواد المسرطنة والنكهات والمواد الحافظة فنحن نخرب هذا العضو غير المرئي. كما أن طريقة الطبخ هي أكبر وسيلة لإدخال السموم إلى الجسم، لأننا ابتعدنا عن الطاجين واتجهنا للمقالي واللحوم وأهلمنا الخضروات مثل البقولة والسلق والخرشف وغيرها من الخيرات الكثيرة المتواجدة بوفرة في السوق. عموما المغاربة يعيشون مرحلة انتقالية تتطلب تعزيز الحملات التثقيفية بجميع الوسائل وإيصال الرسائل إلى البيوت بأسلوب البرمجة اللغوية العصبية. من المهم كذلك تناول المكملات الغذائية في مرحلة كورونا هذه لتعزيز المناعة الجماعية التي تراجعت وتعزيزها يعتمد على المقويات مثل المعادن والفيتامينات المفتقدة في الأكل.